حسن الستري
وصايا والدي محفورة بذاكرتي.. كنت أمشي ساعة وربع يومياً عائداً من المدرسة
عملت 38 سنة في «الموانئ» حتى أصبحت رئيساً لها
تعلمت في «الشورى» مهارة الحديث الارتجالي
كنت لا أعود مباشرة إلى البيت بقرية عسكر بعد خروجي من المدرسة، بل كنت أركب وسائل النقل العام وأذهب لأخذ درس خصوصي في اللغة الإنجليزية بالمنامة، ولا أعود إلى المنزل إلا بعد صلاة المغرب، وكنت أمشي يومياً مسافة ساعة وربع الساعة لأعود إلى المنزل.
هذا ما قاله عضو مجلس الشورى جمعة الكعبي، وهو يسرد مسيرة حياته لـ«الوطن»، بدءاً من نشأته وفقده لأبيه وزواج أمه برجل رباه واعتنى به، ليقر بفضله عليه، إلى أن عمل بالجوازات وترقى فيها حتى أصبح رئيس جوازات الموانئ البحرية، ليُعيَّن أخيراً عضواً بمجلس الشورى، وهو ما أكسبه القدرة على الحديث الارتجالي على حد تعبيره.
ولم يبخل الكعبي بالبوح عن كثير من الحكايات التي شهدها أثناء فترة عمله، حتى أنه رسم في يوم خطة للإيقاع بشخص أوروبي كان يتاجر بالمخدرات، وهو ما كان له.
وفي حديثه لـ«الوطن» ذهبنا مع الشوري الكعبي في رحلة بتفاصيل حياة بدأت بطفولة رباه خلالها والده على الرجولة والشعر والكلام الطيب وحسن الجوار مع الجيران، مع وصايا لأبيه محفورة بذاكرته ومفادها: «لا تخطئ بحق غيرك، ارحم الفقير، أعطِ جيرانك»، وهي وصايا رافقت الكعبي في كل مسيرته التي شهدت كثير الأحداث والتقلبات، فهو من عشق البحر صغيراً ودخله بعمر الثمان سنوات، عاد إليه ولكن كموظف ثم رئيس للموانئ البحرية، قبل أن يخرج من وظيفته بعد تعيينه كعضو في مجلس الشورى.
وفيما يأتي نص الحوار:
حدثنا عن نشأتك؟
- نشأت وولدت في قرية عسكر في 18 نوفمبر 1952، وتربيت فيها، ويومها كانت عسكر قرية لا يوجد بها كهرباء ونواجه صعوبة في جلب الماء وعانينا معاناة كبيرة في صغرنا، وبعدها تغيرت الأوضاع والله عوضنا خيراً.
ماذا كان يعمل والدك؟
- الوالد رحمه الله كان يعمل بدواوين الحكام، وكان مولعاً بالقنص، ويذهب للقنص سنوياً مع الشيخ عبدالله بن عيسى بن علي آل خليفة، وتوفي والدي وعمري 10 سنوات تقريباً، ربانا والدي على الرجولة والشعر والكلام الطيب وحسن الجوار مع الجيران، ووصاياه لي وأنا صغير لا تفارق ذاكرتي، «لا تخطئ بحق غيرك، ارحم الفقير، أعطوا جيرانكم»، ونحن نسير على هذه الوصايا حتى الآن.
ماذا عن والدتك؟
- الوالدة توفيت منذ عامين، عانت في تربيتنا، كان لدى الوالد راتب يصرف من الحكام وعشنا عليه عيشة متوسطة ولم نحتج لأحد.
حدثنا عن إخوتك؟
- ليس لدي إخوة أشقاء، لدي أخوَان من الأب وتوفيا منذ فترة طويلة، وأخوَان من جهة الأم ومازالا موجودين، كان أخواي من أبي مقيمين بعسكر، ولكن لم يقوما بدور تربوي معي.
كنت أكبر من أخوي من أمي بـ15و20 سنة، كنت أعود من العمل وهم يأتون من المدرسة، وندخل البحر، لأن راتبي كان 70 ديناراً في ذلك الوقت ولا يكفي العائلة، لذلك كنا نذهب إلى البحر إلى جانب عملي بالجوازات، لكي أساعد الوالدة، لأن زوج أمي كبر بعدها وكان التقاعد بسيطاً، لذلك اضطررنا إلى العمل.
