عبر تسخير الغير لإبرام عقود صورية
حسن الستري
رأت الحكومة أن المشروع النيابي بإعفاء المواطنين من بعض رسوم التسجيل العقاري من شأنه فتح باب التحايل على أحكام القانون.
وطبقا للمشروع النيابي، فإنه "يُعفى المواطنون من أداء الرسوم المنصوص عليها في البنود (أولاً) و(ثانياً) و(ثالثاً /4) من المادة (50) من هذا قانون التسجيل العقاري في حالة تسجيل العقار أو نقل ملكيته لمرة واحدة لغرض السكن".
والمراد بهذه الرسوم رسم قيد عقد البيع، اثنان في المئة من قيمة العقار، ويخصم 15% من رسم قيد العقد إذا تم القيد خلال 60 يوماً من تاريخ إجراء عقد البيع، ورسم قيد عقد المقايضة (المناقلة) وتبلغ اثنين في المئة من قيمة أكبر البدلين ويلتزم بدفعه طرفا المقايضة متضامنين، والهبات التي تتجاوز فيها قيمة العقار الموهوب خمسين ألف دينار، "اثنان في المئة من قيمة العقار".
وأوضحت الحكومة أن المشروع بقانون الماثل تضمن النص على الإعفاء من رسم قيد عقد البيع، والإعفاء من رسم عقد الهبة (فيما يخص الهبات التي تتجاوز فيها قيمة العقار الموهوب خمسين ألف دينار)، وذلك حال توافر شرطي الإعفاء (تسجيل العقار أو نقل ملكيته لمرة واحدة، وأن يكون ذلك لغرض السكنى). وهو ما يفتح باب التحايل على أحكام القانون بتسخير الغير ممن لم يسبق له تملك عقار، وإبرام عقود صورية سواء كانت عقود بيع أو عقود هبة مع هذا الغير للاستفادة من شرط المرة الأولى، وذلك بقصد التنصل من سداد الرسوم المستحقة للخزانة العامة.
ونوهت الحكومة إلى أن التعديل المقترح من شأنه المساس بإيرادات الخزانة العامة للدولة والمقدرة بقانون الميزانية، حيث إنه من المقرر أن الموازنة العامة للدولة هي بيان تفصيلي يوضح تقديرات إيرادات الدولة ومصروفاتها، معبراً عن ذلك في صورة وحدات نقدية تعكس في مضمونها خطة الدولة لسنة مالية مقبلة. وإذ لا مراء في أن وضع الدولة للميزانية هو السبب التاريخي لنشأة النظام النيابي، وأن الاتجاهات الدستورية المعاصرة شهدت تطوراً ملحوظاً فيما يتعلق بدور السلطة التشريعية في مناقشة الميزانية، وقد ساير ميثاق العمل الوطني الذي يعد بمثابة مرجعية ثابتة لمسيرة التطور والإصلاح بالمملكة هذا الاتجاه حيث وجه إلى مسايرة الاتجاهات العالمية في النظم البرلمانية في هذا الشأن، ومن ثم فقد حرصت تعديلات دستور مملكة البحرين الصادرة عام 2012 على الأخذ بما يتفق من هذه الاتجاهات مع الظروف الخاصة بمملكة البحرين.
وقالت في مذكرتها الإيضاحية: لعل ما أوردته المذكرة التفسيرية الخاصة بتعديلات دستور مملكة البحرين الصادرة عام 2012 في هذا الصدد ما يؤكد هذا النظر ويدعمه، حيث ورد بها وفي خصوص المادة 109 من الدستور أنه "نظراً لما تتميز به الميزانية من طبيعة خاصة، وما يصاحبها من دقةٍ وتعقيدات في إعدادها في إطار التقدم التكنولوجي والمعرفي الذي يشهده الوقت الحاضر، وسيراً مع الاتجاهات الدستورية المعاصرة، نص الدستور في المادة (109) على القواعد التي تحكم إعدادها وإجراءات إصدارها. ولقد ظهر خلال السنوات العشر الأخيرة أن بعض ما ورد في هذه المادة يحتاج إلى تعديل يؤدي إلى تمكين المجلسين من مناقشة الميزانية بطريقة جدية وفعالة تسمح لكل منهما بالاشتراك الفعلي والحقيقي فيها. وتحقيقاً لهذه الأهداف تم تعديل البندين (ب، ج) من المادة (109)، وتضمن تعديل البند (ب) عبارة "ويجوز إدخال أي تعديل على مشروع قانون الميزانية بالاتفاق مع الحكومة، ومن المستقر عليه أن إدخال أي تعديل على قانون قائم يكون بذات الإجراءات والضوابط التي تسري على القانون الأصلي تطبيقاً للقاعدة الأصولية التي تقضي بأن الفرع يتبع الأصل ويسري عليه ما يسري على الأصل من أحكام.
يمس إيرادات الدولة
وبناءً عليه فإنه إذا ما أوجب الدستور موافقة الحكومة على أي اقتراح بتعديل الميزانية العامة فإن هذا القيد كذلك على أي مشروع قانون يكون من شأنه زيادة الأعباء المالية على عاتق الخزانة العامة أو الانتقاص من إيراداتها لتأثير هذه الأعباء في الميزانية أصلاً ومساسها بها.
وبناءً على ما تقدم فإنه يجب الاتفاق المسبق مع الحكومة على أي مشروع قانون قد يترتب عليه زيادة الأعباء المالية على عاتق الخزانة العامة أو الانتقاص من إيراداتها وفقاً لما سلف بيانه، وخاصة في ضوء وجود عجز في الميزانية العامة للدولة يستوجب زيادة إيرادات الدولة وليس الانتقاص منها. وهو عين ما رأته هيئة التشريع والرأي القانوني حينما أشارت إلى أن التعديل المقترح على قانون التسجيل العقاري يمس إيرادات الدولة والمقدرة بقانون الميزانية، ما يتعين معه الاتفاق مع الحكومة في هذا الشأن، طبقاً لما نصت عليه المادة (109/ب) من الدستور.
ومن الجدير بالذكر أن من أهم المرتكزات والمبادئ التي تم الاستناد عليها عند إعداد قانون الميزانية العامة للسنتين 2024-2023، الحفاظ على الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي الإيجابي، إلى جانب مواصلة العمل على تطوير الأداء وجودة الخدمة واستدامتها. كما أن تحقيق التوازن بين إيرادات الدولة ومصروفاتها يمثل أحد عناصر التوازن المالي الذي تسعى الحكومة لتحقيقه، ولا شك أن الإعفاء الكلي من بعض الرسوم سيؤدي إلى خفض إيرادات الحكومة، وهو ما يستتبع بالضرورة تأثير قدرة الحكومة على توفير خدماتها للمواطنين بشكل مستدام ويعيق خططها لرفع كفاءة الأداء المالي.
لذا، فإن الحكومة ترى أنه سيترتب على مشروع القانون الماثل زيادة عجز الموازنة العامة وحجم الدين العام والإخلال ببرنامج التوازن المالي المعتمد ضمن برنامج عمل الحكومة، الذي تم التوافق عليه بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وأكدت الحكومة توافر الغاية المرجو تحقيقها من الاقتراح بقانون الماثل، من حيث إنه من المقرر أن كل تنظيم تشريعي يفترض أن يفضي إلى بلوغ أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً لمصلحة عامة يقوم عليها، إذ يجب ومشروع القانون ما زال مجرد فكرة أن يتم البحث والاطلاع على كافة الأدوات التشريعية السارية ذات الصلة بالمجال المراد تناوله بالتنظيم عن طريق إصدار قانون جديد بشأنه، للتأكد من أن مشروع القانون المقترح قد أتى بجديد، فالمشرع يصوغ القوانين ليقرر بموجبها أحكاماً جديدة لمصلحة يقدرها، لا ليؤكد على ذات المعاني والأحكام التي تتضمنها نصوص قائمة بالفعل.
ومن حيث إن الأصل في الرسوم المقررة قانوناً هو الأداء وأن الإعفاء منها هو الاستثناء، وأنه وفقاً للقواعد الأصولية فإن الاستثناء يُقدر بقدره، ولا يتوسع فيه، أو يُقاس عليه.
وإذ يهدف مشروع القانون الماثل إلى مساعدة المواطنين من ذوي الدخل المحدود بإعفائهم من رسوم التسجيل في حالة تسجيل العقار أو نقل ملكيته لمرة واحدة لغرض السكن، فإن الحكومة تؤكد أن هذه الغاية متحققة بالفعل في الواقع العملي؛ حيث إن كل الخدمات الإسكانية المقدمة للمواطنين محدودي الدخل معفاة من رسوم التسجيل العقاري بموجب القوانين والأنظمة المعمول بها في المملكة.
ومرد الإعفاء الوارد في النص السابق إلى ما نصت عليه المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (10) لسنة 1976 في شأن الإسكان، وتعديلاته، من أن "تتولى وزارة الإسكان إنشاء المساكن التي تخصص للتوزيع على المواطنين، ويتم التوزيع عن طريق التمليك أو التأجير. كما تتولى الوزارة إقراض المواطنين بغرض إنشاء مساكن جديدة أو شراء أو إصلاح مساكن قائمة وفقا لأحكام هذا القانون".
وحسبما أوضحته المادة الثانية من قرار وزير الإسكان رقم (909) لسنة 2015 بشأن نظام الإسكان، وتعديلاته، والتي يجري نصها على أن:
"يهدف نظام الإسكان إلى تحقيق غايات دستور مملكة البحرين في العمل على توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين بتقديم الخدمة الإسكانية".
ومن ثم فإنه يوجد من النصوص القانونية والقواعد الإجرائية القائمة ما يكفي بذاته لتحقيق الهدف المنشود من وراء مشروع القانون الماثل، المتمثل في مراعاة المواطنين من ذوي الدخل المحدود الذين يشترون منازل سكنية بقصد السكن لإيوائهم وأسرهم، بل إن النصوص القائمة ذهبت إلى أبعد من ذلك، إذ أناطت بوزارة الإسكان إقراض المواطنين بغرض إنشاء مساكن جديدة أو شراء أو إصلاح مساك قائمة، وإعفاء المواطنين الحاصلين على الخدمات الإسكانية من كافة رسوم التسجيل العقاري على النحو الموضح سلفاً.
وخلصت الحكومة إلى افتقاد مشروع القانون لتقديم الحلول المناسبة لما قد يثار من الناحية العملية فيما يخص الأخذ بالمعيار الموضوعي للإعفاء من الرسم دون المعيار الشخصي: حيث تضمن مشروع القانون الماثل النص على الإعفاء من رسم قيد عقد البيع، ورسم قيد عقد المقايضة (المناقلة) المنصوص عليهما بالبندين (أولاً) و(ثانياً) من المادة (50) من قانون التسجيل العقاري المشار إليه سلفاً، وذلك حال توافر شرطي الإعفاء (تسجيل العقار أو نقل ملكيته لمرة واحدة، وأن يكون ذلك لغرض السكنى). وهنا يكون التساؤل ما هو وضع طرفي العقد إذا توافرت الشروط في أحدهما دون الآخر؟ كأن يكون أحدهما قد سبق أن استفاد من هذا الإعفاء؟ أو أن الطرف الثاني في العقد لم يسبق له أن تملك عقاراً لغرض السكنى مسبقاً، وكان من محدودي الدخل، وكان هذا العقار هو مسكنه الأول، فهو لن يكون معفياً من الرسوم حال قيامه ببيع هذا العقار أو مقايضته، نظراً إلى إعفاء البائع الأول، وذلك على الرغم من كون البائع الثاني من محدودي الدخل ولم يسبق له تملك أي عقار بغرض السكني. ما سيترتب على تطبيق النص المقترح بمشروع القانون الماثل بعض المشكلات من الناحية العملية.
وهو ما أدركه المشرع في نص البند (5) من المادة (59) من قانون التسجيل العقاري الصادر بالقانون رقم (13) لسنة 2013 حينما أخذ بالمعيار الشخصي؛ حيث قرر الإعفاء للأشخاص الحاصلين على قروض من بنك الإسكان لشراء وحدات سكنية أو قسيمة سكنية في حدود قيمة القرض، باعتبار أن الشخص هو الملزم بأداء الرسم وليس العقار.
وفيما أكدت الحكومة أنه إذ تقدر الأهداف التي يرنو إليها مشروع القانون الماثل، ومساعي مجلس النواب من أجل تحقيقها، إلا أنه استناداً لما تقدم جميعه، فإن الحكومة ومع كامل تقديرها لسلطة مجلس النواب في العملية التشريعية، لتأمل إعادة النظر في مشروع القانون الماثل، وذلك في ضوء ما تضمنته هذه المذكرة من ملاحظات.
