في النزاع السوري الدامي المندلع منذ نحو 5 سنوات، وقع الكثير من المدنيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم ضحية لذلك الصراع ليموتوا بالقصف والقنص أو إلقاء جثثهم على قارعة الطريق بعد خطفهم لآجال مختلفة، وربما ما كان مؤلما أكثر هو الموت ببطء شديد بسبب الجوع الضاري.مضايا في ريف دمشق، هي من أبرز البلدات المعارضة التي تخضع لحصار خانق وتعيش هذه البلدة أحوالا إنسانية صعبة جدا، إذ يلجأ المدنيون فيها إلى أكل أوراق الشجر في ظل انعدام معظم المواد الغذائية وارتفاع بعض السلع النادرة أخرى إلى أرقام فلكية.فسعر كيلو الأزر مثلا في مضايا وصل إلى 250 دولارا حسبما ذكر ناشطون. وقد فشل اتفاق ترعاه الأمم المتحدة لإدخال المساعدات الغذائية للمدنيين المحاصرين منذ 200 يوم في مضايا. فقد نفذ الجزء الأول من الاتفاق القاضي بخروج المسلحين دون أن يتم إدخال المواد الغذائية للبلدة.وذكرت تقارير إعلامية أن شهر ديسمبر شهد وفاة أكثر من 31 شخصا بسبب الجوع الناجم عن انعدم الطعام.وتعاني بلدات الغوطة الشرقية في ريف دمشق من حصار مماثل يفرضه الجيش السوري على المدنيين ومسلحي المعارضة معا. وقد تسبب هذا الحصار في أوضاع إنسانية صعبة أسفرت، حسب ناشطين، عن موت بعض المدنيين جوعا في مناطق مختلقةوتحاصر القوات الحكومية أيضا بلدات في دير الزور شمال شرقي البلاد، في حين تسيطر فصائل متشددة على مناطق أخرى في المحافظة.حي الوعر في حمص، الذي لا يزال يأوي بعض عناصر المعارضة المسلحة عانى أيضا على مدى أكثر من عامين من الحصار وجرى منع المواد الغذائية والدوائية. إلا أن الأوضاع في هذا الحي بدأت بالتحسن مع بدء تنفيذ اتفاق برعاية الأمم المتحدة يقضي بخروج المسلحين وفتح ممرات إنسانية.ولا تقتصر معاناة تلك البلدات المحاصرة على انعدام المواد الغذائية والطبية، بل تمتد مأساتهم إلى قسوة برد الشتاء وخاصة مع نزوح كثير من الأهالي عن منازلهم ومنع دخول المحروقات إلى تلك البلدات.بلدات تحاصرها الفصائلفي المقابل، يحاصر "جيش الفتح" الذي تهيمن عليه "جبهة النصرة" التي تشكل جناح القاعدة في سوريا، بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب مما يمنع وصول المواد الغذائية إلى البلدتين إلا عبر سلال غذائية يجري اسقاطها على البلدتين بالمروحيات.وفي ريف حلب، يحاصر مسلحون بلدتي نبل والزهراء اللتين تقطنهما غالبية من الطائفة الشيعية، لكن وضعهما أحسن حالا لأن ذلك الحصار غير مطبق ويجري تهريب وإدخال الطعام والدواء عبر منافذ عدة.