"اصحَ يا نايم وحد الدايم.. العمر مش دايم".. على مدار 12 عاما كان ابن باب حطة بالبلدة القديمة في القدس، بهاء نجيب، يحمل دفه ويرتدي الملابس التراثية الفلسطينية ويصدح بصوته، ليحافظ على عادة رمضانية قال إنها لم تفارق البلدة القديمة إلا هذا العام، وهي عمله كـ"مسحراتي".
أشار حجازي وغيره من سكان القدس إلى أنه لأول مرة منذ سنوات طويلة، لم تتجمّل البلدة القديمة بزينة رمضان، بسبب الأحداث المأساوية في قطاع غزة، والتي حذرت الأمم المتحدة من أنها على وشك الوصول إلى المجاعة.
كانت الكنائس المسيحية في القدس قد ألغت الاحتفالات الخاصة بعيد الميلاد، بسبب الحرب الدائرة في غزة أيضًا، ودعت في بيان رعاياها إلى إظهار "الصلابة"، والتخلي عن الفعاليات الاحتفالية غير الضرورية.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن الجمعة الأولى من شهر رمضان، شهدت "منع آلاف المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة"، فيما أعلنت إسرائيل حينها نشر الآلاف من عناصر الشرطة بمحيط المنطقة "في حالة تأهب قصوى".
ومع بدء الحرب في قطاع غزة، كثّفت القوات الإسرائيلية من وجودها في شوارع القدس، ووصف أحد المواطنين هذا الانتشار بأنه وصل في بعض الأحياء إلى درجة أن "أعداد رجال الشرطة فاقت عدد السكان".
"لا مسحراتي ولا زينة"
تحدث نجيب (34 عاما) لموقع "الحرة"، وقال إن البلدة القديمة "بلا مسحراتي ولا زينة" خلال شهر رمضان هذا العام، مضيفا: "أنا مسحراتي حارة باب حطة، كل عام تكون هناك أجواء رمضانية، والمسحراتي جزء منها، إذ أحاول الحفاظ على تراث أجدادنا وعاداتنا وتقاليدنا".
وحسب الشاب الذي يعمل مدرسا، فإن البلدة القديمة التي تعتبر مزارا لكل الفلسطينيين في الضفة والقدس، طالما رحبت بزائريها خلال شهر رمضان بالزينة المبهجة، التي كان يشارك في تجهيزها بحارة باب حطة، التي يعيش فيها.
مسحراتي باب حطة في مقطع سابق
واستطرد نجيب بحديثه لموقع "الحرة": "سحّرت الكثيرين على مدار 12 عاما في البلدة القديمة وبالتحديد في باب حطة، فالبعض لا يزالون يفضلون الاستيقاظ على صوت الدف والطبل رغم التكنولوجيا والهواتف وغيرها. هذه عادات وتقاليد نعمل على الحفاظ عليها، لكن هذا العام لأول مرة لا أقوم بهذا التقليد الرمضاني".
خارج البلدة القديمة على بعد 300 متر من المسجد الأقصى جنوبا، وبالتحديد في سلوان، عاش الناشط المقدسي فخري أبو دياب، قبل أن ينتقل في وقت سابق هذا العام إلى حي الشيخ جراح، بعد هدم منزله بواسطة القوات الإسرائيلية.
وقال لموقع "الحرة"، إنه يتحرك تقريبا في كل القدس، مضيفا: "منذ ولادتي قبل 62 عاما وحتى السنة الماضية، كنت أرى زينة رمضان، فالقدس دائما تتزين للشهر الكريم. لكن الآن هي كئيبة وحزينة.. لا زينة ولا عادات اعتدنا القيام بها في رمضان مثل الخروج والتجول بعد الإفطار".
وأوضح أبو دياب أنه في أغلب أحياء القدس، لم يعد هناك وجود للمسحراتي هذا العام، "في ظل وجود الشرطة على مدار الساعة"، قائلا: "نفتقد هذا الإرث التاريخي الذي تراجع بشكل كبير جدا".
