العربية. نت
البلد الوحيد الناطق بالإنجليزية في 12 دولة بأميركا الجنوبية، هو الأغنى فيها، واقتصاده هو الأسرع نموا بالعالم، ففي 2019 وحده نما 86% بحسب الوارد في تقرير أصدره "صندوق النقد الدولي" بعدها بعام، وفيه أن الدولة التي لا يزيد سكانها عن 800 ألف، كلفت شركة ExxonMobil الأميركية باستخراج احتياطات نفطية تم اكتشافها بدءا من 2013 في 12 حقلا بمياهها الإقليمية، وتزيد عن 10 مليارات برميل، وأنها تتفاءل باكتشاف مزيد من وسائل الرأسمالية الأسود في البر.

إلا أن جمهورية Guyana المجاورة لفنزويلا وسورينام والبرازيل، مهددة اليوم الأحد بالذات بخطر ماحق مصدره فنزويلا التي دعت سكانها البالغين أكثر من 30 مليونا إلى استفتاء يدعوهم إلى دعم مطالبة تعود لأكثر من 100 عام، ملخصها أن ثلثي مساحة "غيانا" البالغة 215 ألف كيلومتر مربع تعود لفنزويلا.

الاستفتاء الذي دعا إليه الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، مؤلف من 5 أسئلة، والمتوقع أن تتم الموافقة عليه بأغلبية ساحقة، على حد ما ألمت به "العربية.نت" من مطالعتها بوسائل الإعلام المحلية عن الاستفتاء المنادي بضرورة تأسيس "دولة فنزويلية جديدة" في إقليم Essequibo المتنازع عليه، وهو منطقة نائية من الغابات والأنهار مساحتها ضعف مساحة الأردن تقريبا، بحيث يصبح سكانها البالغين 108 آلاف فنزويليين.



كما سيطلب من الناخبين تأييد التعهد بأن فنزويلا "تعارض بكل الوسائل" حكم غيانا الحالي على الإقليم، لذلك يتوقع المتوقعون أن تبيض دجاجة الأزمات واحدة في المستعمرة البريطانية السابقة، بخسارة فنزويلا معظم نفطها.

والمعروف أن حكومات "غويانا" المتعاقبة، جادلت دائما بأن حدودها التي رسمتها فنزويلا في 1899 ولم تعرها أهمية إلا الآن لسبب نفطي، يجب أن تظل كما هي. وقبل شهر دعت غويانا محكمة العدل الدولية في "لاهاي" بهولندا، إلى إعلان عدم شرعية الاستفتاء الفنزويلي المرتقب. إلا أن المحكمة رفضت يوم الجمعة الماضي القيام بذلك. مع ذلك، دعت فنزويلا إلى "الامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه تعديل الوضع السائد حاليا في المنطقة المتنازع عليها".

وظهرت يوم الجمعة الماضي محللة عسكرية فنزويلية، اسمها Rocío San Miguel المعروفة كمحامية دولية وناشطة بمجال حقوق الإنسان، وقالت في بيان وزعته: "إن الحكومة (الفنزويلية) تقود البلاد إلى طريق مسدود. وما تقوم به سيؤدي حتماً إلى صراع عسكري بين فنزويلا وغيانا" سينتج عنه تدخل أميركي بالتأكيد، في ظل دعم إيراني وروسي لفنزويلا.

كما سبق أن قام رئيس غيانا، عرفان علي، وهو الرئيس المسلم الوحيد في أميركا الجنوبية، بزيارة في 24 نوفمبر الماضي لتجمعات السكان الأصليين في الإقليم، قرب الحدود مع فنزويلا، ونقل مخاوفهم من احتمال قيام الجيش الفنزويلي بغزو البلاد، وسط صمت البرازيل المجاورة أيضا لغيانا، وهو صمت مريب حتى الآن.

واشتعل الفتيل من جديد

أما جذور النزاع الحدودي بين فنزويلا وغيانا، فيعود إلى أوائل القرن التاسع عشر، عندما احتجت فنزويلا المستقلة حديثا ذلك الوقت على أن مستعمرتها المجاورة (غيانا البريطانية) كانت تتعدى على أراضيها عبر إعادة رسم الخرائط بحدود أبعد بكثير إلى الغرب من تلك التي كانت موجودة عندما كانت فنزويلا تحت الحكم الإسباني، وهي حجة أدت في 1887 إلى قطع مؤقت للعلاقات الدبلوماسية بين فنزويلا وبريطانيا.



بعدها وافقت لجنة تحكيم دولية مكونة في 1899 من 5 قضاة بريطانيان وأميركيان وروسي، على حدود جديدة، كانت قريبة من التي طالب بها البريطانيون، فقبل الجانب الفنزويلي القرار في البداية، لكنه أدانه لاحقا باعتباره غير عادل، لذلك استمر الخلاف، ثم جرت محاولة أخرى في 1966 لحل هذه المشكلة، عندما اتفقت المملكة المتحدة وفنزويلا وحكومة غيانا التي أصبحت مستقلة ذلك العام، على إيجاد حل سلمي بمساعدة الأمم المتحدة. وبحلول 2004 بدا أن المشكلة تم حلها بشكل غير رسمي، بعد أن أشار الزعيم الاشتراكي الفنزويلي الراحل هوغو شافيس إلى أن الأمر لم يعد يشكل مشكلة بالنسبة لفنزويلا خلال زيارة قام بها إلى جورج تاون، عاصمة غيانا.

ثم انقلبت الحال حين أدت الاكتشافات النفطية الهائلة في ساحل غيانا ببحر الكاريبي، إلى إشعال فتيل القضية من جديد، خصوصا بعد أن تولت شركة الطاقة الأميركية العملاقة "إكسون موبيل" التنقيب والاستخراج النفطي التجاري تحت قاع البحر، وهي اكتشافات موصوفة بأنها الأكبر في أي مكان بالعالم خلال العقد الماضي، وجعلت غيانا التي نشرت "العربية.نت" تقريرا مفصلا عنها منذ 3 سنوات تجلس على أكبر كمية من النفط للفرد في العالم.

وبدأ ضخ أول نفط في 2019 تحديدا، ومن وقتها ازدهر اقتصاد غيانا بمعدل نمو يزيد عن 40% سنويا، لمدة 3 أعوام متتالية، وسط زعم من فنزويلا التي أصبحت صناعتها النفطية في حالة قريبة من الانهيار بسبب عقود من الإدارة السيئة والفساد، من أن قسما كبيرا من هذا النفط يتم استخراجه في منطقة بحرية، للفنزويليين حق فيه.