متى تعلمت دخول البحر؟
- دخلت البحر وعمري 8 سنوات؛ لأن بيتي كان على البحر، كنا نضع خيطاً ونصطاد السمك، ومع أخي كنا نعطي شخصاً السمك وباليوم التالي يعطيني المبلغ، فكنا نحصل على قرابة مبلغ 100 دينار شهرياً.
كيف كانت علاقتك بزوج والدتك؟
- لقد رباني زوج أمي وأنا صغير، وعلاقتي به من أروع العلاقات، لا أتذكر أنه تلفّظ علي بأي كلمة تجرحني، لقد سميت ولدي الأكبر محمد على اسم أبي، والثاني أسميته علي تيمّناً باسم زوج أمي، وذلك من حبي له.
كيف كان مشوارك التعليمي؟
- درست في مدرسة عسكر الابتدائية حتى الصف الثالث الابتدائي، وبعدها نقلونا إلى مدرسة الرفاع الغربي الابتدائية الإعدادية، وأنهيت الإعدادي بالرفاع، ويومها كانت المرحلة الإعدادية من سنتين فقط، وبعدها نقلونا إلى مدرسة الحورة الثانوية لمدة عامين، وآخر سنة كانت في مدرسة مدينة عيسى الثانوية التي أنشئت بعد افتتاح مدينة عيسى.
مازلت أتذكر مديرها مصطفى جعفر، كما درسني الممثل المعروف محمد عواد الرسم، وغيرهم من المدرسين، وحتى الآن أتواصل مع زملائي بهذه المرحلة، وخصوصاً مرحلة مدرسة الحورة التي كان بها طلبة من كل البحرين، ومازلت أتواصل مع بعضهم، وهذه عادة كانت موجودة لدى السابقين، أما اليوم فنرى الطلبة ليس لديهم ما هو موجود بالسابق.
ما هي الصعوبة التي واجهتها في دراستك؟
- كنا نواجه صعوبة في فترة الدراسة، لأنه لا توجد درجات لأعمال السنة، فتؤخذ العلامة من الامتحان النهائي، فلو لم يتوفق الشخص يرسب، حتى لو كان مجتهداً طوال العام.
واجهت صعوبة في اللغة الإنجليزية في آخر سنة لي بالمرحلة الثانوية، المعروفة بـ«التوجيهي»، وكان مدرسي بمدرسة مدينة عيسى سليمان الخطاط يسكن بالمنامة، وتلقيت لديه دروساً خصوصية بمنزله، كنت لا أتجه للمنزل بعد خروجي من المدرسة، بل أركب النقل العام وأذهب للمنامة، وأمشي لمنزله، وأدرس عنده، وبعدها يعيدنا بسيارته إلى سوق المنامة، وهناك أركب السيارات التي تتجه لسترة، لأنه يومها لم يكن جسر سترة موجوداً.
كنت أنزل عند مصنع التكرير وأواصل طريقي مشياً، أحياناً تقف لي سيارة، وفي الغالب أكمل طريقي مشياً إلى عسكر لمدة ساعة وربع، ولا أصل البيت إلا بعد صلاة المغرب، لقد كافحت لأنني لم أكن أريد أن أرسب، فالنقل العام لم يكن يدخل قرية عسكر من قبل، وحين نريد أن نخرج من عسكر، كانت تأخذنا سيارة من عسكر وتوصلنا إلى الرفاع الشرقي.
وكم كان كلفة الدرس الخصوصي؟
- كان يدرسني ساعة ونصف تقريباً مقابل 3 دنانير.
ماذا فعلت بعد تخرجك من الثانوية؟
- تقدمت لإدارة الهجرة والجوازات، وعملت فيها في منتصف أكتوبر 1972، أي في نفس السنة التي تخرجت فيها.
عملت في الجوازات في باب البحرين بالبداية، لمدة أشهر، وبعدها طلبت نقلي إلى الموانئ البحرية، لقرب ميناء سترة من قرية عسكر، وتمت الموافقة، ونقلت في شهر 7 من العام التالي، بقيت 38 سنة بالموانئ إلى أن أصبحت رئيس الموانئ البحرية.
