سنحت لي الفرصة خلال مشاركتي في مؤتمر «حوار المنامة 2023»، «قمة الأمن الإقليمي الـ19»، أن ألتقي بمجموعة من المسؤولين الغربيين، وقد كان الهاجس الأول لدي في حواراتي ولقاءاتي معهم الحديث حول الوضع في غزة، وما يشهده الفلسطينيون في القطاع من إبادة جماعية، بحسب رصد وكالات الأنباء العربية والإقليمية والدولية، وما تبثه القنوات الإخبارية العربية والدولية، وكان دائماً لدي سؤال محدد للوزراء والمسؤولين في الغرب المشاركين في المؤتمر وهو: «إذا كان الغرب وأمريكا معنيين بالدفاع عن المدنيين في غزة، فلماذا ترفض الولايات المتحدة ودول الغرب وقفاً كاملاً لإطلاق النار في القطاع، وتصرّ على أن يكون وقف إطلاق النار مؤقتاً؟!».
وبعيداً عن الدبلوماسية التي نستطيع أن نكتشفها نحن الإعلاميون والصحافيون بسهولة من خلال الحوارات واللقاءات مع الوزراء والمسؤولين بشكل عام، ومع مسؤولين في الغرب بوجه خاص، كانت الإجابات صادمة، بل كشفت مدى ازدواجية الغرب في التعامل مع حرب غزة، وفي هذا الصدد يحق لنا أن نسألَهم ونسائِلَهم: «ما لكم كيف تحكمون؟!»، بل ربما نستطيع أن نصف الردود والتبريرات بأنها «القسمة الضيزى» بحذافيرها، حيث ظهرت تلك بجلاء من خلال تعامل الغرب مع الأوضاع في أوكرانيا في حربها مع روسيا، وكيف كان هناك تضامن غربي واسع مع الشعب الأوكراني، في حين نجد الدعوات الخجولة من الغرب تجاه إخواننا الفلسطينيين في غزة وهم ينتظرون يومياً الموت القادم من السماء.
ولقد كانت الردود على أسئلتي خلال أيام المؤتمر غريبة وعجيبة، بل غلب عليها التباين في المواقف، خاصة مع «سذاجة التبرير» التي غلبت على إجابات المسؤولين في الغرب، ومن بين «سذاجة التبرير»، أنه «لابد من القضاء على جماعة «حماس» الإرهابية في غزة» -حتى وإن كان ذلك على حساب المدنيين الأبرياء في القطاع- ثم يأتي المبرر الساذج الثاني بأنه من «حق إسرائيل أن تحافظ على سيادتها» -حتى وإن قصفت النساء والأطفال والعجائز وأدى ذلك إلى استشهاد أكثر من 15 ألف مدني وإصابة أكثر من 40 ألفاً- ولقد كان المبرر الثالث الساذج الأكثر عجباً حينما زعم المسؤولون أن بلادهم لا تقدر على فرض وصاية على إسرائيل بوقف إطلاق النار حتى وإن كانوا يتمنون ذلك أو يدعون إلى ذلك -رغم أن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع-.
لم أتعجب كثيراً من مواقف دول الغرب تجاه ما يحدث من إبادة جماعية في غزة، خاصة وأنهم يزعمون أنهم يناصرون ويحمون حقوق الإنسان لكن على العكس هم أكثر من ينتهكون حقوق الإنسان، لكنها الفضيلة التي يركنون إليها لاسيما مع محاولات وصم العرب والمسلمين دوماً بـ«الإرهاب».