أيا أهل فلسطين المناضلين، يا من قدمتم الغالي والنفيس من أجل أرضكم المباركة التي شرفها الله تعالى، يا من فقدتم الحبيب والرفيق، والأخ والصاحب والسند، والوالد والولد، والأم والزوجة، والمسكن والدفء، والغالي والنفيس في سبيل حماية الأرض المقدسة.
حاولت قدر الإمكان أن أسطر كلماتي لعلها تلامس وتصل إليكم فمهما أبعدتنا المسافات، باتت دعواتنا مخصصة لكم فقط حباً بكم لا تفضلاً عليكم وهذا أضعف الايمان، يشهد الله أن ما مررتم به من ابتلاءات قد غيرت فينا الكثير حتى أصبحنا وأمسينا نستصغر كل أمر تافه كان يشغلنا سابقاً، ولذلك فإننا نرجو منكم أن تدركوا أننا معكم نتألم لألمكم ولمصابكم، فحالنا بين حزين وباكٍ، ومنكسر ومحزون، وداع ومتضرع، قال رسول الله: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
ورسالة شكر من القلب إلى أرواح الشهداء الذين باتوا في ضيافة الرحمن، فطوبى لمن ارتقوا ليكونوا مع الصديقين والشهداء والمرسلين وحسن أولئك رفيقاً. شكراً يا أهل العزة والصبر والثبات والإيمان الذي لا يشبهه إيمان، شكراً لأطفالكم الذين يعجز القلب واللسان عن شكرهم فهم من يستحقون حقاً نيل الشهادات العليا في الصبر والثبات والحمد والاحتساب والعلم والفصاحة والإيمان، فرغم مصابهم الجلل ورغم الفقد واليتم نراهم يتفقدون حقائبهم وكتبهم ويشتاقون لمقاعدهم الدراسية ولمعلميهم، يصبرون ويتصبرون رغم الألم الشديد والمناظر التي تكاد تخر لها الجبال، بل يحمدون الله ويتشبثون بالأمل وبأحلامهم البريئة بالرغم من قساوة الوضع، أصبحت أتساءل في قرارة نفسي ما سر هذا الثبات والاحتساب والتفاؤل واليقين والرضا، فهذه تربية بالطبع لا يمكن أن تأتي بين ليلة وضحاها، بل هي نتاج تربية صالحة ويقين صادق حتى أصبحوا مدرسة لأبنائنا وللعالم.