15.9 مليار دينار بحريني رصيد الاستثمارات الأجنبية في سبتمبر 2023
حسن الستري

أكدت وزارة المالية والاقتصاد الوطني أن اقتصاد مملكة البحرين سجل نمواً بالأسعار الثابتة بنسبة %5.1 في العام 2022. وتوقعت أن يستمر الاقتصاد في تسجيل نمو حقيقي بمعدل %3 للعام 2024 مدعوماً بالقطاعات غير النفطية. أما بالنسبة لمعدلات التضخم، فقد استقر مؤشر أسعار المستهلك بتسجيله نمواً طفيفاً بنسبة 0.2% بين شهر يناير - نوفمبر 2023، مقارنة بذات الفترة من العام 2022 نتيجة السياسات الناجحة التي اتبعتها مملكة البحرين.

وكشفت أن رصيد الاستثمارات الأجنبية التراكمي 15.9 مليار دينار بحريني بنهاية الربع الثالث من العام 2023 مسجلاً زيادة بنسبة %19.4 مقارنة بالربع الثالث من العام 2022.

وذكرت في ردها على سؤال النائب أحمد قراطة أن حكومة مملكة البحرين تنتهج العديد من الأساليب والآليات للتعامل مع التحديات والمتغيرات الاقتصادية المختلفة، وتعكف باستمرار على مراجعة ودراسة أنسب المبادرات والبرامج التي من شأنها الحد من الآثار السلبية الناجمة عن هذه المتغيرات والتحديات الاقتصادية مع اختلاف مسبباتها، كما تقوم الحكومة بشكل استباقي بالدفع بمختلف البرامج التنموية الهادفة إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وذلك بالتنسيق مع السلطة التشريعية التي كان لها الدور المحوري في تنفيذ البرامج ذات العلاقة في السنوات القليلة الماضية.

وأشارت إلى أن أحد أبرز الخطوات التي اتخذتها حكومة مملكة البحرين للتعامل مع التحديات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا (كوفيد - 19) هو إطلاق الحزمة المالية والاقتصادية والتي بلغت قيمتها 4.5 مليار دينار بحريني، أي ما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي لمملكة البحرين، وذلك لإسناد القطاعات الأكثر تضرراً والمحافظة على وظائف المواطنين ووضع مملكة البحرين بالموقع الأنسب للتعافي الاقتصادي، وقد تم بعد ذلك الإعلان عن خطة التعافي الاقتصادي في أواخر شهر أكتوبر من العام 2021 والتي ارتكزت على 5 أولويات وتضمنت 27 برنامجاً، حيث تقوم وزارة المالية والاقتصاد الوطني بدروها بمتابعة تنفيذ كافة الأولويات والبرامج مع الجهات الحكومية المنفذة، ويتم العمل بشكل مستمر على قياس النتائج وآثارها الإيجابية على الاقتصاد الوطني.

وبينت أن قراءة المؤشرات الاقتصادية وأداء الاقتصاد العالمي يعد من الأمور الهامة التي تساهم في رسم أولويات العمل واتخاذ ما يلزم من تدابير للتعامل مع ما يأتي من تحديات وكذلك اغتنام ما تجلبه هذه التحديات من فرص، بهدف تحقيق المزيد من النمو والازدهار للاقتصاد الوطني.

ولفتت إلى أنه، وفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فإن التعافي الاقتصادي العالمي لا يزال بطيئاً رغم التحديات التي يواجهها العالم من آثار جائحة كورونا طويلة الأجل، والتوترات الجيوسياسية، ومستويات التضخم العالية وغيرها من العوامل، والتي ستستمر في تحديد توجه الاقتصاد خلال الأعوام القادمة. حيث أنه من المتوقع أن تتباطأ معدلات نمو الاقتصاد العالمي من 3.5 في العام 2022 إلى 3.0 في العام 2023 و 2.9% في العام 2024 وفقاً لتقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2023. كما تشير نتائج التقرير إلى أنه من المتوقع أن تنخفض معدلات التضخم العالمية من 8.7% في العام 2022 إلى 6.9 % في العام 2023، لتصل إلى 5.8 % في العام 2024 إلا أنها ما زالت ضمن مستويات عالية، ولكنه من المتوقع أن تنخفض بشكل أكبر في عام 2025.