ومتى أخذت شهادة الدبلوما؟
- درست الدبلوما في نهاية الثمانينات في إدارة الأعمال، اخترت هذه الشهادة لكي تنفعني لكي أترقى في مجال عملي.
لنعد للحديث عن عملك؟
- انتقلت إلى جوازات ميناء سترة كموظف، نتعامل مع السفن التي تستورد النفط من البحرين، نستلم جوازات البحارة، وكانوا يدخلون البحرين ويتبضعون فيها، إلى أن عُيِّنت مراقب عام جوازات ميناء سترة في سنة 1996، وحينها خرجت من نظام النوبات، وفي عام 2000 عُيِّنت مسؤولاً على ميناء سترة وميناء سلمان وفرضة المنامة.
هل تذكر لنا موقفاً لا تنساه؟
- واجهت الكثير من المواقف وبعضها نادر الحدوث، أتذكر أن أتتني إخبارية من الأمن العام، بأن هناك أشخاصاً تم ضبطهم من البحارة من جنسية أوروبية يروجون المخدرات، وتم القبض على اثنين وفر الثالث، وهو بالتأكيد سيرجع للباخرة، وبالفعل في الساعة الحادية عشرة والنصف جاء الشخص بسيارة أجرة، وعرفناه، ويومها كان يداوم شخص بالجمارك، وشخص بالجوازات، فقلت لموظف الجمارك عليك الإبلاغ عنه للقبض عليه لأن ذلك من مهام عملك، ولكنه تخوّف من أن يكون مسلحاً.
نزل من السيارة ورمى كيساً وحفظت المكان الذي رمى فيه الكيس، وأتى لي وقال لي إنه يريد جوازه، وهو لا يعرف أنني الموظف المعني، فقلت له سيأتي الموظف ليسلمك جوازك، وذهبت للمكتب بالداخل، اتصلت بمركز شرطة سترة وأخبرتهم بوجود الشخص، وجاءت دورية معها 10 أشخاص ومعهم كلاب بوليسية، وقبضوا عليه، وأرشدتهم لمكان الكيس الذي ألقاه، وإذا به المخدرات التي يروجها، هذا من المواقف التي لا أنساها خلال عملي بجوازات الموانئ.
أبرز الصعوبات التي واجهتك؟
- الصعوبات التي كنا نواجهها أن النوبة بها شخص واحد، ماذا لو تعرض صاحبها لظرف، كما أن بيوتنا لم يكن بها هواتف ونحن بمنطقة مقطوعة عن العالم، أول هاتف دخل عسكر سنة 1979، وكنت من أوائل الأشخاص الذين ركبوا هاتفاً.
أما على صعيد العمل، فلم أواجه صعوبات لأنني كنت ملماً بالعمل.
ومتى عُيِّنت رئيس جوازات الموانئ البحرية؟
- في 2004 عُيِّنت رئيس جوازات الموانئ البحرية، المتعلق بجميع الموانئ بالبحرين، كان لدينا 70 موظفاً، لم يكن هاتفي يقف عن العمل، كان العمل ممتعاً وكنت أقضي حاجات الموظفين، وبقيت في الجوازات إلى أن عُيِّنت عضواً بمجلس الشورى عام 2010.
ما هي هواياتك؟
- أقرأ عن تاريخ القبائل الموجودة بالدول العربية وحكامها، والأمور التي جرت، وبعض الغزوات التي حدثت في ذلك الزمان، كان هناك رعب في ذلك الزمن، ويومها نُشِر لي مقال بالأيام وأخبار الخليج، وجلالة الملك المعظم حين كان ولياً للعهد أرسل في طلبي، وشكرني على الموضوع، وشجعني على المواصلة، لقد كنت مولعاً بالكتابة وقراءة الكتب خصوصاً كتب التاريخ.
كيف تعيّنت في مجلس الشورى سنة 2010؟
- تلقيت اتصالاً من الديوان الملكي، وأخبروني بأنني مرشحٌ لمنصب عضو مجلس الشورى هذا العام، وقذ بيّنوا لي أنه لابد أن أقدم استقالتي بصفتي موظفاً حكومياً.
