أكد المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي, أن جريمة الإرهاب إفسادٌ في الأرض, وأن تطبيق الأحكام الشرعية سيكون مصير مرتكبيها, مؤكداً أن وزارة الداخلية السعودية لن تتوانى عن ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم .وشدد اللواء التركي خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم بمشاركة المتحدث الرسمي لوزارة العدل منصور القفاري، على ضرورة الالتزام بالأنظمة المعمول بها في السعودية والتقيد بها, مؤكدا أن رجال الأمن سيكونون بالمرصاد لمن يخالف هذه الأنظمة, محذرًا شباب بلاده من الانسياق وراء من يستخدمهم لزعزعة أمن وطنهم واستقراره .ورفض اللواء التركي الجزم بأن تكون الأحكام القضائية المنفذة اليوم، هي الأخيرة، فيما يتعلق بمعاقبة الأشخاص الذين ثبت تورطهم في أعمال وجرائم إرهابية، لأنه لا يزال هناك أشخاص من المدانين بالتورط مع منظمات إرهابية، يخضعون للتحقيق حالياً، في حين ينتظر بعض المتهمين وصول ملفاتهم إلى القضاء، بينما لا زال بعضهم في مرحلة التقاضي، مؤكداً أن القضاء هو الوحيد القادر والمخول بتحديد ما إذا كانت الأحكام هي الأخيرة، لافتاً النظر إلى أن وزارة الداخلية ستواصل تنفيذ الأحكام النهائية، المصدقة من المقام السامي، وفق ما يقرره القضاء الذي يعتمد على منهاج الشريعة الثابت.وقلل من أهمية انتماء الأشخاص المتورطين في جرائم الإرهاب، لأيٍ من التنظيمات الإرهابية، ولا يعني وزارة الداخلية انتسابه لتنظيم معين، بل بثبوت الجرم عليهم، مشدداً على أن عقوبة القتل في حق أولئك، جاءت بناءً على حكم قضائي نهائي يقضي بثبوت ارتكابه جريمة إرهابية أو المشاركة فيها.وعن آلية تنفيذ أحكام القتل، بين المتحدث الأمني لوزارة الداخلية أن تنفيذ أحكام القتل يختلف من منطقة لأخرى، ففي بعض المناطق يكون التنفيذ بالسيف، فيما يكون في مناطق من خلال الرمي بالرصاص، مشيراً إلى أن الأداتين معتمدتين في السعودية، ويخضع اختيار واحدة دون الأخرى على الجاهزية في كل موقع من مواقع التنفيذ، مفيداً أن أربعة مواقع تم التنفيذ فيها رمياً بالرصاص، في حين كان السيف الأداة المنفذة للحكم في باقي المناطق.وشدّد اللواء التركي على أن الأحكام نفذت كلٌ على حدة، بحيث يجري تنفيذ حكم القتل في المحكوم بمعزل عن المحكوم الآخر، مبيناً أن تنفيذ الحكم لم يحضره إلا ممثلي الجهات المعنية بتنفيذ الأحكام، المتمثلة في إمارة المنطقة، والمحكمة، وهيئة التحقيق والادعاء العام، وهيئة المعروف والنهي عن المنكر، بالإضافة إلى طبيب مختص.من جهته أشار المتحدث الرسمي لوزارة العدل منصور القفاري, إلى أن جرائم الإرهاب تعدّ من الجرائم الخطيرة والمعقدة التي تتطلب المحاكمة فيها مزيد التدقيق والتحقيق, والبحث والكشف عن الأدلة والقرائن التي تعين المحكمة والقضاة للوصول إلى الحقائق وتحقيق العدالة, لكي لا يدان بريء ولا يفلت من العقوبة جانٍ, مؤكدًا أن هذا المبدأ وإن كان مطلبًا لجميع المحاكمات, إلا أن الطبيعة الخاصة لهذا النوع من الجرائم, استلزمت إيجاد محكمة متخصصة لطبيعة هذه الجرائم وتعقيداتها, وانطلاقًا من ذلك أنشأت السلطة القضائية السعودية عددًا من المحاكم المتخصصة في هذه الجرائم .وأبان أن هذه المحكمة المتخصصة تتولى النظر والفصل في الجرائم الإرهابية التي يقصد بها الإخلال بالنظام العام, أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة وتعريض وحدتها الوطنية للخطر, مشيرًا إلى أن المحكمة أنشأت وفقًا للقواعد النظامية المتبعة في إنشاء محاكم متخصصة, وذلك عملاً بمبدأ تخصيص الولاية القضائية الذي أقرته الشريعة الإسلامية وأخذت به الأنظمة القضائية, وذلك لضمان تحقيق العدالة في هذا النوع من الجرائم, وتوحيد الإجراءات المتبعة في هذه القضايا المعقدة والشائكة .