حوراء مرهون
غابة من ملكة الفواكه في سطح منزله«أحببتها لأنها صعبة، ولأنها بحاجة إلى من يفهمها، أفتح عيني عليها وأغمضهما أيضا، ومتعتي أن أتأملها على الأغصان دون قطفها». هكذا وصف المزارع البحريني فاضل حسن الماحوزي علاقة الحب التي تجمعه بشجرة المانجو، فهو المتيم بأغصانها الذي بدأ في زراعة المانجو منذ 22 عاماً على سطح منزله، محولًا إياه من سطح منزل عادي لغابة أشجار المانجو بنظام ري وتصريف احترافي ومبتكر.
«الوطن» زارت فاضل الماحوزي في منزله بمنطقة «الماحوز» للاطلاع على تجربة ملهمة لمتقاعد محدود الدخل تحدى كل ظروفه الصعبة ليمارس شغفه وعشقه: «زراعة المانجو».
وهذا نص الحوار:
عرفنا بنفسك؟
- أنا فاضل حسن علي من أبناء منطقة الماحوز، أسكن في بيت والدي وحولت سطح الطابق الرابع لجنة مانجو منذ 25 عاماً، ورثت مهنتي من الآباء والأجداد في الماحوز التي كانت جنة من البساتين الخضراء، كنت «نخلاويا» منذ العاشرة من عمري ثم أصبحت «بستنيا» متخصصا في زراعة المانجو، أبلغ من العمر 52 عاما، أب لأربعة أبناء وكنت أعمل في هيئة السياحة مشرفاً على الحدائق وتقاعدت منذ ثلاثة أعوام متفرغاً لزراعة المانجو في سطح منزلي.
حدثني عن تجربة زراعة المانجو في سطح المنزل؟
- في البداية كنت أزرع النخل وبعض الورود مثل الجوري والمحمدي في سطح المنزل، ثم فكرت في زراعة الأشجار المثمرة، فبدأت بالحمضيات والتين ونجحت فيها، وبعد ذلك تحديت نفسي بأن أنجح في زراعة المانجو، رغم أن كل المتخصصين في الزراعة أحبطوني وقالوا إن شجرة المانجو علمياً لا تتحمل الزراعة في حوض صغير بسبب جذورها الممتدة وطبيعتها الفيسيولوجية، لكنني اتخذت قراراً بأن أتحدى هذا الكلام وأزرعها، فبدأت من الصفر بزراعة البذور وواجهت فشلاً لمدة 3 سنوات حتى استطعت إنتاج شتلة ناجحة، ثم واجهت مشكلة الإثمار حتى تجاوزتها أيضاً.
بلغة الأرقام، كم تبلغ المساحة الزراعية، وكمية الإنتاج، والكلفة التشغيلية؟
- على مساحة تقدر بنحو 250 متراً مربعاً لدي 250 شجرة وشتلة في هذه المساحة، وأنتج سنوياً 300 شتلة أنتقي منها أقل من 15 شتلة لمزرعتي وأبيع المتبقي من الفائض لتوفير دخل مادي يغطي مصاريف الحديقة، والذي يعتبر دخلاً محدوداً جداً أيضا، حيث تكلفني مزرعة أشجار المانجو في المنزل 200 دينار شهريا لسد احتياجات الزراعة.
لماذا اخترت زراعة المانجو تحديداً؟
- أحب المانجو وهي ملكة الفواكه ولا أظن أن أحداً لا يحبها، أغرتني صعوبة التعامل مع شجرة المانجو، وهذا ما زاد حماسي وإصراري لإنتاج شتلة مانجو من البذور المزروعة في حوض بسطح البيت.
تعرضت للسخرية وقال الكثيرون إنني مجنون ولم يصدقوا إمكانية زراعة أشجار مانجو مثمرة في سطح المنزل، لكني أواجه كل من قال هذا الكلام اليوم بالإنتاج والثمر، وفي الواقع أنا مجنون ومهووس بالمانجو.
ما علاقتك بشجرة المانجو؟
- الشجرة أكثر من صديقة وحبيبة، أنا أتكلم مع أشجاري ويفهم بعضنا بعضاً، من منظر الأوراق ومن حال الشجرة أعرف احتياجاتها ومشاكلها، والعمل الناجح هو الذي يكون فيه إحساس وإبداع.
أشجاري هي أبنائي وعائلتي الذين أقضي أوقاتي بصحبتهم لدرجة أن زوجتي تغار منهم.
نظرًا لقدم المنزل، هل يشكل وزن الأشجار على السطح خطراً على قاطنيه؟
- بالفعل المنزل قديم جداً، لذلك اتخذت تدبيراً بتقوية سقف المنزل عن طريق تركيب أعمدة حديدية على شكل علامة «زائد»، وهذا ما يجعلني أطمئن بأن السطح سيتحمل الوزن الموجود.
هل تستخدم مبيدات حشرية للتخلص من الحشرات الضارة؟
- أحرص في مزرعتي على عدم استخدام المبيدات إلا في الضرورات القصوى، لأنني أزرع في منزل يسكنه أهلي وأبنائي وذلك يشكل خطورة عليهم، فألجأ للمكافحة الحيوية للقوارض والحشرات، لا أتخلص من الحشرات والقوارض وأتركها تكافح بعضها ما يمكن تسميته «الحفاظ على التوازن البيئي في سطح البيت».
ما طرق العناية بشجرة المانجو؟
- قليل من الناس يجيدون التعامل مع شجرة المانجو رغم أنها شجرة سهلة، يكفيها تسميد مرة واحدة في السنة في الحوض، وغالبية الناس يبالغون في التسميد وهذا أهم سبب لفشل زراعة المانجو، لأن المبالغة في التسميد تسبب تلف الجذور والإصابات الفطرية.
كما أعتمد الآن طريقة الزراعة المائية وتدوير مياه الصرف للاستخدام في الري لتقليل استهلاك المياه عبر مد أنابيب مرتبطة بخزانات في الأرض.
علمياً لا يكفي الحوض لمد جذور الشجرة، ولكنني أوفر لها كل احتياجاتها فيصيب الجذور الكسل فلا تمتد ويكفيها الحوض.
ما أهم التحديات التي واجهتها؟
- التحديات والمحبطات كانت كثيرة، أهمها زراعة الشجرة في حوض صغير، بالإضافة إلى الجانب المادي لتغطية الكلفة الزراعية، والأهم المساحة الزراعية المحدودة جداً لدي في سطح المنزل، ولكني بعون الله تجاوزت كل هذه التحديات والنتيجة تشهد على ذلك.
بعد فشل 3 أعوام في زراعة المانجو والتعرض للعديد من المحبطات، ما سِر الاستمرار لديك؟
- ربما الشغف أو الإلهام؟ لا أدري، لكن في وجهة نظري من الطبيعي أن يواجه الفرد مشاكل في عمله والصواب أن يبحث ويبتكر ويستفيد من تجارب الآخرين لحلها، لأن لا مشكلة في الدنيا بلا حل.
هل هنالك طموح للتعاون مع الجهات المعنية لتطوير العمل الزراعي وزيادة الإنتاج؟
- حسب علمي يشترط لحصولي على الرخصة الزراعية وجود أرض أو مزرعة للاستفادة من دعم المبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي، ولكن محدودية إمكانياتي المادية تعيقني عن الاستفادة مما سبق رغم أنني أرغب في تطوير عملي الذي هو شغفي. في الحقيقة زراعة المانجو ليست مكلفة إذا فهمها المزارع وأجاد التعامل معها.