هبة محسن - تصوير: محمد عارف
نرى في سلمان بن حمد المستقبل المنير
مجلس خليفة بن سلمان مدرسة لتعليم الأمور الحياتية
أذهب إلى اليابان 4 مرات خلال السنة لاكتشاف كل جديد في تقنية السيارات
الساعة عندي ليست أداة لتفقد الوقت بل تحمل أهمية تاريخية وعاطفية
كانت أعواماً من الكفاح والعمل بدأها يشق الصخر في سبيل تحقيق ما يتمناه، آمن بأن حياته لن تكتمل إلا بحب الناس، أخلص لعمله وأفنى فيه عمره، نذر حياته لإسعاد كل من حوله سواء كانوا أهلاً أو أصدقاءً أو عملاء، ارتبط بهم وعاش معهم بعقله وقلبه ووجدانه، يكرس وقته وجهده للشركة التي بدأ فيها مسيرته في عالم السيارات، لا يشعر بأي حرج عن الحديث عن بداياته المهنية المتواضعة.

إسماعيل أكبر الأب الروحي لعالم تويوتا في البحرين، اسمه يتردد في كل بيت وشارع، يعرفه الكبير والصغير، ورسالته التي يؤمن بها: «الخبرة وحب الناس أهم من الشهادة»، وكلمته الدائمة: «بابي مش مسكر»، نموذج للتواضع وترك الكِبَر، ويشعر دائماً بالرضا بما يملكه، وعقيدته هي عدم النظر للآخرين بنظرة استعلاء مهما امتلك من مال أو جاه أو علم، واثقاً أن هذه الصفة تقرّب الإنسان إلى نفوس الآخرين.

إن الطموح عالي المستوى، والنظر إلى الأعلى وصنع الذات واستثمار الطاقات والمواهب الكامنة فيها، والاستفادة من كل الفرص المتوفرة بعض من سمات صاحب «الشخصية العصامية»، الذي دائماً ما يسعى لتحقيق أهدافه رافضاً القبول بالحد الأدنى منها.

وقصة نجاح إسماعيل أكبر، أيقونة النجاح والعطاء، لم تكن قصة عادية بل كانت وستظل ملهمة لشباب الأمس واليوم والغد، تاريخ من الجهد والمثابرة شعاره الكفاح والعمل والاجتهاد والتلاحم مع الناس.

وفي حديث مع «الوطن»، عرج بنا أكبر للحديث عن أول المهن التي مارسها في بداية حياته والتي اختلفت تماماً عن ما هو عليه الآن، إلا أن شغفه في تعلم حرف جديدة كان دافعاً له، فذهب لتفقد كل أسرار عالم السيارات وإداراتها وبيعها، مما أهله بالتدرج ليكون الآن المدير التنفيذي العام للمبيعات لشركة إبراهيم خليل كانو.

وفي هذا اللقاء نبحر معه في ذكريات البداية والنشأة حيث يسترجع معنا القديم والحديث ويحدثنا عن البحرين ورؤيتها.

حدثنا عن حياتك الشخصية وكيف بدأ مشوارك العملي؟

- أغلب الشخصيات العصامية لم ترث الثروة والمجد والسلطة من أسلافها وإنما هي من كوّنتها وورثتها لمن بعدها، ما يعني أن الوراثة لم يكن لها الدور الكبير في تكوينها، فتلك الشخصيات لم ترث العلم والفكر ولم تعتمد على تعليم المدرسة وشهادات الجامعة وإنما اكتسبت العلم بجدها واجتهادها.

دراستي إلى المرحلة الثانوية، تعلمت من والدي الحفاظ على الصلاة وقراءة القرآن الكريم وحب الناس والحمد لله ختمت المصحف الشريف، كان والدي رحمة الله عليه شديد علينا في الدراسة، وفي أثناء عملي كنت أدير مقصفين داخل المدرسة، وعملت في مقهى فندق صحاري خلال فترة الإجازة الصيفية المدرسية وكنت أتقاضى راتباً يومياً 100 فلس، وامتلكت شركة تأجير سيارات قبل عملي في تويوتا، عندي خمسة إخوة وأخوات كلهم متزوجون، وعلاقتي بأولاد إخوتي كأنهم أبنائي وأكثر، «لم أتزوج لكني تزوجت عملي وهذا السر الثاني وراء نجاحي».

