أثار الخطاب التصعيدي لأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله موجة من الاعتراضات الداخلية في لبنان ومن المخاوف من المسار الذي قد يقود إليه نصرالله لبنان خدمة للأهداف الإيرانية في المنطقة والدول العربية.المخاوف أكثر ما ظهرت داخل البيئة التي تحتضن حزب الله من الطائفة الشيعية، وتساءل بعض المناصرين: "هل يريد "السيد" (حسب تعبيرهم) أخذنا إلى السعودية هذه المرة بعد أن أخذنا إلى سوريا والعراق واليمن، وهل المطلوب منا أن نحارب نيابة عن الجميع وكأننا أصبحنا نريد أن نحكم المنطقة؟".هذه الأسئلة تعبِّر عن مستوى من التذمر لدى هذه الشريحة المؤيدة والحاضنة للحزب داخل الطائفة الشيعية، حيث بدأت هذه الفئة تتساءل عن التداعيات النهائية لهذه التدخلات ومحاولة تقديم الشيعة اللبنانيين وكأنهم مسؤولون عن بقية الشيعة في العالم. كما بدأت تعتبر هذه الفئة أن أي معركة أو اشتباك على أساس طائفي سيقضي على الشيعة في كل العالم ويعيدهم إلى الوراء ويطيح بكل ما حققوه على مدى العقود الماضية من إنجازات على صعيد المشاركة السياسية والاقتصادية في أوطانهم، خاصة لبنان.هذه الأصوات توقفت عند الجهة "المحسوبة" التي جاءت في الموقف الذي أعلنه رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري في البيان الذي أصدره ردا على تصريحات نصرالله التي حملت هجوما قاسيا وعنيفا من غير مسوغ على المملكة العربية السعودية وقياداتها على خلفية اعتراضه على إعدام الشيخ نمر النمر. هذه الأصوات رأت في موقف الحريري حرصا على إبعاد لبنان عن دائرة التوتر الذي سعى نصرالله إلى إدخاله في أتونها من باب التهجم على السعودية ورفع راية الدفاع عن الشيعة السعوديين.واعتبرت هذه الأصوات أن موقف الحريري يترك الباب مفتوحا "على مصراعيه" أمام الحوار الثنائي مع الحزب بهدف تخفيف حدة تداعيات موقف نصرالله من الأزمة، وعدم السماح بترجمة مواقف نصرالله في إطار تأجيج معركة سنية-شيعية على الساحة اللبنانية. واعتبرت أن موقف الحريري يعكس حرصا واضحا على تحييد لبنان عن المعركة التي تريد إيران فتحها في المنطقة من أجل تعزيز تدخلها السلبي في دول المنطقة، خاصة في سوريا والعراق واليمن والبحرين.ورأت هذه الأصوات أن نصرالله في خطابه حاول دفع الشيعة في المنطقة الشرقية من المملكة إلى العصيان من خلال الحديث عن "عدم سكوتهم وأنهم سيخرجون إلى الشوارع ضد الدولة في السعودية" واعتبرت هذا الكلام "تحريضيا" يهدف الى زعزعة الاستقرار في الداخل السعودي وزج الشيعة في هذه المنطقة في صراع مع الدولة بما يخدم الأهداف التي يريدها نصرالله والمحور الداعم له.تدابير أمنية حول سفارة السعوديةعلى صعيد آخر، توقفت الصحف اللبنانية بكل أطيافها عند التطورات التي حدثت على صعيد الأزمة بين الرياض وطهران بعد الهجوم الذي قام به أفراد ينتمون الى التيار المتشدد على مبنى السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، شرق إيران.صحيفة "الجمهورية" أشارت إلى الخطوات الأمنية التي اتخذتها الدولة اللبنانية حول السفارة السعودية تحسبا لأي عمل تخريبي قد يقوم به أنصار حزب الله على هذا الصعيد، حيث نقلت "الجمهورية" عن مصدر أمني "إنّ التدابير الأمنية في محيط السفارة السعودية اتُخِذت منذ زمن بعيد، لكنّ التطورات الأخيرة التي رافقت إعدام الشيخ النمر رفعَت من نسبة هذه التدابير".وأضاف المصدر الأمني: "إنّ تقاطُعَ المعلومات التي جُمعت من مختلف الأجهزة الأمنية مطَمئنة في اعتبار أنّها لم تشِر الى أيّ مخاطر محتملة في لبنان وأنّ معظم ما هو مرتقَب من تحرّكات لن يخرج عن التعبير السِلمي".وأوضَح أن "المراجع الأمنية تلقّت تطمينات مهمّة وعلى درجة عالية من المسؤولية، إلّا أنّ لبنان لن يكون مسرحاً لردّات الفعل بأيّ شكل من الأشكال، وهو ما اعتبرته مؤشراً دقيقاً إلى ما هو محتمل، لكنّ ذلك لن يؤدي الى التساهل في اتّخاذ ما يجب من تدابير في محيط السفارات المعنية، ومنها سفارات دوَل الإمارات العربية المتحدة، والبحرين والكويت والأردن وكذلك السفارة الإيرانية والمنشآت التابعة لها".
International
نصرالله يورط لبنان في صراعات إقليمية
04 يناير 2016