حسن الستري
رأت الحكومة أن المشروع النيابي بإعفاء المواطنين من بعض رسوم التسجيل العقاري من شأنه فتح باب التحايل على أحكام القانون.
وطبقا للمشروع النيابي، فإنه "يُعفى المواطنون من أداء الرسوم المنصوص عليها في البنود (أولاً) و(ثانياً) و(ثالثاً /4) من المادة (50) من هذا قانون التسجيل العقاري في حالة تسجيل العقار أو نقل ملكيته لمرة واحدة لغرض السكن".
والمراد بهذه الرسوم رسم قيد عقد البيع، اثنان في المئة من قيمة العقار، ويخصم 15% من رسم قيد العقد إذا تم القيد خلال 60 يوماً من تاريخ إجراء عقد البيع، ورسم قيد عقد المقايضة (المناقلة) وتبلغ اثنين في المئة من قيمة أكبر البدلين ويلتزم بدفعه طرفا المقايضة متضامنين، والهبات التي تتجاوز فيها قيمة العقار الموهوب خمسين ألف دينار، "اثنان في المئة من قيمة العقار".
وأوضحت الحكومة أن المشروع بقانون الماثل تضمن النص على الإعفاء من رسم قيد عقد البيع، والإعفاء من رسم عقد الهبة (فيما يخص الهبات التي تتجاوز فيها قيمة العقار الموهوب خمسين ألف دينار)، وذلك حال توافر شرطي الإعفاء (تسجيل العقار أو نقل ملكيته لمرة واحدة، وأن يكون ذلك لغرض السكنى). وهو ما يفتح باب التحايل على أحكام القانون بتسخير الغير ممن لم يسبق له تملك عقار، وإبرام عقود صورية سواء كانت عقود بيع أو عقود هبة مع هذا الغير للاستفادة من شرط المرة الأولى، وذلك بقصد التنصل من سداد الرسوم المستحقة للخزانة العامة.
ونوهت الحكومة إلى أن التعديل المقترح من شأنه المساس بإيرادات الخزانة العامة للدولة والمقدرة بقانون الميزانية، حيث إنه من المقرر أن الموازنة العامة للدولة هي بيان تفصيلي يوضح تقديرات إيرادات الدولة ومصروفاتها، معبراً عن ذلك في صورة وحدات نقدية تعكس في مضمونها خطة الدولة لسنة مالية مقبلة. وإذ لا مراء في أن وضع الدولة للميزانية هو السبب التاريخي لنشأة النظام النيابي، وأن الاتجاهات الدستورية المعاصرة شهدت تطوراً ملحوظاً فيما يتعلق بدور السلطة التشريعية في مناقشة الميزانية، وقد ساير ميثاق العمل الوطني الذي يعد بمثابة مرجعية ثابتة لمسيرة التطور والإصلاح بالمملكة هذا الاتجاه حيث وجه إلى مسايرة الاتجاهات العالمية في النظم البرلمانية في هذا الشأن، ومن ثم فقد حرصت تعديلات دستور مملكة البحرين الصادرة عام 2012 على الأخذ بما يتفق من هذه الاتجاهات مع الظروف الخاصة بمملكة البحرين.
وقالت في مذكرتها الإيضاحية: لعل ما أوردته المذكرة التفسيرية الخاصة بتعديلات دستور مملكة البحرين الصادرة عام 2012 في هذا الصدد ما يؤكد هذا النظر ويدعمه، حيث ورد بها وفي خصوص المادة 109 من الدستور أنه "نظراً لما تتميز به الميزانية من طبيعة خاصة، وما يصاحبها من دقةٍ وتعقيدات في إعدادها في إطار التقدم التكنولوجي والمعرفي الذي يشهده الوقت الحاضر، وسيراً مع الاتجاهات الدستورية المعاصرة، نص الدستور في المادة (109) على القواعد التي تحكم إعدادها وإجراءات إصدارها. ولقد ظهر خلال السنوات العشر الأخيرة أن بعض ما ورد في هذه المادة يحتاج إلى تعديل يؤدي إلى تمكين المجلسين من مناقشة الميزانية بطريقة جدية وفعالة تسمح لكل منهما بالاشتراك الفعلي والحقيقي فيها. وتحقيقاً لهذه الأهداف تم تعديل البندين (ب، ج) من المادة (109)، وتضمن تعديل البند (ب) عبارة "ويجوز إدخال أي تعديل على مشروع قانون الميزانية بالاتفاق مع الحكومة، ومن المستقر عليه أن إدخال أي تعديل على قانون قائم يكون بذات الإجراءات والضوابط التي تسري على القانون الأصلي تطبيقاً للقاعدة الأصولية التي تقضي بأن الفرع يتبع الأصل ويسري عليه ما يسري على الأصل من أحكام.