أخي إبراهيم يعمل معنا في تويوتا، والأخ الآخر يملك شركة تأجير عقارات والأخوات الإناث الثلاث لا يعملن.

كيف كانت بداياتك مع شركة إبراهيم خليل كانو؟

- الدراسة لم تكن مهمة بالنسبة لمهنتي، لم أحصل على أي شهادة في عالم السيارات، ولكن خبرتي المتراكمة طوال هذه السنوات هي من صنعت «إسماعيل أكبر»، بدأت مع عائلة إبراهيم خليل كانو والأخوين فؤاد ومحمد كانو بشكل رسمي عام 1977، عملت لديهم في البداية كسائق أوصل أبناء محمد وفؤاد كانو، أجلب لهم الخبز من الخباز، ومن ثم انتقلت إلى الشركة، وعملت في كل أقسام تويوتا، اشتغلت في قسم قطع الغيار واشتغلت محاسباً ومحصلاً، وكنت أذهب إلى ورشة الصيانة القديمة، وأتدخل لحل مشاكل الزبائن، لا يوجد عندي شيء صعب.

كانت أول رحلة لي لليابان لها قصة أتذكرها جيداً، فقد استقبلت في المطار من قبل مدير في تويوتا، ياباني الجنسية، وبدأنا في حوار خلال الطريق، سألني ما هو تخصصي؟ أجبت: «أنا بتاع كله»، ولكنه كانت له نظرة أخرى وقال لي أنت لديك خلفية وخبرة في السيارات ونحتاج أن ننميها، وبالفعل ابتعثت إلى اليابان لمدة أسبوعين للتدريب، وكانت هذه نقطة البداية الحقيقية لي في عالم السيارات، ومن وقتها أذهب إلى اليابان أربع مرات في السنة، لم أؤمن بفكرة تغيير محل عملي بالرغم من الزيادة في الراتب التي عرضت علي، كنت على ثقة إن الخبرة التي سأكتسبها في الاستمرار مع شركة إبراهيم خليل كانو ستكون هي مفتاح نجاحي والأن بعد مرور 47 عاماً مكتبي في معرض إبراهيم خليل كانو بسترة أصبح مزاراً ومقصداً للجميع، أستمع لكل زائر ولا أبخل بإعطاء الإرشادات لكل موظف وعامل في الشركة، أبحث دائماً عن ما يرضي العميل والقاعدة عندي هي أنني أحتاج الزائر وليس هو من يحتاجني، أسافر بشكل دائم إلى مصانع تويوتا ولكزس للبحث والدراسة لاكتشاف كل جديد في عالم تقنية السيارات لرفع القيمة الخدماتية للزبائن، وأحرص على أن تظل علاقة العملاء بي وبالمعرض مستمرة حتى بعد عمليات الشراء والاستفسار.

لم أكتفِ بكوني مدير المبيعات، فعملي يشمل كل ما يخدم عملاء كانو، وهذا ما جعلني اليوم أستمر لمدة 47 عاماً مع الأخوين محمد وفؤاد كانو من محبتهما وتقديرهما لي.

باختصار «تعلمت من الناس أشياء كثيرة وبابي مفتوح للصغير والكبير، مما جعل الجميع يسأل من هو «إسماعيل أكبر»، «بابي مش مسكر».

ما هي هواياتك الأخرى؟

- الهوايات الأخرى التي أحبها بعيداً عن السيارات، هي جمع الساعات الثمينة واقتناؤها، الساعة عندي ليست مجرد أداة لتفقد الوقت، بل تحمل أهمية تاريخية وعاطفية بالنسبة لحاملها، بالإضافة إلى كونها استثماراً مالياً واعداً.

