بات مستشفى الشفاء في غزة في قلب الحرب الجارية بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس، فقد تجدد القصف الإسرائيلي، اليوم الجمعة، في محيط المستشفى الذي يحوي عدد هائل من النازحين ويتكدس فيه الجرحى،
كما أفاد مراسل "العربية/الحدث"، بوقوع اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي والمقاتلين الفلسطينيين في محيط المستشفى الأكبر في القطاع بينما تقف القوات الإسرائيلية على بعد 500 متر من المستشفى.
وهنا تفاصيل عن المستشفى الأكبر في القطاع
يقع مستشفى الشفاء في الجزء الغربي من مدينة غزة في النصف الشمالي من القطاع حيث تتركز العمليات العسكرية الإسرائيلية. وهو عبارة عن مجمع كبير من المباني والأفنية يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من ميناء صيد صغير في مدينة غزة، وينحصر بين مخيم الشاطئ للاجئين وحي الرمال.
تبلغ مساحة المجمع الطبي، الذي أنشئ في عام 1946، 45 ألف متر مربع وهو الأكبر في غزة، وفق تقرير لوكالة "رويترز".
شُيد المستشفى خلال الحكم البريطاني، أي قبل عامين من انسحاب بريطانيا من فلسطين. وظل المستشفى قائما خلال فترة إدارة مصر للقطاع التي استمرت عقدين تقريبا بعد حرب عام 1948.
وفي عام 1967، استولت إسرائيل على قطاع غزة واحتلته وظل مستشفى الشفاء مكانا محوريا لفترة طويلة قبل سيطرة حماس على القطاع حيث كان يلجأ إليه العديد من الفلسطينيين خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية.
وفي عام 1994، أدت قوات الأمن التي كانت تسيطر عليها حركة فتح التحية للعلم الفلسطيني بعد رفعه فوق المستشفى عندما مُنح الفلسطينيون حكما ذاتيا محدودا في غزة خلال عملية أوسلو للسلام.
ثم انتقلت السيطرة الفعلية على المستشفى بعد ذلك من السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها فتح إلى حماس بعد الفوز المفاجئ الذي حققته الحركة في انتخابات عام 2006، وبسط نفوذها العسكري على غزة عام 2007.
الأكبر بالقطاع.. لكن!
وتم توسيع المستشفى خلال الإدارة المصرية، ومرة أخرى تحت حكم الإدارة الإسرائيلية في الثمانينات. خلال تلك السنوات جرى إنشاء قسم للطب الباطني وجناح جديد للجراحة، وبعد ذلك أضيفت مبان جديدة لطب الأطفال وطب العيون وكذلك أقسام للتوليد وأمراض النساء.
كما يعتبر مجمع الشفاء أكبر مستشفى في القطاع بسعة تصل إلى 700 سرير طبي، لكن حاليا "يتوفر سرير واحد تقريبا لكل اثنين من المرضى، وقسم الطوارئ والعنابر مكتظة، ما يتطلب من الأطباء والعاملين الطبيين علاج الجرحى والمرضى في الممرات وعلى الأرض وفي الهواء الطلق"، بحسب منظمة الصحة العالمية.
في الوقت الحالي يضم المجمع ثلاثة مستشفيات هي الجراحة والأمراض الباطنية والنسائية والتوليد فضلا عن قسم للطوارئ والعناية المركزة وغيرها، ويعمل فيه نحو 1500 موظف، ثلثهم أطباء.
"سيموت كل المرضى"
وفي وقت سابق اليوم، عبر مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية عن مخاوفه من قصف إسرائيل للمستشفى، قائلا "نخشى أن يقصف الاحتلال المستشفى ويدمره على رؤوسنا".
كما قال أبو سلمية إن مخزون الوقود سينفد غدا، محذرا من أنه "بعد عشر دقائق من انقطاع الكهرباء سيموت مرضى التنفس الاصطناعي جميعهم"، بحسب وسائل اعلام محلية.
وأضاف "استنفدنا كل قطرة وقود في قطاع غزة وهذا تحذير أوجهه للعالم... المجتمع الدولي لم يقدم لنا أي شربة ماء ولا لتر وقود ونحن في أزمة حقيقية".
2500 مصاب في 700 سرير فقط
هذا ويقول الأطباء في المستشفى إن الطاقم الطبي يعالج حوالي 2500 مصاب في منشأة تتسع لحوالي 700 سرير فقط.
وأظهرت مشاهد مروعة من المكان تكدس عشرات الجثث، فضلا عن الجرحى في أروقة وباحة المجمع.
ولجأت الكثير من العائلات في غزة إلى مستشفى الشفاء لتفادي القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ السابع من أكتوبر.
وفقا لمسؤولي الصحة في القطاع، لجأ ما بين 50 و60 ألف شخص إلى المستشفى وحوله، كما أقامت بعض العائلات أيضا خارج حرم المستشفى مباشرة.
كما يحتمي آلاف النازحين من سكان غزة بخيام مصنوعة من القماش في مرآب سيارات المستشفى وينامون في الممرات أو على الدرج ويقضون ساعات اليوم على سلالم المستشفى وينشرون الغسيل على الأسطح دون أن يتركوا أي مساحة خالية داخل المنشأة الطبية.
اتهام إسرائيلي
ويتهم الجيش الإسرائيلي حركة حماس باستخدام مستشفى الشفاء غطاء لإخفاء مداخل الأنفاق ومراكز العمليات.
وتقول إسرائيل إن أفرادا من سلاح المهندسين يستخدمون المتفجرات لتدمير الأنفاق في شبكة حماس الواسعة تحت الأرض.
وأصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي صورا ورسوما بيانية وتسجيلات صوتية يقول إنها تظهر أن حماس تستخدم مستشفى الشفاء لإخفاء مواقع قيادة ونقاط دخول إلى شبكة الأنفاق واسعة النطاق أسفل القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي إن هذه الاستراتيجية تهدف إلى عرقلة الهجمات الإسرائيلية على حماس وجعل سقوط ضحايا من المدنيين أمرا لا مفر منه عند استهداف مسلحي الحركة.
حماس تنفي
في المقابل، نفت حماس والسلطات الصحية ومديرو مستشفى الشفاء إخفاء الحركة بنية تحتية عسكرية داخل مجمع المستشفى أو تحته، وقالوا إنهم سيرحبون بتفتيش دولي للمنشأة.
وأكدت حماس أن الأنفاق التي أشار اليها الجيش الإسرائيلي هي مخزن للوقود إضافة إلى غرفة تحت الأرض.
هيومن رايتس تنفي مزاعم تل أبيب
من جانبها، أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الجمعة أنها لم تجد ما يؤكد مزاعم الجيش الإسرائيلي بشأن اتخاذ حركة "حماس" من الطوابق السفلية لمستشفى "الشفاء" بمدينة غزة مقرات لها.
هذا وتقصف إسرائيل غزة جوا وبحرا وبرا منذ أن اخترق مسلحون من حماس السياج الحدودي للقطاع في السابع من أكتوبر تشرين الأول، ونفذوا هجوما قالت إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1400 شخص، واحتجاز نحو 240 آخرين.
ويقول مسؤولون فلسطينيون إن أكثر من 11 ألف شخص قتلوا في غزة منذ أن بدأت إسرائيل حملتها العسكرية، وإن مستشفيات غزة تواجه صعوبات تتمثل في نفاد الإمدادات الطبية والمياه النظيفة والوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء.