غادة حميد حبيب
في تاريخ الأمم والشعوب أحداث فارقة، ولحظات مفصلية شكلت منعطفات مهمة في مسيرتها وأثرت في تاريخها لأجيال عدة، ونحن هنا لا نبالغ إذا قلنا إن الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني في الرابع عشر من فبراير لعام 2001م وإقراره بنسبة 98.4%، هو من هذه اللحظات المفصلية الفارقة في تاريخ البحرين الحديث، لأنه فتح آفاقا واعدة للتنمية الشاملة بأبعادها كافة ولاسيما في جوانب المشاركة السياسية والممارسة الديمقراطية وترسيخ احترام حقوق الإنسان، وتعزيز دولة القانون والمؤسسات.
إن ميثاق العمل الوطني هو البذرة الأولى التي بذرها المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، والتي كان نتاج ثمارها أن أصبحت مملكة البحرين نموذجا رائدا على المستويين العربي والإقليمي في الدفع قدما تجاه تعزيز حقوق الإنسان بالصور كافة، من خلال سلسلة متواصلة ومتطورة من الإجراءات القانونية والتنفيذية منها إنشاء المؤسسات والأجهزة المستقلة التي تعمل على ضمان الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان وصونها والحفاظ عليها، ومن هذه الأجهزة الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين.
وإذا ما استعرضنا في إطلالة سريعة مدلولات إنشاء هذه المؤسسات الوطنية المستقلة والتي جاءت لتتكامل مع منظومة العمل المؤسسي في مجالات العدالة الجنائية وتعزيز مبادئ سيادة القانون وضمان المساءلة، اتساقا مع التجارب الدولية العريقة في هذا المضمار، فإننا نؤكد ومن موقع الثقة ومن خلال التجربة الفعلية التي دلت عليها الأرقام والإحصائيات ومؤشرات الفاعلية وقياس الأداء أن الأمانة العامة للتظلمات من الأجهزة المستقلة الرائدة التي تخدم قضايا حقوق الإنسان فهي تضطلع ليس فقط بالقيام باختصاصاتها الرئيسة والأصيلة والمتمثلة في التحقيق في الشكاوى الواردة إليها بشأن تعامل منتسبي وزارة الداخلية مع أفراد الجمهور وكذلك في مراقبة مراكز الإصلاح والتأهيل وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز، بل تسهم أيضاً من خلال التعاون والتنسيق مع العديد من الجهات الأخرى في وضع توصيات تعزز من احترام حقوق الإنسان، وذلك مثل العديد من التوصيات التي أصدرتها في تقاريرها الدورية والتفتيشية، والتي قامت وزارة الداخلية بالتعامل معها بجدية وأعلنت عن الأخذ بها ضمن برامج التطوير المستمرة التي تقوم بها في قطاعات الأمن العام، ومراكز الإصلاح والتأهيل، وتدريب الكوادر البشرية، وتطوير آليات التعامل مع النزلاء والمحبوسين احتياطيا، والاستجابة لطلبات المساعدة التي ترد من جانب بعضهم، وغيرها من المجالات، كما أنها ترتبط بعلاقات وظيفية وثيقة مع العديد من المؤسسات والأجهزة الوطنية الأخرى، منها على سبيل المثال: النيابة العامة، وحدة التحقيق الخاصة، مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، وقد سبق للأمانة العامة للتظلمات أن وقعت على مذكرات تفاهم مع بعض هذه المؤسسات لدعم التعاون والتنسيق المشترك وتبادل المعلومات في قضايا العمل المشتركة، والأمانة في كل هذا الجهد وهذا النجاح تطمح في أداء الأفضل ومواكبة أهم التطبيقات والممارسات الدولية في مجالات عملها، وهي ممارسات تتغير بشكل دائم، وتُجاري التقدم الحاصل في العديد من أفرع العمل والتخصصات الأخرى ومنها التخصصات العلمية والمرتبطة بالتحقيق الجنائي والأدلة الجنائية وغيرها، وكل هذا من شأنه اكتساب ثقة الجهور وهي رسالتها الأساسية التي تتوافق مع روح ميثاق العمل الوطني.