لماذا اخترت لجنة المرافق العامة والبيئة بدلاً من لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني؟
- أنا الآن بمجلس الشورى للفصل الرابع، بالحقيقة كنت أودّ التغيير، ولم أختر المرافق، بل اخترت لجنة الخدمات، وقالوا لي إن اللجنة ممتلئة، فقالوا لي هل تريد المرافق العامة والبيئة، فوافقت.
رأست لجنة المرافق العامة في أول فصل تشريعي لي، بطلب من الأعضاء، وأكثر شخص شجعني لأن أكون رئيساً، هو العضو السابق عبدالرحمن جواهري، بمعية بقية الأعضاء صادق الشهابي ومحمد حسن رضي وفؤاد حاجي، ولولوة العوضي.
قلت لهم يومها أنا جديد بالمجلس، ليأخذها عضو سابق، إلا أنهم أصروا علي وأكدوا لي أنهم سيساعدوني.
ما هو التغيّر الذي جرى عليك بعد دخولك مجلس الشورى؟
- واجهت صعوبات بالبداية، كيف أدير عمل اللجنة، ولكن بمعاونة الزملاء اكتسبت الخبرة، كنت لا أستطيع التحدث ارتجالياً، الآن أستطيع التحدث من خلال الممارسة بمجلس الشورى.
ناقشنا الإسكان وأموراً متعلقة بالبيئة والنظافة وأشغال الطريق، هذه الأمور التي تخصنا، وفي كل دورة كنا ننجز.
كم عدد أبنائك؟
- لدي ولدان و3 بنات، وجميعهم أنهوا دراستهم ويعملون حالياً، بنت تعمل مديرة مساعدة بمدرسة حكومية، والأخرى مسؤولة مصادر التعلم والثالثة محاسبة، والولدان أحدهما بالجيش والثاني بالشرطة.
في ختام المقابلة، من هو صاحب الفضل عليك؟
- أُقرّ بالفضل لعمي زوج والدتي، فهو الذي ربّاني.
وصايا والدي محفورة بذاكرتي.. كنت أمشي ساعة وربع يومياً عائداً من المدرسة
عملت 38 سنة في «الموانئ» حتى أصبحت رئيساً لها
تعلمت في «الشورى» مهارة الحديث الارتجالي
كنت لا أعود مباشرة إلى البيت بقرية عسكر بعد خروجي من المدرسة، بل كنت أركب وسائل النقل العام وأذهب لأخذ درس خصوصي في اللغة الإنجليزية بالمنامة، ولا أعود إلى المنزل إلا بعد صلاة المغرب، وكنت أمشي يومياً مسافة ساعة وربع الساعة لأعود إلى المنزل.
هذا ما قاله عضو مجلس الشورى جمعة الكعبي، وهو يسرد مسيرة حياته لـ«الوطن»، بدءاً من نشأته وفقده لأبيه وزواج أمه برجل رباه واعتنى به، ليقر بفضله عليه، إلى أن عمل بالجوازات وترقى فيها حتى أصبح رئيس جوازات الموانئ البحرية، ليُعيَّن أخيراً عضواً بمجلس الشورى، وهو ما أكسبه القدرة على الحديث الارتجالي على حد تعبيره.
ولم يبخل الكعبي بالبوح عن كثير من الحكايات التي شهدها أثناء فترة عمله، حتى أنه رسم في يوم خطة للإيقاع بشخص أوروبي كان يتاجر بالمخدرات، وهو ما كان له.
وفي حديثه لـ«الوطن» ذهبنا مع الشوري الكعبي في رحلة بتفاصيل حياة بدأت بطفولة رباه خلالها والده على الرجولة والشعر والكلام الطيب وحسن الجوار مع الجيران، مع وصايا لأبيه محفورة بذاكرته ومفادها: «لا تخطئ بحق غيرك، ارحم الفقير، أعطِ جيرانك»، وهي وصايا رافقت الكعبي في كل مسيرته التي شهدت كثير الأحداث والتقلبات، فهو من عشق البحر صغيراً ودخله بعمر الثمان سنوات، عاد إليه ولكن كموظف ثم رئيس للموانئ البحرية، قبل أن يخرج من وظيفته بعد تعيينه كعضو في مجلس الشورى.
