عند الحديث عن التاريخ العريق للمنظمات غير الربحية وعطاءاتها المتجددة لابد لنا أن نستدل بالعهد الذهبي للمجتمع المدني في ظل المسيرة الإصلاحية المباركة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، والاهتمام الذي أولته وتوليه مملكة البحرين بالقطاع غير الربحي، إذ نص دستورها في المادة السابعة والعشرين على «حرية تكوين الجمعيات والنقابات، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، بشرط عدم المساس بأسس الدين والنظام العام»، والمُتابع للحراك المجتمعي يجد التطور المتسارع في عمل هذه المنظمات، من خلال توفير سبل ومدخلات جديدة ومبتكرة بعيدة عن النمطية والتقليد ومساعدتها على تطوير قدراتها الذاتية وتحقيق أهدافها التنموية بمفهومها الشامل، وتفعيل المشاركة المجتمعية بأعلى درجات القدرة والكفاءة.

عُهد إلى وزارة التنمية الاجتماعية الدور الأساسي في تطوير منظومة العمل الأهلي وبناء شراكات فاعلة ترتقي بدور المنظمات غير الربحية لخدمة المجتمع، وذلك بإعتبار أن هذه المنظمات هي شريك لها في تحقيق التنمية الاجتماعية، وهذا ما أشار إليه سعادة وزير التنمية الاجتماعية في لقاء مسبق جمعني به في الوزارة، ولفتني كثيراً تكراره لمصطلح «شريك»، والذي يجسد الإيمان الراسخ بالدور الكبير الذي تقوم به هذه المنظمات، ويرسخ قيم التقدير العميق لجهودها الوطنية المخلصة.

حرصتُ بالمقابل على الالتقاء بعدد من مسؤولي الجمعيات الأهلية في المملكة الذين بدورهم أكدوا على ما تشهده وزارة التنمية الاجتماعية من تطور ملحوظ في أدائها العام وزيادة التنسيق بينها وبين الجمعيات، ناهيك عن إشراكهم في برامج تخصصية عديدة لعل آخرها الحفل والمعرض الذي أقامته الوزارة بمناسبة اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة، بعنوان «نحو تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» وحفل تدشين مركز منيرة بن هندي للتدخل المبكر، الذي أشرف على تنظيمه وتقديمه فئة ذوي العزيمة أنفسهم، وبمشاركة واسعة من ممثلي القطاع العام والخاص، أيضاً قيام الوزير مؤخراً بتكريم الجمعيات المتميزة بمناسبة اليوم العالمي للتطوع، والذي بلا شك كان بمثابة القبلة على جبين كل جمعية ساهمت ولا زالت تساهم في مساندة الجهود الرسمية وتعزيزها باتجاه خطوات أسرع نحو توفير حياة كريمة وآمنة للمواطنين.

لا شك أن القطاع الثالث يلعب دوراً محورياً في تحقيق التنمية المستدامة واقتصاديات البلدان المتقدمة، وذلك ابتداءً من مساهمته الإيجابية في العديد من المتغيرات الاقتصادية الكلية وانتهاءً بتحسين المستويات المعيشية وتحقيق الرفاهية الاجتماعية للشعوب، وهذا ما أكده معظم الخبراء والباحثين في مجال التنمية، ولخصوا ذلك في أن القطاع غير الربحي «القطاع الثالث» هو القطاع الأجدر والمساعد لتحقيق التنمية باعتباره الأكثر قرباً وتلمساً لحاجات المجتمع.

آخر الكلام

كلمة شكر واجبة لسعادة وزير التنمية الاجتماعية على الرحابة والترحاب.