ومن سكان القدس أيضًا، قالت تمارا حلواني، في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، إن البلدة القديمة "طالما كانت مقصدا لأهل القدس وكل الفلسطينيين، وحاليا الشوارع بلا زينة، وكأنه شهر عادي، ولا عزائم (على موائد الإفطار والسحور) بسبب الأوضاع في غزة".
"غرباء في القدس"
وفي ظل هذه الأوضاع، يتزايد الوجود الأمني الإسرائيلي في محيط المسجد الأقصى. وأشارت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إلى أن الآلاف من أفراد الشرطة انتشروا، الجمعة، في أنحاء البلدة القديمة بالقدس، "تحسبا لوقوع اضطرابات".
ونقلت عن الشرطة: "بالإضافة إلى 3000 شرطي وعنصر من شرطة حرس الحدود، سيقوم المفوض العام للشرطة، كوبي شبتاي، وقادة لواء القدس ومسؤولون أمنيون من جهاز الأمن العام (الشاباك) بزيارة العديد من مراكز القيادة التي أقيمت في البلدة القديمة، حيث سيحصلون على تحديثات في الوقت الفعلي عن الوضع".
وأوضحت حلواني في حديثها، أنها تسكن على بعد 15 دقيقة من المسجد الأقصى، مضيفة: "هناك صعوبة وقيود على وصول الشباب إلى المسجد، ويمنعون التجمعات التي يشتهر بها رمضان".
وتابعت: "أذكر في إحدى المرات كنت مع أطفالي وجلسنا على الدرج قرب باب العامود، فطالبونا بالتحرك فورا رغم أنني وأطفالي فقط. التجمعات تؤرقهم".
كما قال أبو دياب إن "الحياة تغيّرت للأسوأ". وتابع: "هناك تشديد وحواجز، وكل شخص يحسب ألف حساب قبل أن يصطحب أسرته للتجول في البلدة القديمة أو القدس، خوفا من حدوث أي شيء".
واستطرد: "القدس ليست كما كانت.. نشعر وكأننا غرباء بسبب الوجود الأمني المكثف، في بعض الأحياء المقدسية التي عددنا فيها قليل يكون عدد الشرطة أكبر منا كسكان".
وشددت إسرائيل من قيودها الأمنية مع اندلاع الحرب في غزة، حيث يواجه أكثر من 1.1 مليون فلسطيني "انعداما كارثيا للأمن الغذائي" يقترب من المجاعة وهو "هو أمر غير مسبوق"، وفق تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" الذي نُشر الإثنين.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل، في السابع من أكتوبر، أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس، وأطلقت حملة قصف جوي واسعة أعقبها بعد 20 يوم هجوم بري أتاح لجنودها التقدم من شمالي القطاع الفلسطيني إلى جنوبه. وقد قتل منذ بدء الحرب نحو 32 ألف شخص، حسب وزارة الصحة في غزة.
"قلوب منطفئة"
كان المسحراتي نجيب يتلقى تحذيرات متواصلة من الشرطة الإسرائيلية على مدى السنوات الماضية خلال شهر رمضان، وأوضح: "اعتقلوني في السابق بحقة إزعاج المستوطنين في الحارة، الذين يتصلون بالشرطة، التي تبلغني بدورها (ممنوع صوتي يطلع أو أسحّر) في منطقة فيها منزل مستوطن".
وأوضح مسحر باب حطة التي يقطنها نحو 16 ألف نسمة، أنه "لا يوجد بالحارة سوى منزلين فقط لمستوطنين"، مؤكدا أنه "في كل حارات البلدة القديمة الوضع مشابه".
وتابع: "هذا العام لا زينة ولا سحور.. أجواء رمضان معدومة. الحمد لله يمكننا الصلاة في الأقصى، فنحن كأهل القدس ندخل ونصلي وهذا جيد".
لكن بالنسبة للمقدسي الآخر الذي تحدث للحرة، أبو دياب، فقد أكد أن "الوصول إلى أماكن كالمسجد الأقصى صارت صعبة، لأن بعض السكان في القدس يخشون الذهاب بسبب إمكانية الاعتقال. لكن الأمور تحسنت نسبيا مؤخرا".