من جانبها فإن مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين والتي تعد بدورها مؤسسة غير مسبوقة في المنطقة والتي أُنشئت ضمن الإجراءات البحرينية الرائدة لتعزيز احترام حقوق الإنسان في القطاعات والمجالات ذات الصلة بفئات النزلاء والمحتجزين والمحبوسين احتياطيا وغيرهم، قامت ومنذ أول تشكيل لها في فبراير 2014م بـ 26 زيارة تفتيشية متنوعة ما بين زيارات عامة وخاصة وزيارات معلنة وغير معلنة للعديد من مراكز الإصلاح والتأهيل والحبس الاحتياطي والاحتجاز والإبعاد والمستشفيات ودور الرعاية وغيرها من الأماكن المختصة بزيارتها، وهي في كل هذه الزيارات وما ينتج عنها من تقارير تسعى لأن تكون مؤثرة ومساهمة في أداء دور تطويري من خلال التوصيات والمقترحات التي تقدمها للجهات المعنية المرتبطة بمجالات عملها، والتي تُبدي تفهما كبيرا لمثل هذه التوصيات والمقترحات، وهي توصيات تناولت جوانب عدة، منها ما يتعلق بحالة المكان الذي تمت زيارته ومنها ما يتعلق بطرائق التعامل مع الموجودين فيه لضمان تعزيز احترام حقوقهم الإنسانية والقانونية، ومنها توصيات تتعلق بالرعاية الصحية وأخرى تتعلق بالتعليم وببرامج التدريب وإعادة التأهيل، وعلى سبيل المثال فإن الجهات المختصة في وزارة الداخلية تتعامل بشكل إيجابي مع تلك التوصيات وهي تقوم بتنفيذ بعضها والبعض الآخر في طور التنفيذ، كما أن هناك العديد من التوصيات الأخرى التي قدمتها المفوضية والمتعلقة بالتعليم والصحة وتدريب كوادر الشرطة ووضع نظام مكتوب للشكاوى، يجري تنفيذها من جانب الجهات المختصة ولاسيما في وزارة الداخلية، مع الأخذ في الاعتبار أن التوصيات التي يتم اقتراحها تختلف باختلاف طبيعة ودور مراكز الإصلاح والتأهيل والحبس الاحتياطي والاحتجاز، ومراكز الإبعاد، ومراكز الرعاية الاجتماعية وغيرها.
إننا اليوم ونحن نستذكر سويا مرور 23 سنة على إقرار ميثاق العمل الوطني، نحمل في خلجات نفوسنا الكثير من مشاعر الفخر والاعتزاز بما حدث وما تحقق من إنجازات مشهودة في شتى الميادين جعلت من البحرين في طليعة ركب التقدم الحقوقي عربيا وإقليميا، في الوقت ذاته فإن طموحنا بلا حدود، في غد مشرق ومستقبل أفضل، يبني على ما هو قائم ويواجه التحديات بثبات وإخلاص للوطن وأبنائه الأوفياء، لتكون البحرين كعهدها مضرباً للأمثال في التحضر والرقي والمعاملة الإنسانية، ومن هنا فإن التحية واجبة لكل من شارك في صنع هذه الملحمة الوطنية المضيئة في تاريخنا الحديث، تحيةً لأهل البحرين رجالاً ونساء وأطفالاً، شيبةً وشباباً، وفي كل مواقع المسؤولية الوطنية، الذين سطروا صفحات من المجد لا تُنسى وأثبتوا للعالم كله أن الإنسان البحريني هو عنوان التنمية وركيزتها الأولى وأنه قادرٌ على المساهمة الفعّالة في الارتقاء بوطنه وممارسة حقوقه الديمقراطية وأداء ما عليه من واجبات تحت المظلة الجامعة للوطن والحرص على أمنه واستقراره وسلمه الاجتماعي.