وقال: "إن المتهمين أمام هذه المحكمة, يتمتعون بجميع الضمانات القضائية, حيث حرصت المحكمة على عقد العديد من الجلسات العملية التي حضرها ذوو المجني عليهم وذوو الجناة إلى جانب ممثلي الصحافة ومندوبيها, إضافة إلى إعطاء الحق لكل من يعرض على المحاكم لإبداء دفاعه, وتقديم ما يريد تقديمه, ولذلك لا تقفل المحكمة باب المرافعة وتحجز القضية للحكم, إلا بعد أن يقرر أطراف الدعوة بأنهم استنفذوا دفاعاتهم كافة, كما أن للمتهم الحق في أن يستعين بمحامٍ يدافع عنه أمام المحكمة", منوهًا بأن هذه المحكمة تعد من أوائل المحاكم التي طبّق فيها مبدأ المساعدة القضائية, حيث يستطيع المتهم غير القادر على توكيل محامٍ للدفاع عنه بسبب ظروفه المادية, إلزام وزارة العدل والجهات القضائية بأن توكل عنه محاميا يختاره هو للترافع والدفاع عنه.وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة العدل, أن قضايا الإرهاب تعرض في المحكمة الابتدائية على ثلاثة قضاة, ثم بعد ذلك تنتقل إلى محكمة الاستئناف في دوائر خماسية من خمسة قضاة, ثم تنتقل إلى المحكمة العليا من دائرة قضائية مكوّنة من خمسة قضاة.وأضاف: " أن المحكمة المتخصصة منذ إنشائها عام 1424هـ, نظرت في (2225) إرهابية, لـ ( 6.122) متهمًا, انتهت المحكمة من إصدار الأحكام في غالبية قضاياهم, فيما لا تزال المحكمة تنظر في (179) متهمًا يشكّلون (3%) من عدد المتهمين الذين عرضوا على المحكمة " .وحول الأحكام التي صدرت اليوم بحق مرتكبي عددٍ من جرائم الإرهاب, أوضح, أن هذه الأحكام صدرت من المحكمة الابتدائية وأيدت من المحاكم العليا ثم صدّق عليها من المقام السامي, مشيرًا إلى أن عدد أحكام القتل التي صدرت من المحكمة بلغ (55) حكمًا في الدرجة الابتدائية, منها أربعة أحكام لم يصادق عليها الاستئناف, فيما أيدت البقية.كما أشار إلى أن المحكمة تولّت دفع تكاليف المحامين الذي ترافعوا عن 2437 متهمًا, وكّلت وزارة العدل من يترافع عنهم بناءً على طلبهم .وفيما يختص بتنفيذ حد الحرابة والتعزير, أوضح, أن الحد يكون منصوص عليه في الشريعة الإسلامية كعقوبة للفعل, فيما يأتي التعزيز كحد أعلى في العقوبة على الفعل, إذا احتفّت به الملابسات وأمور تقتضي الوصول إلى هذا الحد من العقوبة .وقال: "إن القضاء في السعودية موضوعي ولا يتعامل مع أشخاص أو أسماء, وإنما يتعامل مع أفعال وأركان مادية بعيدًا عن انتماء الشخص أو طائفته أو عرقه, ويتعامل مع هذه القضايا وفق ميزان قانوني وقضائي محض", مؤكدًا أن وقائع تشكّل الجريمة متى ما اجتمعت وتحققت في المتهم, فإن الإدانة تثبت على المتهم بما يوقع عليه العقوبة الشرعية, ومنوهًا بأنه حسب الإحصائيات لم تصدر أحكاما بالقتل بحق النساء.وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة العدل, أن عددًا من القضايا التي رفعت أمام المحكمة, رفعت على مجموعة من الخلايا التي تضم (83) شخصًا, ونسبت التهم للجميع بحسب ما حصل منهم, مشيرًا إلى أن المحكمة قد تبرىء بعضهم وقد تحكم لهم بالتعويض لقاء الضرر الذي وقع عليهم, ومفيدًا أن عدد الطلبات التي تقدمت للمحكمة بطلب تعويض لمن لم تثبت ضدهم إدانة ووقع عليهم الضرر (163) قضية, وتم الفصل في (71) قضية منها, فيما وصلت مبالغ التعويض التي حكمت بها الحكمة (15) مليون ريال .وقال: " إن سرعة التصديق على الأحكام في الفترة الأخيرة, يعود لها ما تحظي به المحكمة خاصة, ومحاكم المملكة عامة , من دعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لإعداد القضاة, حيث اتخذت وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء أنظمة إجرائية للمتابعة والتحقق من سرعة الإنجاز خاصة في القضايا الجنائية ", مؤكدًا أن التدخل في قضاء السعودية غير مقبول, لأن القضاء السعودي أمر سيادي, ويحق للدولة أن تطبق القوانين والشريعة التي تحكم إقليمها, ومشيرًا إلى أن أحكام القتل ليست مطلبًا لأي أحد, وإنما هي عقوبة متى ما تحققت أركانها ستطبق, وسيقضي القضاء بها, ولذلك تخضع هذه الأحكام للكثير من التمحيص والتدقيق والبحث والتحري, حتى تصل المحكمة إلى القناعة التامة بنسبة الأفعال إلى المتهمين, وبالتالي تصدر الحكم فيها وتنفذها.