تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة، في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبل، الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP28)، وذلك في مدينة إكسبو دبي، في حدث يُعد أحد أكبر وأهم التجمعات الدولية في العام 2023، ويحظى بمتابعة واهتمام الكثيرين من كافة أنحاء العالم.
وتأتي أهمية انعقاد (COP28) في دولة الإمارات لدورها الرائد والمتميز على صعيد العمل المناخي الدولي، حيث تتصدر العمل على تحقيق الالتزامات الدولية المعنية بتضافر الجهود لحماية الدول والمجتمعات الإنسانية من آثار وتبعات انعدام العدالة المناخية، وبالتزامها كأول دولة في المنطقة تصادق على اتفاق باريس للمناخ لعام 2015، ووضع استراتيجية وطنية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، واستثمار ما يزيد على 100 مليار دولار في مشروعات للطاقة النظيفة في 70 دولة، إلى جانب استضافتها للأحداث العالمية المعنية بحماية المناخ، بالإضافة إلى التزامها بمكافحة تغير المناخ ضمن منظومة متكاملة من الاستراتيجيات والتشريعات والمبادرات والمشاريع الخاصة.
ويتوقع أن يكون المؤتمر محطة حاسمة من أجل توحيد جهود العالم حول العمل المناخي الفعّال، وإحراز تقدم ملموس بشأن العمل المناخي العالمي، وإعطاء دفعة كبيرة للجهود الدولية الساعية إلى تنفيذ التعهدات والالتزامات الخاصة بمواجهة التغيرات المناخية.
وبحضور أكثر من 160 رئيس دولة وحكومة و85 ألف مشارك وأكثر من خمسة آلاف من ممثلي وسائل الإعلام الحاصلين على الاعتماد الإعلامي الرسمي من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، يسعى المؤتمر لبناء توافق في الآراء، وإحراز تقدم ملموس في العملية التفاوضية بين الأطراف.
ويكتسب المؤتمر أهمية خاصة، حيث سيشهد الاستجابة لأول حصيلة عالمية لتقييم التقدم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس للمناخ 2015، بما يمثل محطة هامة للاستجابة للتقارير العلمية، التي تشير إلى ضرورة خفض الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030، للحفاظ على إمكانية تحقيق هدف تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
وتجسيدًا لأهمية المؤتمر، فقد وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه "قمة للطموح المناخي"، مؤكدًا أن العالم لا يملك رفاهية الوقت لحماية المناخ، وأن هناك ضرورة ملحة للعمل على تحقيق العدالة المناخية، وتضافر الجهود من أجل حماية المناخ وتحسين ظروف حياة الدول والمجتمعات النامية والأكثر تأثراً.
وتعتبر قمة (COP28) في الإمارات الخامسة عربيًا في تاريخ قمم المناخ العالمية السابقة الممتد منذ عام 1995؛ وذلك بعد استضافة قطر لمؤتمر (كوب 18) عام، والمغرب الذي استضاف القمة مرتين؛ إحداهما في عام 2001 (كوب 7)، والثانية في عام 2016 (كوب 22)، ومصر التي استضافة القمة (كوب 27) في عام 2022.
ومنذ الإعلان عن استضافتها لمؤتمر (COP28) عملت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة على إنجاح هذا الحدث، وضمان تحقيق أوسع مشاركة في فعالياته عبر الدعوات التي وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى قادة الدول للمشاركة، إلى جانب تشكيل لجنة وطنية عليا برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية بدولة الإمارات، للإشراف على أعمال التحضير للمؤتمر.
وتبنت دولة الإمارات العربية والمتحدة العديد من الحملات والمبادرات والخطط والبرامج لضمان تحقيق أهداف المؤتمر، من بينها اعتماد مجلس الوزراء الإماراتي مبادرات لمكافحة تغيّر المناخ وحماية البيئة، متضمنة أكثر من 78 مبادرة، منها: الاستراتيجية الوطنية للتنمية منخفضة الكربون وطويلة الأمد، والنظام الإماراتي لتنظيم منتجات الطاقة الشمسية، ونظام العلامة البيئية الإماراتي، وأنظمة قياس البصمة الكربونية لقطاع الصحة، ومبادرة تنظيم إصدار السندات والأوراق المالية الخضراء والصكوك، وغيرها.
ووضعت رئاسة دولة الإمارات للمؤتمر هدفًا رئيسيًا أمامها، وهو الاستفادة من هذا الحضور الدولي الهام من أجل استعادة الزخم اللازم لتحقيق التقدم في العمل المناخي، والوصول إلى إجماع عالمي، وتقديم خريطة طريق لتحقيق تحول جذري في نهج العمل المناخي في المستقبل والوصول إلى مخرجات حاسمة عبر ركائز خطة عمل المؤتمر وهي: تسريع تحقيق انتقال منظم وعادل ومسؤول في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، والتركيز على جهود التكيف لتحسين الحياة وسُبل العيش، واحتواء الجميع بشكل تام في منظومة عمل المؤتمر.
ومن المقرر أن يبدأ المؤتمر أعماله بالقمة العالمية للعمل المناخي التي تُعقد لمدة يومين، كما يتضمن برنامج المؤتمر أيامًا جديدة تستجيب للتحديات العالمية، وسيخصص يومًا للصحة والإغاثة والتعافي والسلام لأول مرة في مؤتمرات الأطراف، كما سيكون المؤتمر الأول الذي يركز على دور التجارة والتمويل، وسيجمع قادة من كل المستويات الحكومية والمجتمعية، بما في ذلك رؤساء البلديات المحليون والقادة العالميون، لبحث سُبل تعزيز التعاون المشترك لبناء مدن أكثر استدامة وأمانًا وحفاظًا على البيئة للأجيال الحالية والمقبلة.
الجدير بالذكر، أن المسيرة الدولية لمفاوضات مكافحة التغيّر المناخي انطلقت خلال قمة الأرض التي عقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1992، وتشكلت عقب هذه القمة الهيئة الرسمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، بهدف السماح للنظام البيئي بتحقيق التنمية المستدامة، وتثبيت غازات الاحتباس الحراري في إطار زمني، ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ عام 1994، وصادقت عليها 199 جهة مشاركة من الدول والمنظمات، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وانطلقت الدورة الأولى لقمة المناخ (COP1) في مدينة برلين الألمانية عام 1995، وعقب ذلك تقرر عقدها سنويًا.