* الأمين العام للتظلمات ورئيس مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين
في تاريخ الأمم والشعوب أحداث فارقة، ولحظات مفصلية شكلت منعطفات مهمة في مسيرتها وأثرت في تاريخها لأجيال عدة، ونحن هنا لا نبالغ إذا قلنا إن الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني في الرابع عشر من فبراير لعام 2001م وإقراره بنسبة 98.4%، هو من هذه اللحظات المفصلية الفارقة في تاريخ البحرين الحديث، لأنه فتح آفاقا واعدة للتنمية الشاملة بأبعادها كافة ولاسيما في جوانب المشاركة السياسية والممارسة الديمقراطية وترسيخ احترام حقوق الإنسان، وتعزيز دولة القانون والمؤسسات.
إن ميثاق العمل الوطني هو البذرة الأولى التي بذرها المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، والتي كان نتاج ثمارها أن أصبحت مملكة البحرين نموذجا رائدا على المستويين العربي والإقليمي في الدفع قدما تجاه تعزيز حقوق الإنسان بالصور كافة، من خلال سلسلة متواصلة ومتطورة من الإجراءات القانونية والتنفيذية منها إنشاء المؤسسات والأجهزة المستقلة التي تعمل على ضمان الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان وصونها والحفاظ عليها، ومن هذه الأجهزة الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين.
وإذا ما استعرضنا في إطلالة سريعة مدلولات إنشاء هذه المؤسسات الوطنية المستقلة والتي جاءت لتتكامل مع منظومة العمل المؤسسي في مجالات العدالة الجنائية وتعزيز مبادئ سيادة القانون وضمان المساءلة، اتساقا مع التجارب الدولية العريقة في هذا المضمار، فإننا نؤكد ومن موقع الثقة ومن خلال التجربة الفعلية التي دلت عليها الأرقام والإحصائيات ومؤشرات الفاعلية وقياس الأداء أن الأمانة العامة للتظلمات من الأجهزة المستقلة الرائدة التي تخدم قضايا حقوق الإنسان فهي تضطلع ليس فقط بالقيام باختصاصاتها الرئيسة والأصيلة والمتمثلة في التحقيق في الشكاوى الواردة إليها بشأن تعامل منتسبي وزارة الداخلية مع أفراد الجمهور وكذلك في مراقبة مراكز الإصلاح والتأهيل وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز، بل تسهم أيضاً من خلال التعاون والتنسيق مع العديد من الجهات الأخرى في وضع توصيات تعزز من احترام حقوق الإنسان، وذلك مثل العديد من التوصيات التي أصدرتها في تقاريرها الدورية والتفتيشية، والتي قامت وزارة الداخلية بالتعامل معها بجدية وأعلنت عن الأخذ بها ضمن برامج التطوير المستمرة التي تقوم بها في قطاعات الأمن العام، ومراكز الإصلاح والتأهيل، وتدريب الكوادر البشرية، وتطوير آليات التعامل مع النزلاء والمحبوسين احتياطيا، والاستجابة لطلبات المساعدة التي ترد من جانب بعضهم، وغيرها من المجالات، كما أنها ترتبط بعلاقات وظيفية وثيقة مع العديد من المؤسسات والأجهزة الوطنية الأخرى، منها على سبيل المثال: النيابة العامة، وحدة التحقيق الخاصة، مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، وقد سبق للأمانة العامة للتظلمات أن وقعت على مذكرات تفاهم مع بعض هذه المؤسسات لدعم التعاون والتنسيق المشترك وتبادل المعلومات في قضايا العمل المشتركة، والأمانة في كل هذا الجهد وهذا النجاح تطمح في أداء الأفضل ومواكبة أهم التطبيقات والممارسات الدولية في مجالات عملها، وهي ممارسات تتغير بشكل دائم، وتُجاري التقدم الحاصل في العديد من أفرع العمل والتخصصات الأخرى ومنها التخصصات العلمية والمرتبطة بالتحقيق الجنائي والأدلة الجنائية وغيرها، وكل هذا من شأنه اكتساب ثقة الجهور وهي رسالتها الأساسية التي تتوافق مع روح ميثاق العمل الوطني.
