يعد سور الصين العظيم أعجوبة معمارية قديمة ومشهورة صمدت لآلاف السنين، حيث يمتد عبر الجبال بداية من ممر جيايو في شمال غرب الصين باتجاه ممر شانهاي في الشمال الشرقي.
لكن كيف صمد السور كل هذه السنوات الطويلة رغم انهيار أجزاء بسيطة منه وتحول أجزاء أخرى إلى أنقاض بفعل العوامل الجوية وغيرها من فعل الزمان.
النباتات الصغيرة والكائنات الدقيقة
فقد أجابت دراسة جديدة عن تلك التساؤلات وأوضحت أن الأجزاء الترابية من السور طورت خطاً دفاعياً طبيعياً ضد خطر التدهور الذي يلوح في الأفق، بحسب تقرير نشرته شبكة "سي إن إن".
إذ إن أسطح التربة على سور الصين مغطاة بالنباتات الصغيرة والكائنات الحية الدقيقة التي لا جذور لها والمعروفة باسم القشريات الحيوية والتي تعد مصدراً لقوة بقائه، وفقاً لما ذكره عالم بيئة التربة ماثيو بوكر، وهو أحد مؤلفي الدراسة التي نُشرت في ديسمبر/كانون الأول الفائت في مجلة " Science Advances".
وقال بوكر، الأستاذ المشارك في جامعة شمال أريزونا، إن القشريات الحيوية شائعة في جميع أنحاء العالم في تربة المناطق الجافة، مشيراً إلى أن العلماء لا يبحثون عنها عادة في الهياكل التي بناها الإنسان.
كما أوضح أن تأثيرات القشور الحيوية ومجتمعات البكتيريا الزرقاء والطحالب تزيد من استقرار سور الصين العظيم وتحسن مقاومته للتآكل، وفقاً للورقة البحثية الجديدة.
تجربة عملية
وبفحص العينات المأخوذة من أكثر من 483 كيلومتراً عبر ثمانية أقسام أرضية مدكوكة من الموقع الذي تم بناؤه خلال عهد أسرة مينغ بين عامي 1368 و1644، وجد مؤلفو الدراسة أن أكثر من ثلثي المنطقة مغطاة بالقشريات الحيوية.
وعندما قارن الباحثون ثبات وقوة العينات الموجودة في طبقات من القشرة الحيوية مع عينات بدون طبقة النباتات، اكتشفوا أن العينات التي تحتوي على قشور حيوية كانت أقوى بثلاث مرات من تلك التي لا تحتوي عليها.
وتتكون القشريات الحيوية من مكونات مثل البكتيريا الزرقاء والطحالب والفطريات، وتعيش في التربة السطحية للأراضي الجافة.
كما يمكن أن تستغرق مجتمعات النباتات الصغيرة والكائنات الحية الدقيقة، التي تغطي ما يقدر بنحو 12% من سطح الكوكب، عقوداً، أو أكثر، لتتطور.
ومن خلال تشكيل أنظمة بيئية مصغرة، تعمل القشور الحيوية على تثبيت التربة، وزيادة احتباس الماء، وتنظيم تثبيت النيتروجين والكربون.
تاريخ عريق
يذكر أن السور العظيم يشغل مساحة شاسعة شمالي الصين، من إقليم منشوريا إلى صحراء غوبي ثم البحر الأصفر.
ويحمل تاريخاً عريقاً حيث شيد قبل أكثر من ألفي عام، في الفترة ما بين القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن السابع عشر ميلاديا، في عهد 16 سلالة حاكمة.
إذ شيدت أسرة مينغ الجزء الأطول والأشهر من السور، بما في ذلك جزء جيانكو، من عام 1368 إلى 1644.
ثلث الحصون اختفى
فيما كشف مسح أجرته إدارة التراث الثقافي الوطني في الصين، أن سور مينغ يمتد لمسافة 8.851 كيلومترا، ويتضمن خنادق لمسافة 359 كيلومترا و25 ألف برج حراسة.
واختفى اليوم ثلث الحصون الأصلية التي شيدت في عهد مينغ، ولم يتبق منها سوى ثمانية في المئة في حالة جيدة.
كذلك يواجه السور الكثير من التهديدات، من عوامل التعرية الطبيعية، كالرياح والأمطار، إلى الأنشطة البشرية، مثل أعمال البناء وحتى سرقة اللبنات من السور وبيعها، ناهيك عن الضرر الذي تسببه الأعداد الكبيرة من الزوار الذين يسيرون جيئة وذهابا على السور.