وبدرها، اختتمت حلواني حديثها بالقول: "رمضان هذا العام كئيب جدا.. الشوارع كئيبة والقلوب منطفئة وبها حزن. وهم (إسرائيل) لا يسمحون لنا حتى بـ(تغيير الجو)".
أشار حجازي وغيره من سكان القدس إلى أنه لأول مرة منذ سنوات طويلة، لم تتجمّل البلدة القديمة بزينة رمضان، بسبب الأحداث المأساوية في قطاع غزة، والتي حذرت الأمم المتحدة من أنها على وشك الوصول إلى المجاعة.
كانت الكنائس المسيحية في القدس قد ألغت الاحتفالات الخاصة بعيد الميلاد، بسبب الحرب الدائرة في غزة أيضًا، ودعت في بيان رعاياها إلى إظهار "الصلابة"، والتخلي عن الفعاليات الاحتفالية غير الضرورية.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن الجمعة الأولى من شهر رمضان، شهدت "منع آلاف المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة"، فيما أعلنت إسرائيل حينها نشر الآلاف من عناصر الشرطة بمحيط المنطقة "في حالة تأهب قصوى".
ومع بدء الحرب في قطاع غزة، كثّفت القوات الإسرائيلية من وجودها في شوارع القدس، ووصف أحد المواطنين هذا الانتشار بأنه وصل في بعض الأحياء إلى درجة أن "أعداد رجال الشرطة فاقت عدد السكان".
"لا مسحراتي ولا زينة"
تحدث نجيب (34 عاما) لموقع "الحرة"، وقال إن البلدة القديمة "بلا مسحراتي ولا زينة" خلال شهر رمضان هذا العام، مضيفا: "أنا مسحراتي حارة باب حطة، كل عام تكون هناك أجواء رمضانية، والمسحراتي جزء منها، إذ أحاول الحفاظ على تراث أجدادنا وعاداتنا وتقاليدنا".
وحسب الشاب الذي يعمل مدرسا، فإن البلدة القديمة التي تعتبر مزارا لكل الفلسطينيين في الضفة والقدس، طالما رحبت بزائريها خلال شهر رمضان بالزينة المبهجة، التي كان يشارك في تجهيزها بحارة باب حطة، التي يعيش فيها.
مسحراتي باب حطة في مقطع سابق
واستطرد نجيب بحديثه لموقع "الحرة": "سحّرت الكثيرين على مدار 12 عاما في البلدة القديمة وبالتحديد في باب حطة، فالبعض لا يزالون يفضلون الاستيقاظ على صوت الدف والطبل رغم التكنولوجيا والهواتف وغيرها. هذه عادات وتقاليد نعمل على الحفاظ عليها، لكن هذا العام لأول مرة لا أقوم بهذا التقليد الرمضاني".
خارج البلدة القديمة على بعد 300 متر من المسجد الأقصى جنوبا، وبالتحديد في سلوان، عاش الناشط المقدسي فخري أبو دياب، قبل أن ينتقل في وقت سابق هذا العام إلى حي الشيخ جراح، بعد هدم منزله بواسطة القوات الإسرائيلية.
وقال لموقع "الحرة"، إنه يتحرك تقريبا في كل القدس، مضيفا: "منذ ولادتي قبل 62 عاما وحتى السنة الماضية، كنت أرى زينة رمضان، فالقدس دائما تتزين للشهر الكريم. لكن الآن هي كئيبة وحزينة.. لا زينة ولا عادات اعتدنا القيام بها في رمضان مثل الخروج والتجول بعد الإفطار".
وأوضح أبو دياب أنه في أغلب أحياء القدس، لم يعد هناك وجود للمسحراتي هذا العام، "في ظل وجود الشرطة على مدار الساعة"، قائلا: "نفتقد هذا الإرث التاريخي الذي تراجع بشكل كبير جدا".
ومن سكان القدس أيضًا، قالت تمارا حلواني، في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، إن البلدة القديمة "طالما كانت مقصدا لأهل القدس وكل الفلسطينيين، وحاليا الشوارع بلا زينة، وكأنه شهر عادي، ولا عزائم (على موائد الإفطار والسحور) بسبب الأوضاع في غزة".