ولمواجهة ارتفاع معدلات التضخم، قامت البنوك المركزية عالمياً برفع أسعار الفائدة، الأمر الذي أدى إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي. إلا أن الاقتصادات العالمية شهدت مرونة عالية في ظل السياسات النقدية المتخذة حيث توقع الكثير من الاقتصاديين حدوث ركود اقتصادي نتيجة هذه السياسات، في الوقت الذي مازالت فيه الاقتصادات العالمية تشهد نمواً إيجابياً.

وعلى مستوى اقتصادات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعلى الرغم من التحديات العالمية، شهدت الاقتصادات الخليجية نمواً إيجابياً ملحوظاً بعد الجائحة بحوالي 8% خلال العام 2022 مقارنة بالعام 2021 ليعادل حجم اقتصاد هذه الدول حوالي 2.3 تريليون دولار ومن المتوقع أن يصل إلى 6 تريليونات دولار بحلول العام 2050 وفق تقديرات متحفظة.

وقد سجل اقتصاد مملكة البحرين نمواً بالأسعار الثابتة بنسبة %5.1 في العام 2022. ومن المتوقع أن يستمر الاقتصاد في تسجيل نمو حقيقي بمعدل %3 للعام 2023 و 2024 مدعوماً بالقطاعات غير النفطية. أما بالنسبة لمعدلات التضخم، فقد استقر مؤشر أسعار المستهلك بتسجيله نمواً طفيفاً بنسبة 0.2% بين شهر يناير - نوفمبر 2023 مقارنة بذات الفترة من العام 2022 نتيجة السياسات الناجحة التي اتبعتها مملكة البحرين.

وشهد الاقتصاد المحلي توسعاً في القطاعات غير النفطية نتيجة الجهود المستمرة في تعزيز التنويع الاقتصادي، حيث بلغت مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة نسبة 83.6% خلال الربع الثالث من العام 2023. وواصل قطاع المشروعات المالية تصدره للمرة الرابعة على التوالي حيث بلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة نسبة 18.1%.

أما بالنسبة للسياسات التي من شأنها تعزيز نمو الاقتصاد فقد حرصت الحكومة من خلال كافة الجهات ذات العلاقة على تنفيذ وتحقيق المستهدفات التي جاءت ضمن أولويات خطة التعافي الاقتصادي وهي خلق فرص عمل واعدة لجعل المواطن الخيار الأول في سوق العمل، وتسهيل الإجراءات التجارية وزيادة فعاليتها وتنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، وتنمية القطاعات الواعدة، وتحقيق الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي.

وتجدر الإشارة إلى إحدى أبرز المبادرات ضمن خطة التعافي الاقتصادي وهي إطلاق منصة استثمار الأراضي الحكومية والتي توفر فرص لاستثمار الأراضي المملوكة من قبل الحكومة في مختلف القطاعات الحيوية، حيث تم إدراج أكثر من 40 أرضاً على المنصة بهدف جذب استثمارات القطاع الخاص بصورة شفافة.

ولعل أحدث المبادرات التنموية على الصعيد الدولي لمملكة البحرين هي انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة والتي تهدف لتعزيز الشراكات بين كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية لتحقيق التكامل الصناعي من خلال تأمين سلاسل التوريد وإحلال الواردات، للوصول إلى صناعات متكاملة ذات قيمة مضافة. وتجدر الإشارة إلى استضافة مملكة البحرين الاجتماع الرابع للجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية والتي شهدت انضمام المملكة المغربية إلى المبادرة حيث تم توقيع 5 اتفاقيات لمشاريع مشتركة بقيمة تفوق 2.2 مليار دولار أمريكي.