وفيما يأتي نص الحوار:
حدثنا عن نشأتك؟
- نشأت وولدت في قرية عسكر في 18 نوفمبر 1952، وتربيت فيها، ويومها كانت عسكر قرية لا يوجد بها كهرباء ونواجه صعوبة في جلب الماء وعانينا معاناة كبيرة في صغرنا، وبعدها تغيرت الأوضاع والله عوضنا خيراً.
ماذا كان يعمل والدك؟
- الوالد رحمه الله كان يعمل بدواوين الحكام، وكان مولعاً بالقنص، ويذهب للقنص سنوياً مع الشيخ عبدالله بن عيسى بن علي آل خليفة، وتوفي والدي وعمري 10 سنوات تقريباً، ربانا والدي على الرجولة والشعر والكلام الطيب وحسن الجوار مع الجيران، ووصاياه لي وأنا صغير لا تفارق ذاكرتي، «لا تخطئ بحق غيرك، ارحم الفقير، أعطوا جيرانكم»، ونحن نسير على هذه الوصايا حتى الآن.
ماذا عن والدتك؟
- الوالدة توفيت منذ عامين، عانت في تربيتنا، كان لدى الوالد راتب يصرف من الحكام وعشنا عليه عيشة متوسطة ولم نحتج لأحد.
حدثنا عن إخوتك؟
- ليس لدي إخوة أشقاء، لدي أخوَان من الأب وتوفيا منذ فترة طويلة، وأخوَان من جهة الأم ومازالا موجودين، كان أخواي من أبي مقيمين بعسكر، ولكن لم يقوما بدور تربوي معي.
كنت أكبر من أخوي من أمي بـ15و20 سنة، كنت أعود من العمل وهم يأتون من المدرسة، وندخل البحر، لأن راتبي كان 70 ديناراً في ذلك الوقت ولا يكفي العائلة، لذلك كنا نذهب إلى البحر إلى جانب عملي بالجوازات، لكي أساعد الوالدة، لأن زوج أمي كبر بعدها وكان التقاعد بسيطاً، لذلك اضطررنا إلى العمل.
متى تعلمت دخول البحر؟
- دخلت البحر وعمري 8 سنوات؛ لأن بيتي كان على البحر، كنا نضع خيطاً ونصطاد السمك، ومع أخي كنا نعطي شخصاً السمك وباليوم التالي يعطيني المبلغ، فكنا نحصل على قرابة مبلغ 100 دينار شهرياً.
كيف كانت علاقتك بزوج والدتك؟
- لقد رباني زوج أمي وأنا صغير، وعلاقتي به من أروع العلاقات، لا أتذكر أنه تلفّظ علي بأي كلمة تجرحني، لقد سميت ولدي الأكبر محمد على اسم أبي، والثاني أسميته علي تيمّناً باسم زوج أمي، وذلك من حبي له.
كيف كان مشوارك التعليمي؟
- درست في مدرسة عسكر الابتدائية حتى الصف الثالث الابتدائي، وبعدها نقلونا إلى مدرسة الرفاع الغربي الابتدائية الإعدادية، وأنهيت الإعدادي بالرفاع، ويومها كانت المرحلة الإعدادية من سنتين فقط، وبعدها نقلونا إلى مدرسة الحورة الثانوية لمدة عامين، وآخر سنة كانت في مدرسة مدينة عيسى الثانوية التي أنشئت بعد افتتاح مدينة عيسى.
مازلت أتذكر مديرها مصطفى جعفر، كما درسني الممثل المعروف محمد عواد الرسم، وغيرهم من المدرسين، وحتى الآن أتواصل مع زملائي بهذه المرحلة، وخصوصاً مرحلة مدرسة الحورة التي كان بها طلبة من كل البحرين، ومازلت أتواصل مع بعضهم، وهذه عادة كانت موجودة لدى السابقين، أما اليوم فنرى الطلبة ليس لديهم ما هو موجود بالسابق.