"غرباء في القدس"
وفي ظل هذه الأوضاع، يتزايد الوجود الأمني الإسرائيلي في محيط المسجد الأقصى. وأشارت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إلى أن الآلاف من أفراد الشرطة انتشروا، الجمعة، في أنحاء البلدة القديمة بالقدس، "تحسبا لوقوع اضطرابات".
ونقلت عن الشرطة: "بالإضافة إلى 3000 شرطي وعنصر من شرطة حرس الحدود، سيقوم المفوض العام للشرطة، كوبي شبتاي، وقادة لواء القدس ومسؤولون أمنيون من جهاز الأمن العام (الشاباك) بزيارة العديد من مراكز القيادة التي أقيمت في البلدة القديمة، حيث سيحصلون على تحديثات في الوقت الفعلي عن الوضع".
وأوضحت حلواني في حديثها، أنها تسكن على بعد 15 دقيقة من المسجد الأقصى، مضيفة: "هناك صعوبة وقيود على وصول الشباب إلى المسجد، ويمنعون التجمعات التي يشتهر بها رمضان".
وتابعت: "أذكر في إحدى المرات كنت مع أطفالي وجلسنا على الدرج قرب باب العامود، فطالبونا بالتحرك فورا رغم أنني وأطفالي فقط. التجمعات تؤرقهم".
كما قال أبو دياب إن "الحياة تغيّرت للأسوأ". وتابع: "هناك تشديد وحواجز، وكل شخص يحسب ألف حساب قبل أن يصطحب أسرته للتجول في البلدة القديمة أو القدس، خوفا من حدوث أي شيء".
واستطرد: "القدس ليست كما كانت.. نشعر وكأننا غرباء بسبب الوجود الأمني المكثف، في بعض الأحياء المقدسية التي عددنا فيها قليل يكون عدد الشرطة أكبر منا كسكان".
وشددت إسرائيل من قيودها الأمنية مع اندلاع الحرب في غزة، حيث يواجه أكثر من 1.1 مليون فلسطيني "انعداما كارثيا للأمن الغذائي" يقترب من المجاعة وهو "هو أمر غير مسبوق"، وفق تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" الذي نُشر الإثنين.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل، في السابع من أكتوبر، أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس، وأطلقت حملة قصف جوي واسعة أعقبها بعد 20 يوم هجوم بري أتاح لجنودها التقدم من شمالي القطاع الفلسطيني إلى جنوبه. وقد قتل منذ بدء الحرب نحو 32 ألف شخص، حسب وزارة الصحة في غزة.
"قلوب منطفئة"
كان المسحراتي نجيب يتلقى تحذيرات متواصلة من الشرطة الإسرائيلية على مدى السنوات الماضية خلال شهر رمضان، وأوضح: "اعتقلوني في السابق بحقة إزعاج المستوطنين في الحارة، الذين يتصلون بالشرطة، التي تبلغني بدورها (ممنوع صوتي يطلع أو أسحّر) في منطقة فيها منزل مستوطن".
وأوضح مسحر باب حطة التي يقطنها نحو 16 ألف نسمة، أنه "لا يوجد بالحارة سوى منزلين فقط لمستوطنين"، مؤكدا أنه "في كل حارات البلدة القديمة الوضع مشابه".
وتابع: "هذا العام لا زينة ولا سحور.. أجواء رمضان معدومة. الحمد لله يمكننا الصلاة في الأقصى، فنحن كأهل القدس ندخل ونصلي وهذا جيد".
لكن بالنسبة للمقدسي الآخر الذي تحدث للحرة، أبو دياب، فقد أكد أن "الوصول إلى أماكن كالمسجد الأقصى صارت صعبة، لأن بعض السكان في القدس يخشون الذهاب بسبب إمكانية الاعتقال. لكن الأمور تحسنت نسبيا مؤخرا".
وبدرها، اختتمت حلواني حديثها بالقول: "رمضان هذا العام كئيب جدا.. الشوارع كئيبة والقلوب منطفئة وبها حزن. وهم (إسرائيل) لا يسمحون لنا حتى بـ(تغيير الجو)".