الرأي

نرجو أن لا تكونوا قد تأخرتم

سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في العقد الأخير متذبذبة ومترددة وحائرة بين تلبية استحقاقات أمنها ورفاهيتها وسلامتها، لأنها بين قرارين متناقضين تماماً لبعضهما البعض، حائرة بين الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط وبين البقاء وتحمل تبعات البقاء، والمحير أن القرارين سيؤثران على رفاهية الشعب الأمريكي قبل أي شعب آخر، هذا الذي يجب أن يكون واضحاً للجميع.

استراتيجية الانكفاء دفعت ثمنها الولايات المتحدة الأمريكية إذ نتج عنها ضعف النفوذ وخروج المنطقة من تحت عباءتها وأثر ذلك على أسعار الطاقة وأثر على ميزان التبادل التجاري وأثر على أسواقها، ووصل إلى مستوى معيشة الناخب الأمريكي.

قررت أمريكا في البداية الانسحاب من مناطق ساهمت هي في خلق فوضاها.

مَن الذي ربى طالبان وغذاها وكبرها وقواها؟ ألستم أنتم؟

مَن تركها حتى آوت كل أصناف الإرهابيين تحت سمعه وبصره؟

ألستم أنتم؟

ثم مَن شن حرباً عليها بعد ذلك وأزالها عن السلطة؟ ألستم أنتم؟

قرار غير مدروس من قَبل ومن بَعد.

ثم من أعادها للسلطة ألستم أنتم؟

تذبذب وتردد وعدم وضوح رؤيا ينتج عنها نتائج وخيمة ليس عليكم وحدكم بل على العالم كله؟ ومن يدفع الثمن؟ ليس الشعب الأفغاني هو فقط ضحية في كل قراراتكم إلى اليوم، إنما حتى الأمريكي دافع الضرائب يدفعها كذلك.

والآن دور الحوثي كمثال آخر على التذبذب وعدم وضوح الرؤيا وقرارات يتم التراجع عنها في سنوات معدودة.

مَن الذي رفض تصنيف الحوثي إرهابياً رغم أنه الإرهاب بعينه وعلمه؟ ألستم أنتم؟

مَن الذي امتنع عن مساعدتنا في تجريده من سلاحه؟ ألستم أنتم؟

قلنا لكم يهدد الملاحة الدولية، يهدد مصافي النفط، يهدد الأماكن المقدسة؟ لا يعترف باتفاقيات وعهود؟ مجرم إرهابي، ألم تتغاظوا عنه تعمداً؟ ألم يقتل جنودناً وهم على الأرض السعودية في الحد الجنوبي؟

تشكيل تحالف دولي لحماية باب المندب وتأمين حرية الملاحة كان مطلباً لنا لتأمين سلامتنا وسلامة حركة الملاحة الدولية منذ سنوات.. نكرر منذ سنوات، هو وأذرع إيران في بقية الدول العربية، لأننا نعرف خطورة هذه المليشيات الإيرانية على العالم كله لا علينا نحن فقط، ونعرف المخططات الإيرانية ومشروعها التوسعي.

التحالف الدولي الذي حرك وزير الدفاع الأمريكي وجعله يزور المنطقة لتشكيله، خطوة ضرورية وهامة جداً لكنها متأخرة جداً وتكشف عن ضعف استشرافي وسوء تقدير للموقف.

لقد بح صوتنا وصوت السعودية ونحن نقول إن الملاحة في البحر الأحمر مهددة أن التجارة الدولية مهددة، وأن أسعار الطاقة مهددة وأن رفاهيتكم مهددة، قرصنة وتهريب سلاح وضرب سفن وتلغيم بحر وتلوث بيئي خطير مارسته هذه المليشيات على مر ثمان سنوات في أهم ممر مائي دولي، ولم تتوقف فيها النداءات عن طلب التدخل قبل أن تتطور الأوضاع وتتفاقم.... لذا نرجو أن لا تكونوا قد تأخرتم هذه المرة أيضاً.