ما هي الصعوبة التي واجهتها في دراستك؟
- كنا نواجه صعوبة في فترة الدراسة، لأنه لا توجد درجات لأعمال السنة، فتؤخذ العلامة من الامتحان النهائي، فلو لم يتوفق الشخص يرسب، حتى لو كان مجتهداً طوال العام.
واجهت صعوبة في اللغة الإنجليزية في آخر سنة لي بالمرحلة الثانوية، المعروفة بـ«التوجيهي»، وكان مدرسي بمدرسة مدينة عيسى سليمان الخطاط يسكن بالمنامة، وتلقيت لديه دروساً خصوصية بمنزله، كنت لا أتجه للمنزل بعد خروجي من المدرسة، بل أركب النقل العام وأذهب للمنامة، وأمشي لمنزله، وأدرس عنده، وبعدها يعيدنا بسيارته إلى سوق المنامة، وهناك أركب السيارات التي تتجه لسترة، لأنه يومها لم يكن جسر سترة موجوداً.
كنت أنزل عند مصنع التكرير وأواصل طريقي مشياً، أحياناً تقف لي سيارة، وفي الغالب أكمل طريقي مشياً إلى عسكر لمدة ساعة وربع، ولا أصل البيت إلا بعد صلاة المغرب، لقد كافحت لأنني لم أكن أريد أن أرسب، فالنقل العام لم يكن يدخل قرية عسكر من قبل، وحين نريد أن نخرج من عسكر، كانت تأخذنا سيارة من عسكر وتوصلنا إلى الرفاع الشرقي.
وكم كان كلفة الدرس الخصوصي؟
- كان يدرسني ساعة ونصف تقريباً مقابل 3 دنانير.
ماذا فعلت بعد تخرجك من الثانوية؟
- تقدمت لإدارة الهجرة والجوازات، وعملت فيها في منتصف أكتوبر 1972، أي في نفس السنة التي تخرجت فيها.
عملت في الجوازات في باب البحرين بالبداية، لمدة أشهر، وبعدها طلبت نقلي إلى الموانئ البحرية، لقرب ميناء سترة من قرية عسكر، وتمت الموافقة، ونقلت في شهر 7 من العام التالي، بقيت 38 سنة بالموانئ إلى أن أصبحت رئيس الموانئ البحرية.
ومتى أخذت شهادة الدبلوما؟
- درست الدبلوما في نهاية الثمانينات في إدارة الأعمال، اخترت هذه الشهادة لكي تنفعني لكي أترقى في مجال عملي.
لنعد للحديث عن عملك؟
- انتقلت إلى جوازات ميناء سترة كموظف، نتعامل مع السفن التي تستورد النفط من البحرين، نستلم جوازات البحارة، وكانوا يدخلون البحرين ويتبضعون فيها، إلى أن عُيِّنت مراقب عام جوازات ميناء سترة في سنة 1996، وحينها خرجت من نظام النوبات، وفي عام 2000 عُيِّنت مسؤولاً على ميناء سترة وميناء سلمان وفرضة المنامة.
هل تذكر لنا موقفاً لا تنساه؟
- واجهت الكثير من المواقف وبعضها نادر الحدوث، أتذكر أن أتتني إخبارية من الأمن العام، بأن هناك أشخاصاً تم ضبطهم من البحارة من جنسية أوروبية يروجون المخدرات، وتم القبض على اثنين وفر الثالث، وهو بالتأكيد سيرجع للباخرة، وبالفعل في الساعة الحادية عشرة والنصف جاء الشخص بسيارة أجرة، وعرفناه، ويومها كان يداوم شخص بالجمارك، وشخص بالجوازات، فقلت لموظف الجمارك عليك الإبلاغ عنه للقبض عليه لأن ذلك من مهام عملك، ولكنه تخوّف من أن يكون مسلحاً.
نزل من السيارة ورمى كيساً وحفظت المكان الذي رمى فيه الكيس، وأتى لي وقال لي إنه يريد جوازه، وهو لا يعرف أنني الموظف المعني، فقلت له سيأتي الموظف ليسلمك جوازك، وذهبت للمكتب بالداخل، اتصلت بمركز شرطة سترة وأخبرتهم بوجود الشخص، وجاءت دورية معها 10 أشخاص ومعهم كلاب بوليسية، وقبضوا عليه، وأرشدتهم لمكان الكيس الذي ألقاه، وإذا به المخدرات التي يروجها، هذا من المواقف التي لا أنساها خلال عملي بجوازات الموانئ.
