أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس الإيراني حسن روحاني التي رأى فيها أن «مسؤولية جسيمة تقع على عاتق الدول الإسلامية من أجل تصحيح صورة الإسلام لدى الرأي العام العالمي»، الكثير من الجدل، حول الدور الذي تلعبه إيران في المنطقة وما تقوم به من تشويه واضح وجلي لصورة الإسلام، فضلاً عن دورها المباشر في تأجيج التوتر والعنف والطائفية في الشرق الأوسط. ووفقاً لمراقبين ومحللين فإن «تصريحات الرئيس الإيراني تنكر دور بلاده في تأجيج العنف والطائفية في عدد من الدول العربية عبر دعم الميليشيات التي تمارس منذ أكثر من عقد عمليات قتل وترويع ضد المسلمين وتروج لخطابات موغلة في الطائفية»، مشددين على أن «صاحب النصيحة يبدأ بتصويب نفسه أولاً».وتجاهل روحاني بشكل مباشر دور إيران الأساس في تشويه صورة الإسلام، وقال في كلمة ألقاها في طهران لدى افتتاح مؤتمر دولي مخصص لـ»أزمة العالم الإسلامي الحالية» إن «علينا اليوم إزالة الصورة السلبية للإسلام».وأضاف «للأسف أن نسبة 84 % من العنف والإرهاب والمجازر تحدث في العالم الإسلامي وفي أفريقيا وشمالها والشرق الأوسط وغرب آسيا».وتابع «علينا التصدي لأيديولوجيا وخطاب العنف» اللذين تنشرهما مجموعات جهادية مثل تنظيم الدولة «داعش»، في إشارة إلى التيار السني لتحميله المسؤولية عن العنف والتطرف، بينما لم يعترف روحاني ولو ضمنياً بدور المنظمات الشيعية المتطرفة - المدعومة من ايران - في تغذية العنف.وشدد على «ضرورة الوحدة والتكاتف بين المسلمين» داعيا «جميع الدول الإسلامية في المنطقة وما بعدها» إلى العمل بهذا الصدد «بما في ذلك الذين يواصلون حتى الآن قصف جيرانهم». ولم يذكر روحاني دولاً تحديداً، لكن طهران تساند المتمردين الحوثيين في اليمن، وتقدم الدعم المادي والعسكري واللوجيستي لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، وتربطها علاقات وثيقة بحكومة التحالف الشيعي في العراق، وتناصر ميليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية التي ارتكبت مجازر في العراق، وتحتضن ميليشيات «حزب الله» الشيعي في لبنان. وتساءل روحاني «كم من القنابل والصواريخ تم شراؤها من الولايات المتحدة خلال العام المنصرم» معتبراً أنه لو تم استخدام الأموال التي أنفقت لـ»توزيعها على المسلمين الفقراء» لما كان هناك «أشخاص ينامون جائعين». وقال إنه إن كانت مجموعات مثل تنظيم الدولة «تتمكن من تجنيد مقاتلين، فذلك بسبب الفقر المادي والثقافي» الذي ينبغي استئصاله «من المجتمع الإسلامي». وأضاف «علينا أن نعلم أن الرعب والإرهاب لا يمكن القضاء عليهما بالقنابل» مؤكداً أن المستفيد من النزاعات في المنطقة هو «إسرائيل والمعادون للمسلمين». وتساءل روحاني «هل سبق أن فكرنا أنه ليس الأعداء وإنما مجموعة من داخل العالم الإسلامي تستخدم لغة الإسلام رغم صغرها هي من تقدمه كدين للقتل والعنف والجلد والابتزاز والظلم؟». ولفت إلى أن «مبادئ الإسلام ترفض العنف وأن تطرف جماعات مثل الدولة الإسلامية ينبع من «ضيق أفق ونقص الاعتدال».