الولايات الأميركية الجنوبية وصفت التعديل الدستوري الرابع عشر بالمخزي والمخل بوحدة البلاد وعارضت إقصاء نوابها من الكونغرس
منذ أسابيع، اتجهت المحكمة العليا بولاية كولورادو الأميركية لاستبعاد الرئيس السابق دونالد ترامب من الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بالولاية، وتحدثت عن عدم أهليته. ولإصدار هذا الحكم، اتجهت المحكمة العليا بكولورادو للاعتماد على التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي الذي اعتمد خلال شهر تموز/يوليو 1868 بالفترة التي تلت نهاية الحرب الأهلية الأميركية وانتصار الولايات الشمالية على الجنوبية، تزامنا مع إقرار إجهاض العبودية بشكل نهائي.
التعديل الرابع عشر
عقب حرب أهلية استمرت ما بين عامي 1861 و1865 وانتهت بمقتل ما يزيد عن 600 ألف شخص، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية يوم 9 تموز/يوليو 1868 لاعتماد التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي ضمن فترة تعديلات إعادة الإصلاح. وفي الأثناء، تناول التعديل الرابع عشر العديد من المسائل. وقد مثلت مسألة حصول العبيد السابقين على حق المساواة أمام القانون وحق المواطنة أبرز القضايا التي طرحت بهذا التعديل. من جهة ثانية، أثار هذا التعديل الدستوري حالة من التوتر بين الولايات الشمالية والولايات الجنوبية، حيث عارضت الأخيرة بشدة ما جاء بهذا التعديل واضطرت في النهاية للموافقة عليه لاستعادة تمثيلها بالكونغرس الأميركي.
البند الثالث من التعديل
إلى ذلك، ظهر البند الثالث من هذا التعديل الدستوري بسبب النواب الجنوبيين بالكونغرس. فمع نهاية الحرب الأهلية، عمدت ولايات الجنوب الأميركي لإرسال عدد من المسؤولين الكونفدراليين السابقين لتمثيلها بمجلسي النواب والشيوخ. وقد تواجد ضمن هؤلاء النواب الجنوبيين حينها نائب رئيس الولايات الجنوبية السابق أثناء الحرب الأهلية ألكسندر ستيفنز (Alexander H. Stephens).
وأملا في منع الكونفدراليين الجنوبيين الذين شاركوا بالحرب الأهلية من الالتحاق بالكونغرس، مرر النواب الشماليون البند الثالث من التعديل الدستوري الرابع عشر. وبموجبه، تمت الموافقة على طرد كل شخص نكث بعهده تجاه الدستور من الوظيفة العمومية والمناصب السياسية بالدولة. من جهة أخرى، أقصى هذا البند الثالث من المسؤوليات والوظائف الفيدرالية، وبالولايات، كل شخص ثبتت ضده تهم بالمشاركة في تمرد ضد الدولة أو مد يد العون لأعداء البلاد.
سمح البند الثالث من التعديل الدستوري الرابع عشر بإقصاء النواب من مجلسي الشيوخ والنواب في حال ثبوت تهم بالتمرد ضدهم. وبسبب ذلك، وجد عدد كبير من المسؤولين السابقين بالولايات الجنوبية، الولايات الكونفدرالية، أنفسهم خارج الحياة السياسية. وأمام هذا الوضع، وصف السياسيون الجنوبيون التعديل الدستوري الرابع عشر برمّته بالمخزي والمخل بوحدة البلاد.
بدعوة من الرئيس يوليسيس غرانت (Ulysses S. Grant) عام 1872، وافق الكونغرس على قانون العفو. وبموجبه، حصل قسم كبير من الكونفدراليين، باستثناء الكونفدراليين القدامى الذين لعبوا دورا هاما بالحرب الأهلية، على عفو وسمح لهم بالعودة للحياة السياسية. وخلال الحرب الأميركية الإسبانية سنة 1898، وسّع قانون العفو ليشمل ما تبقى من الكونفدراليين.
بعد مضي سنوات طويلة على وفاتهما، وافق الكونغرس الأميركي بشكل رمزي عام 1975 على رفع الحظر والاستبعاد السياسي المفروض على الجنرال الكونفدرالي روبرت لي (Robert E. Lee). وبعدها بثلاث سنوات فقط، حصل الرئيس السابق للولايات الكونفدرالية جيفرسون ديفيس (Jefferson Davis) على عفو مشابه.