وتساهم هذه المبادرات النوعية في توفير بيئة أعمال جاذبة حيث بلغ رصيد الاستثمارات الأجنبية التراكمي 15.9 مليار دينار بحريني بنهاية الربع الثالث من العام 2023 مسجلاً زيادة بنسبة %19.4 مقارنة بالربع الثالث من العام 2022.

وفيما يخص تعزيز القدرة التنافسية لمملكة البحرين فإن العمل على مراجعة الإجراءات والخدمات المتعلقة ببيئة الأعمال يتم بشكل مستمر حيث تقوم وزارة المالية والاقتصاد الوطني بإعداد التقارير التحليلية ودراسات الفجوات لأداء المملكة وإعداد خطط التحسين اللازمة وتنفيذها بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، الأمر الذي ساهم في تحسين أداء وتصنيفات مملكة البحرين ضمن العديد من مؤشرات وتقارير التنافسية العالمية وعلى سبيل المثال حافظت المملكة على صدارتها كأكثر الاقتصادات حرية في العالم العربي بحسب تقرير الحرية الاقتصادية في العالم 2023 الصادر عن معهد فريزر وضمن السياق ذاته فقد تصدرت مملكة البحرين دول منطقة الشرق الأوسط في الحرية المالية والتجارية وحرية الاستثمار بحسب نتائج مؤشر الحرية الاقتصادية 2023 الصادر عن هيريتيج فاونديشن.

كما تحرص الوزارة على التباحث مع المنظمات والمؤسسات الدولية المرموقة لإدراج مملكة البحرين ضمن تصنيفاتها، وكان آخر الجهود إدراج المملكة ضمن تصنيف التنافسية العالمية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD، وفي العام الثاني من إدراج المملكة ضمن هذا التصنيف فقد أوضحت نتائج التصنيف للعام 2023 تقدم المملكة بواقع 5 مراتب لتصبح في المركز 25 عالمياً.

وعلى صعيد المؤشرات التي تقيس البنية التحتية والأداء اللوجستي فقد حققت مملكة البحرين أداءً متميزاً بتقدمها بواقع 25 مرتبة لتصبح في المركز 34 عالمياً ضمن مؤشر الأداء اللوجستي 2023 الصادر عن البنك الدولي.

كما أثمرت المبادرات والجهود المبذولة لتنمية رأس المال البشري وتمكينه في القطاعين العام والخاص بتحقيق نتائج متقدمة ضمن المؤشرات والتقارير التي تقيس رأس المال البشري والمواهب، حيث تحسن تصنيف مملكة البحرين بواقع 8 مراتب لتصبح في المركز 27 عالمياً ضمن تصنيف المواهب العالمية 2023 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD، كما تحسن تصنيف مملكة البحرين ضمن مؤشر تنافسية المواهب العالمية الصادر عن معهد السياد INSEAD بواقع 5 مراتب ضمن الإصدار الأخير.

هذا إضافة إلى تقارير ومؤشرات أخرى صادرة عن مؤسسات ومنظمات دولية مرموقة، والتي تبين مستويات التقدم ضمن مجالات الاقتصاد ورأس المال البشري والابتكار وريادة الأعمال والقطاعات الحيوية الأخرى. الأمر الذي يعطي المستثمرين المحليين والأجانب التأكيد على أفضلية مملكة البحرين وجاذبيتها لتأسيس أعمالهم التجارية والاستثمارية، الأمر الذي تؤكده نتائج مملكة البحرين ضمن تقرير الاستثمار العالمي 2023 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد). حيث ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمملكة البحرين بنسبة 9.7% لتصل إلى 1,951 مليون دولار أمريكي خلال العام 2022، وذلك على الرغم من انخفاض تدفقات الاستثمارات الأجنبية عالمياً بنسبة 12%.