من جانبها فإن مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين والتي تعد بدورها مؤسسة غير مسبوقة في المنطقة والتي أُنشئت ضمن الإجراءات البحرينية الرائدة لتعزيز احترام حقوق الإنسان في القطاعات والمجالات ذات الصلة بفئات النزلاء والمحتجزين والمحبوسين احتياطيا وغيرهم، قامت ومنذ أول تشكيل لها في فبراير 2014م بـ 26 زيارة تفتيشية متنوعة ما بين زيارات عامة وخاصة وزيارات معلنة وغير معلنة للعديد من مراكز الإصلاح والتأهيل والحبس الاحتياطي والاحتجاز والإبعاد والمستشفيات ودور الرعاية وغيرها من الأماكن المختصة بزيارتها، وهي في كل هذه الزيارات وما ينتج عنها من تقارير تسعى لأن تكون مؤثرة ومساهمة في أداء دور تطويري من خلال التوصيات والمقترحات التي تقدمها للجهات المعنية المرتبطة بمجالات عملها، والتي تُبدي تفهما كبيرا لمثل هذه التوصيات والمقترحات، وهي توصيات تناولت جوانب عدة، منها ما يتعلق بحالة المكان الذي تمت زيارته ومنها ما يتعلق بطرائق التعامل مع الموجودين فيه لضمان تعزيز احترام حقوقهم الإنسانية والقانونية، ومنها توصيات تتعلق بالرعاية الصحية وأخرى تتعلق بالتعليم وببرامج التدريب وإعادة التأهيل، وعلى سبيل المثال فإن الجهات المختصة في وزارة الداخلية تتعامل بشكل إيجابي مع تلك التوصيات وهي تقوم بتنفيذ بعضها والبعض الآخر في طور التنفيذ، كما أن هناك العديد من التوصيات الأخرى التي قدمتها المفوضية والمتعلقة بالتعليم والصحة وتدريب كوادر الشرطة ووضع نظام مكتوب للشكاوى، يجري تنفيذها من جانب الجهات المختصة ولاسيما في وزارة الداخلية، مع الأخذ في الاعتبار أن التوصيات التي يتم اقتراحها تختلف باختلاف طبيعة ودور مراكز الإصلاح والتأهيل والحبس الاحتياطي والاحتجاز، ومراكز الإبعاد، ومراكز الرعاية الاجتماعية وغيرها.
إننا اليوم ونحن نستذكر سويا مرور 23 سنة على إقرار ميثاق العمل الوطني، نحمل في خلجات نفوسنا الكثير من مشاعر الفخر والاعتزاز بما حدث وما تحقق من إنجازات مشهودة في شتى الميادين جعلت من البحرين في طليعة ركب التقدم الحقوقي عربيا وإقليميا، في الوقت ذاته فإن طموحنا بلا حدود، في غد مشرق ومستقبل أفضل، يبني على ما هو قائم ويواجه التحديات بثبات وإخلاص للوطن وأبنائه الأوفياء، لتكون البحرين كعهدها مضرباً للأمثال في التحضر والرقي والمعاملة الإنسانية، ومن هنا فإن التحية واجبة لكل من شارك في صنع هذه الملحمة الوطنية المضيئة في تاريخنا الحديث، تحيةً لأهل البحرين رجالاً ونساء وأطفالاً، شيبةً وشباباً، وفي كل مواقع المسؤولية الوطنية، الذين سطروا صفحات من المجد لا تُنسى وأثبتوا للعالم كله أن الإنسان البحريني هو عنوان التنمية وركيزتها الأولى وأنه قادرٌ على المساهمة الفعّالة في الارتقاء بوطنه وممارسة حقوقه الديمقراطية وأداء ما عليه من واجبات تحت المظلة الجامعة للوطن والحرص على أمنه واستقراره وسلمه الاجتماعي.
* الأمين العام للتظلمات ورئيس مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين