العالم يكرّس اليوم العالمي للانتقال من التوعية الي التمكين..


سماهر سيف اليزل

"هناك جينات يُرجح أن لها دوراً في التسبّب بالإصابة بالتوحّد، وقدرات المصابين متفاوتة ومختلفة جداً، فقد يصل الأمر بالبعض ليكون من المواهب الاستثنائية في مجالات معينة مثل الرياضيات أو الفن، بينما يواجه آخرون صعوبات حتى بالتواصل اللفظي"، هي بعض حقائق كشفها لـ"الوطن" ومدير مركز "معاً" أسامة مدبولي الذي أكد أن التشخيص المبكر لاضطراب طيف التوحّد يُعدّ أمراً مهماً للغاية، خاصة في وقت يتم فيه حالياً تطوير واستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات والعلاجات التعليمية التأهيلية.

وقبل سرد حقائق ومعلومات أكاديمية قدمها مدير مركز "معاً" أسامة مدبولي، لابد من الحديث حول إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع يوم الثاني من أبريل بوصفه اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحّد 2024 (القرار 139/62)، حيث يهدف العالم إلى زيادة الوعي حول اضطراب طيف التوحّد وأعراضه، وتسليط الضوء على الحاجة لدعم الأشخاص من ذوي اضطراب طيف التوحّد وعائلاتهم والتعبير عن التضامن معهم ودعمهم، إضافة إلى تشجيع المجتمع على زيادة فرص التعامل معهم والتعرّف على احتياجاتهم وقدراتهم وتمكينهم بصورة مميزة طبقاً لعنوان هذا العام "الانتقال من التوعية إلى التمكين".

وتُنظم العديد من الفعاليات التوعوية في جميع أنحاء العالم بهذه المناسبة، من أجل نشر الوعي وتعزيز الفهم والقبول حتى يتمكنوا من العيش حياة كاملة كجزء لا يتجزأ من المجتمع ومستقلين تماماً في كل شيء.

وللتعرّف على بعض الحقائق المهمّة حول هذا الاضطراب، أوضح الخبير واستشاري التربية الخاصة ومدير مركز "معاً" أسامة مدبولي أن "التوحّد هو اضطراب في التطور العصبي يؤثر على كيفية تفاعل الشخص مع العالم من حوله، يتميّز الأشخاص الذين يعانون من التوحّد بصعوبات في التواصل الاجتماعي وفي التفاعل الاجتماعي، وتكرار سلوكيات محددة، واهتمامات ضيقة، واضطراب في الحواس، يختلف تواجد هذه الصفات وشدتها من شخص إلى آخر، مما يجعل كل فرد يُظهر توحّداً يمتلك ميزاته وصعوباته الفريدة".

وأوضح مدبولي أن "اضطراب طيف التوحّد يظهر في مرحلة الطفولة، غير أنه يميل إلى الاستمرار في فترة المراهقة وسن البلوغ، ويستمر مدى الحياة ولكن بالتدريب والتأهيل والتدخل تتحسن قدرات الطفل وبالإهمال يزداد سوءاً".

وأكد أن "الباحثين اكتشفوا وجود جينات يُرجح أن لها دوراً في التسبّب بالتوحّد، وبعضها يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب، بينما يُؤثر بعضها الآخر على نمو الدماغ وتطوره وعلى طريقة اتصال خلايا الدماغ فيما بينها".

وتابع مدبولي: "يُعدّ تقييم الذكاء لدى الأطفال الذين لديهم اضطراب طيف التوحّد شيئاً ضرورياً من أجل تسليط الضوء على إمكانياتهم وبناء الخطط التعليمية والحياتية المناسبة لهم".

وأردف أن "اضطراب طيف التوحد يتميّز بتعدد الأعراض والصعوبات التي يواجها الأفراد الذين لديهم اضطراب طيف التوحد، ويمكن أن تتراوح هذه الصعوبات من صعوبات في التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي إلى سلوكيات مكررة واهتمامات ضيقة، كما: يوجد تباين كبير بين الأفراد الذين لديهم طيف التوحد فيما يتعلق بالقدرات والاهتمامات، فبعضهم يمتلك مواهب استثنائية في مجالات معينة مثل الرياضيات أو الفن، بينما يواجه آخرون صعوبات في بعض المجالات الأكاديمية، بينما يمكن أن يواجه الأشخاص من ذوي اضطراب طيف التوحد صعوبات في التواصل اللفظي، يمكن أن يظهروا تواصلاً غير لفظياً مثل استخدام الإشارات أو التواصل بواسطة الصور".

وأوضح ان "التشخيص المبكر لاضطراب طيف التوحد يعد أمراً مهماً للغاية، حيث يمكن للتدخل المبكر والتدريب المناسب أن يساعد في تحسين نتائج العلاج وتطوير المهارات الاجتماعية والتواصلية للأطفال الذين لديهم اضطراب طيف توحد، إضافة إلى حاجة الأفراد من ذوي اضطراب طيف التوحد إلى دعم وتفهم من الأهل والمجتمع المحيط بهم، حيث يمكن للتفهم والدعم الإيجابي أن يساعد في تعزيز ثقتهم بأنفسهم وتحسين جودة حياتهم اليومية".

وأكد أنه "يتم حالياً تطوير واستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات والعلاجات التعليمية التأهيلية لدعم الأفراد من ذوي اضطراب طيف التوحد، بما في ذلك التدريب التفاعلي الاجتماعي والعلاج السلوكي التطبيقي والعلاج بالتواصل اللفظي واللغة والعلاج الخاص بتنمية الحواس".

وبمناسبة اتخاذ "تمكين ذوي اضطراب طيف التوحّد" شعاراً لهذا العام 2024 كهدف مهم لتحسين جودة حياتهم وزيادة استقلاليتهم، استعرض مدبولي بعض الاستراتيجيات لتمكين المصابين بالتوحد:

1. التوعية والتثقيف: يجب أن يكون هناك توعية وفهم عام حول اضطراب طيف التوحّد واحتياجاتهم الخاصة، يمكن تحقيق ذلك من خلال توفير موارد تثقيفية للمجتمع والمدارس والأسر.

2. التدريب والمهارات الحياتية: يجب توفير تدريب مكثف للمهارات الحياتية، مثل التواصل والاستقلالية في الحياة اليومية، يمكن أن يشمل ذلك التدريب على الاستقلالية في النظافة الشخصية، والتسوق، والطهي، وإدارة المال، والتنقل.

3. الدعم الاجتماعي والتفاعل: يجب تشجيع التواصل الاجتماعي وتطوير مهارات التفاعل مع الآخرين، يمكن تحقيق ذلك من خلال الانخراط في أنشطة مجتمعية والتفاعل مع الأقران.

4. التخطيط المسبق والتوجيه البصري: يمكن استخدام الجداول الزمنية والرموز البصرية لتوجيه الأفراد خلال الأنشطة والانتقالات، يساعد ذلك في تقديم توجيه واضح ومحدد للخطوات المطلوبة، حتي يتمكنوا من الاستقلالية.

5. التكيف مع البيئة: يجب توفير بيئة ملائمة لذوي اضطراب طيف التوحد، يمكن أن يشمل ذلك تقليل المشتتات الحسية وتوفير مساحات هادئة للاستراحة.

6. التوجيه الأسري والتعاون مع المدرسة: يجب أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين الأسرة والمدرسة لدعم الطفل في البيئتين.

وخلص مدبولي إلى القول إن "تمكين ذوي اضطراب طيف التوحّد يتطلب جهوداً مشتركة من الأُسرة والمجتمع والمدرسة لتحقيق نجاحهم وتقديم الدعم اللازم لهم".