أميرة صليبيخ |
ولأنها كتب مجانية وفي متناول يدي بمنتهى السهولة واليسر فذلك يجعلها - باعتقادي - تفقد جزءاً من قيمتها بالنسبة إليَّ كقارئة تفضّل الكتب الورقية وتحب بذل الجهد والمال للحصول عليها، فتمضي الأيام ولا أقرب هذه الكتب الإلكترونية إلا في ما ندر، وأبقى في صراع داخلي كبير ما بين الحاجة للتوقف عن تحميل هذه الكتب الإلكترونية التي لا أقرؤها، والحاجة إلى شراء المزيد من الكتب الورقية التي أفضلها، فينتهي بي الحال بتحميل المزيد وشراء المزيد دون كبح لجماح هذه الرغبة. ربما هي حالة نفسية تستحث فيَّ الحاجة لجمع الكتب في أي شكل كانت. لا أعرف، ولكنَّ تجميعها يمنحني السلام والطمأنينة، تماماً مثل الشعور عندما أعلم أن رصيدي البنكي فيه ما يكفي لأعيش برغد حتى نهاية الشهر.
وعن هذا الأمر يقول أفلاطون ما معناه أنه «عليك أن تدفع ثمن العلم حتى تحمله في روحك»، وربما هذا ما يجعل الكتب الورقية ذات امتياز خاص لدى أغلب القراء لأنك تشعر بقيمتها المادية والمعنوية في لحظة شرائها، وهذا ما لا تشعر به عندما تحمّل الكتب الإلكترونية. وحصيلتي منها على مدى السنوات، مكتبة ضخمة جداً مبعثرة هنا وهناك ما بين هاتفي النقال وجهاز الآيباد وغيرها من أجهزة، ولو قدّر لي أن أحولها إلى مكتبة حقيقية لاحتجت إلى مكتبة بحجم ملعب كرة قدم شاسع.
أشعر بقيمة هذه الكتب الإلكترونية عند السفر ودقائق الانتظار الطويلة، فهي ملاذي الذي أركض إليه كلما قضمني الملل والخوف من تسرّب العمر بلا جدوى، ثم إن الكتب الإلكترونية تُبعد عني تهمة «الغرابة» لأني أقرأ في الأماكن العامة!
لست ضد الكتب الإلكترونية خصوصاً ونحن في عصر التقنية، بل إن هذا توجه حتمي لا فرار منه، ولكني في الوقت ذاته أخشى على الكتب الورقية، أخاف أن تتحول إلى موضة قديمة لا يذكرها الجيل القادم، تماماً كما حدث مع ألعاب الفيديو وأشرطة الكاسيت التي تبدو لأطفال هذا الجيل وكأنها مهربّة من كوكب آخر، لكن الأهم من ذلك هو ألا تنقطع عادة القراءة لدى أي جيل لأننا نحن أمة «اقرأ».