سكاي نيوز عربية
يؤثر تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتدهور البيئي بشكل عام على الاستجابة البشرية للإنسان تجاه الأمراض وناقلات العدوى مثل لدغات البعوض، ومع أهمية الاعتدال المناخي يؤكد باحثون على ضرورة التعاون العالمي لدرء الأمراض التي يغذيها المناخ.
"يمكنها شم رائحتنا".. هكذا يصف العلماء أنواعا من البعوض ناقلة للأمراض المعدية الخطيرة التي كانت مسؤولة عن تفشي أوبئة في السنوات العشر الأخيرة.
باحثون بريطانيون في جامعة لانكشاير بالتعاون مع المجموعة الصحية العالمية التابع لمركز برشلونة للتكنولوجيا، يدرسون كيفية تكيف الحشرات المختلفة ومنها البعوض، مع تغييرات المناخ التي تسهم في انتشار الأمراض والفيروسات، وتحديدا في المناطق الاستوائية الرطبة والحارة.
ووفق العلماء فإن فهم الأماكن التي تتكاثر فيها تلك الحشرات وبيئتها، يمكن أن يتنبأ بمدى تفشي الأمراض ومنها حمى الضنك في العالم.
وحمى الضنك التي حذرت منها منظمة الصحة العالمية نتيجة سرعة انتشارها ومع أمراض أخرى كشونغونيا وزيكا، بسبب التغيير المناخي، لا تزال مستوطنة في أكثر من 100 دولة في العالم وهي تشكل تهديدا حقيقيا لدول أسيوية، مثل بنغلاديش التي شهدت أكبر موجة إصابات بالعالم بهذه الحمى مؤخرا.
وكان تقرير صادر عن البنك الدولي عام 2021 أشار إلى أن بنغلاديش، شهدت ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة، بمعدل نصف درجة مئوية كما أن الصيف أصبح أطول زمنا، مما ساعد في انتشار حمى الضنك بوتيرة عالية.
ووفق الباحثين فإن البعوض يتأقلم في الوقت الحالي مع تغييرات المناخ، كما يكيف سلوكه ووظائفه الفسيولوجية في أي بيئة يعيش فيها حتى لو كانت في المناخات الباردة، مما يتطلب اعتماد خطوات وقائية وتخصيص موادر مالية للتصدي للأمراض التي يسببها وإنقاذ الأرواح.
ومع إعلان الباحثين أن عصر الكوارث المناخية بدأ، يرى خبراء أن وضع استراتيجات عالمية مشتركة لإدارة الأمراض والسيطرة عليها وحماية المجتمعات الأكثر فقرا والأكثر عرضة لتلك الأمراض يمكن أن يساهم في الحد من الأوبئة أو القضاء عليها بشكل تام.
وكان علماءُ بريطانيون حذروا من أن الأجواء الدافئة التي باتت تشهدها الجزرُ البريطانية في الآونة الأخيرة قد تتسبب في توطن بعض الأمراض الاستوائية شديدةِ الخطورة في البلاد. وأكدت دراسات حديثة العثور على أنواع من البَعوض لم تظهر من قبل.
ففي مقاطعة كنت جنوب إنجلترا يبدو العلماء في أقصى درجات التأهب تحسبا لوصول سلالات من البعوض إلى البلاد حيث يساعدها الطقس الدافئ على التكاثر والنمو لتتوطّن تدريجيا في المملكة المتحدة. واليوم يخشى العلماء من نوع جديد من البعوض لم يتوطن بعد لكنه بدأ في الوصول.
وفي هذا الشأن، يقول مدير قسم علوم الحشرات الطبية، جوليون ميدلوك خلال حديثه لسكاي نيوز عربية: "رصدنا ظهور هذه البعوضة 6 مرات كلها في جنوب شرق إنجلترا ومع تغير المناخ واستمرار الطقس الدافئ لفترات أطول تصبح الظروف مهيأة أكثر لها لكي تتكاثر في كل مرة تأتي فيها للبلاد".
وقد تفشت بعوضة النمر في أوروبا منذ رصدها لأول مرة في إيطاليا عام 1990 وهي اليوم تتكاثر في 13 دولة وبحسب العلماء، فإنه من المتوقع أن تصبح مستوطنة في المملكة المتحدة خلال 50 عاما إذا استمرت معدلات توافدها على البلاد بالشكل الحالي.
ويقول أستاذ الأمراض الاستوائية بجامعة لندن.. أوليفر برادي: "هذه البعوضة تنقل أمراضا خطيرة رغم أنها نادرا ما تؤدي إلى الوفاة ولكنها تستدعي علاجا طويلا في المستشفى وإذا كانت هذه البعوضة تنقلها لمساحات شاسعة من العالم فإن التاريخ يخبرنا أن الأمراض البسيطة يمكن أن تتحول إلى أوبئة".
تحذير أوروبي
من جهته، المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، التابع لهيئة الصحة بالاتحاد الأوروبي، حذر من أن "تغير الظروف المناخية يزيد من مخاطر الأمراض التي تنقلها مثل هذه الأنواع من البعوض، التي تنتشر حاليا بشكل متزايد في أوروبا".
هذه الأنواع هي" نواقل معروفة لفيروسات الشيكونغونيا وزيكا وحمى الضنك وغرب النيل والصفراء وغيرها، الآخذة بالانتشار في شمال وغرب القارة"، كما أعلن المركز الذي يتخذ من العاصمة السويدية ستوكهولم، مقرا له.
ويمكن للدغات البعوض الماصة للدماء أن تنقل أكثر من 6 أمراض خطيرة:
حمى الضنك:
الملاريا
فيروس غرب النيل
الحمى الصفراء
فيروس زيكا
داء الشيكونغونيا
حقائق غريبة عن البعوض
على الرغم من الخطر المعروف للبعوض على الناس، فإن هناك بعض الحقائق المسلية عنه:
يمتلك مجسات متطورة جدا ويتفوق على كل المجسات الطبية في تحديد مواقع الأوعية الدموية.
ذكر البعوض يتغذى على رحيق الأزهار وهو كائن مسالم عكس الإناث اللاتي يتغذين على الدم.
أنثى البعوض تتميز بحاسة دقيقة جدا تمكنها من تحديد موقع الضحية، فهي تستشعر تركيز غاز ثنائي أكسيد الكربون المنبعث من تنفس الحيوانات والإنسان، والبعوضة لديها حاسة شم قوية جدا جدا.
البعوض ينجذب للحوامل بنحو ضعف انجذابه للآخرين، ويعود ذلك إلى ارتفاع درجة حرارة جسم الحامل مقارنة بغيرها وازدياد كمية ثنائي أكسيد الكربون المنبعثة منه.
خرطوم الامتصاص لدى البعوض يتمتع بقدرة عالية على الحركة والالتواء، وبمقدوره الانطواء بـ90 درجة.
البعوضة تأكل الدم ولا تمتصه حيث تقوم بتصفية الماء الموجود في الدم وتخرجه على شكل قطرات من الجانب الخلفي من جسمها، وهي تستهلك البروتينات الموجودة في الدم لتنتج البيوض وتتكاثر.