ولأن حديث روحاني حمل الكثير من المتناقضات، فانه لم يتطرق بطبيعة الحال لقضايا الكشف عن شبكات التجسس الإيرانية في دول الخليج والتي تظهر بين فترة وأخرى، حيث لم يتوقف نظام ولاية الفقيه - الذي يقدم نفسه على إنه خادم للإسلام والمسلمين - عن إرسال جواسيسه ومجنديه ليندسوا ويثيروا القلاقل في دول الخليج، فما ينفقه النظام الإيراني من أموال، وما يبذله من جهد في المنطقة لتجنيد وتمويل الحركات الموالية له، يستند دائماً إلى مفهوم الحرب، وفقاً لما ذكره الكاتب والمحلل عبدالرحمن الراشد.وانتقد روحاني الدول المسلمة «لصمتها في وجه أعمال القتل وإراقة الدماء» في سوريا والعراق واليمن وهي صراعات تلعب فيها إيران دوراً كبيراً في تأجيج العنف من خلال الدعم الطائفي.وتجاهل روحاني أن بلاده طرف رئيس في الأزمة اليمنية عبر الدعم القوي الذي تقدمه للانقلابيين الحوثيين الذين يخوضون نزاعاً مع القوات الشرعية للحكومة المعترف بها دوليا، والمدعومة من التحالف العربي لدعم الشرعية «إعادة الإمل» بقيادة المملكة العربية السعودية، رغم علمها بأن ما يأتونه هناك هو عمل من اعمال البلطجة، بعد أن دبروا انقلاباً على السلطات الشرعية وخرجوا عن إجماع وطني حول اتفاق سياسي يحفظ حقوق جميع مكونات الشعب اليمني برعاية الأمم المتحدة.وتثير هجمة إيران القوية على المنطقة وبرنامجها النووي مخاوف دول الجوار العربي.ومثل دورها في اليمن، ترعى طهران عدداً كبيراً من الميليشيات الشيعية المتنفذة في العراق وسوريا ولبنان وتدربها وتسلحها وتمولها لتعتمد عليها في حربها المفتوحة لإحكام سيطرتها على الدول الثلاث هذا عدا عن تدخلها في البحرين وفي كل دولة توجد فيها جماعات شيعية مهما قل عددها.وتعتبر السياسات الطائفية لإيران والميليشيات الحليفة لها ذريعة قوية للتيارات السنية المتطرفة التي كثيراً ما تبرر نشاطاتها الإرهابية بالدفاع عن الطائفة السنية في عدد من الدول العربية ضد جرائم المليشيات الشيعية برعاية رسمية من إيران.الكاتب والباحث السياسي ياسر الزعاترة حمل وبشكل صريح إيران مسؤولية ما تشهده المنطقة من عنف سياسي، وتحدث في ذلك عن «عدوان إيراني على الأمة»، خلق إحساساً بالإهانة لدى المجتمع السني خاصة في العراق.وفيما يتعلق بالعنف الذي تشهده سوريا، قال الزعاترة إن عنف النظام السوري المسنود من إيران دفع ثوار سوريا إلى حمل السلاح وتشكيل الجماعات المتشددة، بعد صبرهم لمدة 7 أشهر لم يطلقوا خلالها رصاصة واحدة، ولم يختلف الوضع كثيراً في اليمن، حيث ساهم الدعم الإيراني لفريق يمني محدد في تكريس الإحساس بالإهانة في كل المنطقة العربية، وتفجر موجة العنف الحالية رداً على ظلم وعدوان إيران.وأوضح الزعاترة أن الظاهرة الجهادية تستلهم مددها من بعضها بعضا، وأن موجة العنف في المنطقة غذتها تصريحات إيران بأنها تحتل 4 عواصم عربية «بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء»، مؤكداً أن «القوى السنية هي التي حاربت الأمريكيين في العراق»، وعبر عن أسفه «لانجرار بعض الأصوات الشيعية وراء الخطاب الإيراني».بدوره، اتفق الكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي مع الزعاترة في تحميل طهران مسؤولية ما يجري من عنف بالمنطقة، ورأى أن التدخل الإيراني هو الذي جعل الناس يصطفون خلف طائفتهم.