أبرز الصعوبات التي واجهتك؟
- الصعوبات التي كنا نواجهها أن النوبة بها شخص واحد، ماذا لو تعرض صاحبها لظرف، كما أن بيوتنا لم يكن بها هواتف ونحن بمنطقة مقطوعة عن العالم، أول هاتف دخل عسكر سنة 1979، وكنت من أوائل الأشخاص الذين ركبوا هاتفاً.
أما على صعيد العمل، فلم أواجه صعوبات لأنني كنت ملماً بالعمل.
ومتى عُيِّنت رئيس جوازات الموانئ البحرية؟
- في 2004 عُيِّنت رئيس جوازات الموانئ البحرية، المتعلق بجميع الموانئ بالبحرين، كان لدينا 70 موظفاً، لم يكن هاتفي يقف عن العمل، كان العمل ممتعاً وكنت أقضي حاجات الموظفين، وبقيت في الجوازات إلى أن عُيِّنت عضواً بمجلس الشورى عام 2010.
ما هي هواياتك؟
- أقرأ عن تاريخ القبائل الموجودة بالدول العربية وحكامها، والأمور التي جرت، وبعض الغزوات التي حدثت في ذلك الزمان، كان هناك رعب في ذلك الزمن، ويومها نُشِر لي مقال بالأيام وأخبار الخليج، وجلالة الملك المعظم حين كان ولياً للعهد أرسل في طلبي، وشكرني على الموضوع، وشجعني على المواصلة، لقد كنت مولعاً بالكتابة وقراءة الكتب خصوصاً كتب التاريخ.
كيف تعيّنت في مجلس الشورى سنة 2010؟
- تلقيت اتصالاً من الديوان الملكي، وأخبروني بأنني مرشحٌ لمنصب عضو مجلس الشورى هذا العام، وقذ بيّنوا لي أنه لابد أن أقدم استقالتي بصفتي موظفاً حكومياً.
لماذا اخترت لجنة المرافق العامة والبيئة بدلاً من لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني؟
- أنا الآن بمجلس الشورى للفصل الرابع، بالحقيقة كنت أودّ التغيير، ولم أختر المرافق، بل اخترت لجنة الخدمات، وقالوا لي إن اللجنة ممتلئة، فقالوا لي هل تريد المرافق العامة والبيئة، فوافقت.
رأست لجنة المرافق العامة في أول فصل تشريعي لي، بطلب من الأعضاء، وأكثر شخص شجعني لأن أكون رئيساً، هو العضو السابق عبدالرحمن جواهري، بمعية بقية الأعضاء صادق الشهابي ومحمد حسن رضي وفؤاد حاجي، ولولوة العوضي.
قلت لهم يومها أنا جديد بالمجلس، ليأخذها عضو سابق، إلا أنهم أصروا علي وأكدوا لي أنهم سيساعدوني.
ما هو التغيّر الذي جرى عليك بعد دخولك مجلس الشورى؟
- واجهت صعوبات بالبداية، كيف أدير عمل اللجنة، ولكن بمعاونة الزملاء اكتسبت الخبرة، كنت لا أستطيع التحدث ارتجالياً، الآن أستطيع التحدث من خلال الممارسة بمجلس الشورى.
ناقشنا الإسكان وأموراً متعلقة بالبيئة والنظافة وأشغال الطريق، هذه الأمور التي تخصنا، وفي كل دورة كنا ننجز.
كم عدد أبنائك؟
- لدي ولدان و3 بنات، وجميعهم أنهوا دراستهم ويعملون حالياً، بنت تعمل مديرة مساعدة بمدرسة حكومية، والأخرى مسؤولة مصادر التعلم والثالثة محاسبة، والولدان أحدهما بالجيش والثاني بالشرطة.
في ختام المقابلة، من هو صاحب الفضل عليك؟
- أُقرّ بالفضل لعمي زوج والدتي، فهو الذي ربّاني.