يمس إيرادات الدولة
وبناءً عليه فإنه إذا ما أوجب الدستور موافقة الحكومة على أي اقتراح بتعديل الميزانية العامة فإن هذا القيد كذلك على أي مشروع قانون يكون من شأنه زيادة الأعباء المالية على عاتق الخزانة العامة أو الانتقاص من إيراداتها لتأثير هذه الأعباء في الميزانية أصلاً ومساسها بها.
وبناءً على ما تقدم فإنه يجب الاتفاق المسبق مع الحكومة على أي مشروع قانون قد يترتب عليه زيادة الأعباء المالية على عاتق الخزانة العامة أو الانتقاص من إيراداتها وفقاً لما سلف بيانه، وخاصة في ضوء وجود عجز في الميزانية العامة للدولة يستوجب زيادة إيرادات الدولة وليس الانتقاص منها. وهو عين ما رأته هيئة التشريع والرأي القانوني حينما أشارت إلى أن التعديل المقترح على قانون التسجيل العقاري يمس إيرادات الدولة والمقدرة بقانون الميزانية، ما يتعين معه الاتفاق مع الحكومة في هذا الشأن، طبقاً لما نصت عليه المادة (109/ب) من الدستور.
ومن الجدير بالذكر أن من أهم المرتكزات والمبادئ التي تم الاستناد عليها عند إعداد قانون الميزانية العامة للسنتين 2024-2023، الحفاظ على الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي الإيجابي، إلى جانب مواصلة العمل على تطوير الأداء وجودة الخدمة واستدامتها. كما أن تحقيق التوازن بين إيرادات الدولة ومصروفاتها يمثل أحد عناصر التوازن المالي الذي تسعى الحكومة لتحقيقه، ولا شك أن الإعفاء الكلي من بعض الرسوم سيؤدي إلى خفض إيرادات الحكومة، وهو ما يستتبع بالضرورة تأثير قدرة الحكومة على توفير خدماتها للمواطنين بشكل مستدام ويعيق خططها لرفع كفاءة الأداء المالي.
لذا، فإن الحكومة ترى أنه سيترتب على مشروع القانون الماثل زيادة عجز الموازنة العامة وحجم الدين العام والإخلال ببرنامج التوازن المالي المعتمد ضمن برنامج عمل الحكومة، الذي تم التوافق عليه بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وأكدت الحكومة توافر الغاية المرجو تحقيقها من الاقتراح بقانون الماثل، من حيث إنه من المقرر أن كل تنظيم تشريعي يفترض أن يفضي إلى بلوغ أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً لمصلحة عامة يقوم عليها، إذ يجب ومشروع القانون ما زال مجرد فكرة أن يتم البحث والاطلاع على كافة الأدوات التشريعية السارية ذات الصلة بالمجال المراد تناوله بالتنظيم عن طريق إصدار قانون جديد بشأنه، للتأكد من أن مشروع القانون المقترح قد أتى بجديد، فالمشرع يصوغ القوانين ليقرر بموجبها أحكاماً جديدة لمصلحة يقدرها، لا ليؤكد على ذات المعاني والأحكام التي تتضمنها نصوص قائمة بالفعل.
ومن حيث إن الأصل في الرسوم المقررة قانوناً هو الأداء وأن الإعفاء منها هو الاستثناء، وأنه وفقاً للقواعد الأصولية فإن الاستثناء يُقدر بقدره، ولا يتوسع فيه، أو يُقاس عليه.
وإذ يهدف مشروع القانون الماثل إلى مساعدة المواطنين من ذوي الدخل المحدود بإعفائهم من رسوم التسجيل في حالة تسجيل العقار أو نقل ملكيته لمرة واحدة لغرض السكن، فإن الحكومة تؤكد أن هذه الغاية متحققة بالفعل في الواقع العملي؛ حيث إن كل الخدمات الإسكانية المقدمة للمواطنين محدودي الدخل معفاة من رسوم التسجيل العقاري بموجب القوانين والأنظمة المعمول بها في المملكة.