إن دقة صناعة ساعة فاخرة، أصبحت تمثل معياراً بين المتذوقين ومحبي الساعات، على اعتبارها من الإكسسوارات الشخصية الهامة. فتاريخ الساعة، واسم مُصنّعها، وتصميمها، والقيمة الحقيقية لها، كل هذه العناصر تعتبر مهمة جداً في الساعة، وأنا أبحث عن ذلك كل يوم.

ما هي نصيحتك للأجيال الحالية؟

- مما لا شك فيه أن شباب الجيل الجديد هم أمل المستقبل، هم الذين سيحملون على أكتافهم مسؤولية بناء الوطن وتحقيق التنمية والتقدم. هم الذين سيصنعون التغيير ويكتبون التاريخ.

ولكن الأجيال الجديدة تفتقد إلى الولاء للمؤسسات التي تعمل بها، والموظف الشاب يتنقل بين شركة وأخرى في زمن قصير، أنا استمريت حتى الآن 47 عاماً في تويوتا، اليوم ، الشاب، لا يستمر هذه المدة في عمل واحد، مجرد أن يحصل على راتب أعلى يترك عمله ويذهب لشركة أخرى، لذلك عليهم أن يقتنعوا أن حنكة الشخص وخبرته تقاس بطول عمره، وهذا مقياس يرفضه الجيل الجديد من الشباب الذين يعتبرون أنفسهم قادرين على اتخاذ ما يصلح لهم من قرارات في وقت مبكر من فترة شبابهم، ويصبحون أكثر انتقاءً لتوجيهات آبائهم باعتبار غالبيتها لا يُجاري تغيرات العصر ولا يُساير مستجداته، كون بعضها ماضياً حسب اعتقادهم، وبعيدة عن واقعهم المعاش.

فنصيحتي لشباب اليوم: «لا يقتصر تفكيرك على الحصول على شهادة علمية فقط، ولا تطلب مكتباً كبيراً وسكرتيرة وأنت ما زلت في بداية مشوار عملك، الشهادة مهمة ولكنها ليست كل شيء فهي اسم مثل جواز السفر، ونصيحتي الأهم هو الاقتراب من الناس فبدون الناس لن يكون لك قيمة أو نجاح، فقد تعلمت الكثير من مجلس صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رحمة الله عليه، وكان مجلسه مدرسة لتعليم الأمور الحياتية، وبحمد الله فقد حققت ما كنت أطمح له وشعوري بالرضا 99%.

كيف ترى ما تشهده البحرين اليوم من إنجازات ؟

- حلمت كثيراً بما أراه الآن في البحرين، والواقع الذي نشهده في مملكة البحرين يقول بأننا بلد ينطلق من رؤية واضحة تواكب كل المتطلبات، ليست السياسية فقط بل الاقتصادية والاجتماعية التي لا تتجزأ من بناء أي دولة حديثة، وتمتلك إرثاً حضارياً وتاريخاً حافلاً كمملكة البحرين.

ولابد لنا أن ننسب الحق لصاحبه وللرجل الذي نرى في عينه المستقبل المنير، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي اهتم بالصغيرة والكبيرة، ويولي كل وقته وجهده لكل ما من شأنه أن يأخذ بالبحرين إلى مراحل متقدمة من النماء والتطور، فسموه يمتلك حنكة ونظرة تلامس روح الوطن ومتطلبات التنمية الحديثة، وما جاء في رؤية البحرين 2030 ليس مجرد مجموعة من المفردات والجمل المتناسقة، إنما هي برنامج عمل وعزيمة أكيدة تستشرف مستقبل البحرين، وتضع أبناءه في مراتب عالية من خلال عمل دؤوب يعمل على تحديث مبادئ التخطيط العمراني، ويعزز البنية التحتية التي تعد مطلباً هاماً لبرامج التنمية، ويمثل للدولة نجاحاً من حيث توفيرها لكافة الاحتياجات، بهدف تمكين القطاعات المختلفة لأداء واجبها على أتم وجه.