ومرد الإعفاء الوارد في النص السابق إلى ما نصت عليه المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (10) لسنة 1976 في شأن الإسكان، وتعديلاته، من أن "تتولى وزارة الإسكان إنشاء المساكن التي تخصص للتوزيع على المواطنين، ويتم التوزيع عن طريق التمليك أو التأجير. كما تتولى الوزارة إقراض المواطنين بغرض إنشاء مساكن جديدة أو شراء أو إصلاح مساكن قائمة وفقا لأحكام هذا القانون".
وحسبما أوضحته المادة الثانية من قرار وزير الإسكان رقم (909) لسنة 2015 بشأن نظام الإسكان، وتعديلاته، والتي يجري نصها على أن:
"يهدف نظام الإسكان إلى تحقيق غايات دستور مملكة البحرين في العمل على توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين بتقديم الخدمة الإسكانية".
ومن ثم فإنه يوجد من النصوص القانونية والقواعد الإجرائية القائمة ما يكفي بذاته لتحقيق الهدف المنشود من وراء مشروع القانون الماثل، المتمثل في مراعاة المواطنين من ذوي الدخل المحدود الذين يشترون منازل سكنية بقصد السكن لإيوائهم وأسرهم، بل إن النصوص القائمة ذهبت إلى أبعد من ذلك، إذ أناطت بوزارة الإسكان إقراض المواطنين بغرض إنشاء مساكن جديدة أو شراء أو إصلاح مساك قائمة، وإعفاء المواطنين الحاصلين على الخدمات الإسكانية من كافة رسوم التسجيل العقاري على النحو الموضح سلفاً.
وخلصت الحكومة إلى افتقاد مشروع القانون لتقديم الحلول المناسبة لما قد يثار من الناحية العملية فيما يخص الأخذ بالمعيار الموضوعي للإعفاء من الرسم دون المعيار الشخصي: حيث تضمن مشروع القانون الماثل النص على الإعفاء من رسم قيد عقد البيع، ورسم قيد عقد المقايضة (المناقلة) المنصوص عليهما بالبندين (أولاً) و(ثانياً) من المادة (50) من قانون التسجيل العقاري المشار إليه سلفاً، وذلك حال توافر شرطي الإعفاء (تسجيل العقار أو نقل ملكيته لمرة واحدة، وأن يكون ذلك لغرض السكنى). وهنا يكون التساؤل ما هو وضع طرفي العقد إذا توافرت الشروط في أحدهما دون الآخر؟ كأن يكون أحدهما قد سبق أن استفاد من هذا الإعفاء؟ أو أن الطرف الثاني في العقد لم يسبق له أن تملك عقاراً لغرض السكنى مسبقاً، وكان من محدودي الدخل، وكان هذا العقار هو مسكنه الأول، فهو لن يكون معفياً من الرسوم حال قيامه ببيع هذا العقار أو مقايضته، نظراً إلى إعفاء البائع الأول، وذلك على الرغم من كون البائع الثاني من محدودي الدخل ولم يسبق له تملك أي عقار بغرض السكني. ما سيترتب على تطبيق النص المقترح بمشروع القانون الماثل بعض المشكلات من الناحية العملية.
وهو ما أدركه المشرع في نص البند (5) من المادة (59) من قانون التسجيل العقاري الصادر بالقانون رقم (13) لسنة 2013 حينما أخذ بالمعيار الشخصي؛ حيث قرر الإعفاء للأشخاص الحاصلين على قروض من بنك الإسكان لشراء وحدات سكنية أو قسيمة سكنية في حدود قيمة القرض، باعتبار أن الشخص هو الملزم بأداء الرسم وليس العقار.
وفيما أكدت الحكومة أنه إذ تقدر الأهداف التي يرنو إليها مشروع القانون الماثل، ومساعي مجلس النواب من أجل تحقيقها، إلا أنه استناداً لما تقدم جميعه، فإن الحكومة ومع كامل تقديرها لسلطة مجلس النواب في العملية التشريعية، لتأمل إعادة النظر في مشروع القانون الماثل، وذلك في ضوء ما تضمنته هذه المذكرة من ملاحظات.