قالت الكاتبة والإعلامية سوسن الشاعر، إن التدخل الإيراني بشؤون المنطقة والدعم الأمريكي للأقليات وثقافة العزلة القروية وعقدة المظلومية الشيعية عززت الطائفية في البحرين وساهمت بتأزيم الأوضاع، لافتة إلى أن التركيبة الاجتماعية في البحرين ليست جديدة ولم تكن أساساً سبباً في تفاقم الأزمة. وأضافت في حوار لصحيفة الحياة اللندنية، أن صدمة الأحداث الأخيرة كشفت سذاجتنا السياسية والاجتماعية، و»شكلت لي صدمة كبيرة بأشخاص وجماعات ومفاهيم وثقافات كانت موجودة ومطموسة لدى كثيرين»، مشيرة إلى أن البحرينيين قادرون على حفظ هويتهم باعتبارها نتاج عمق تاريخي وتنوع عرقي ومذهبي. ونفت الشاعر وجود أي تمييز تجاه الطائفة الشيعية في البحرين، وقالت «الأحداث الأخيرة كشفت حجم توظيف الإخوة الشيعة بمختلف مفاصل العمل في القطاعين العام والخاص»، وبالمقابل حدّت الثورة الإيرانية والكشف عن شبكة تخريبية في البحرين يقودها المدرسي من توظيف الشيعة في قوة الدفاع. وقالت «يتمتع الإخوة الشيعة في البحرين بما لا تتمتع به أية جماعات شيعية في بلد عربي آخر فيما يتعلق بالحرية المطلقة لممارسة معتقداتهم، وكفرص وظائف أثبتت الأحداث الأخيرة بما لا يدع مجالاً للشك أن الإخوة الشيعة منتشرون في كل مواقع العمل بالقطاعين العام والخاص». وتابعت الشاعر «يبقى موضوع المواقع الأمنية كالجيش والشرطة، فهنا الموضوع مختلف، إذ تشكلت قوة دفاع البحرين في سبعينات القرن الماضي بعد الاستقلال، ووظف فيها السنة والشيعة على حد سواء، وكان لظهور الثورة الإيرانية تأثير كبير للحد من هذا التوظيف، ثم كان للكشف عن شبكة تخريبية شيعية يرأسها «مدرسي» وهو رجل دين والمحرض على أحداث البحرين الأخيرة، وترأس تكتل الشبكة بداية الثمانينات، وهذان العاملان أثرا كثيراً في الحد من توظيف الشيعة في الجيش». وأضافت الشاعر أن هناك أزمة ثقة لا يمكن نكرانها، باعتبارها ظاهرة موجودة في توظيف كل الجماعات التي تختلف مع الأنظمة السياسية وتشكل أيديولوجيتها تهديداً عليها، تماماً مثل منع الإنجليز من الأصول الأيرلندية في دخول الجيش البريطاني، واستبعاد معتنقي الأفكار الشيوعية في الجيش الأمريكي في الخمسينات والستينات وكذلك في إيران، وفي العديد من الدول التي تتبنى فيها مجموعات سياسية الحراك باسم الجماعات، فتجني المجموعات السياسية على الجماعة سواء الإثنية أو الدينية، وتخلق حاجزاً للشك فيما بينها والنظام السياسي. وأوضحت الشاعر أن المملكة العربية السعودية هي عمق البحرين الاستراتيجي وحصنها المنيع، والبحرين بالمقابل خاصرة السعودية ومفتاحها، وبهذه المواقع المتبادلة «يحفظ كل منا أمن الآخر»، وتبقى للبحرين خاصيتها وتمايزها الذي يشكل بعداً ثقافياً آخراً للسعودية. وأضافت أن البحرينيين قادرون على حفظ هويتهم الخاصة، باعتبارها نتاج عمق تاريخي قديم وبيئة جزرية بحرية ساحلية، وانفتاحاً على شعوب الأرض قاطبة، وموقعاً جغرافياً مميزاً، وتنوعاً اثنياً وعرقياً ومذهبياً متعايشاً بانسجام، ومن الصعب على البحريني أن يتخلى عن كل هذه المؤثرات التي شكلت هويته. وبيّنت أن التدخل الإيراني والدعم الأمريكي للأقليات، وأخطاء الأداء الحكومي، وثقافة العزلة القروية، وعقدة المظلومية الإرثية في العقلية الجمعية للإخوة الشيعة، كلها عوامل أسهمت في تعزيز التخندق الطائفي لدى الجماعة القروية الشيعية، وبالمقابل اندمج شيعة المدن أكثر ضمن النسيج الوطني، فوجد الطائفي متنفساً له في هذه الأجواء وتجرأت الطائفية وأسفرت عن وجهها. ورأت الشاعر في كثرة الأجانب بدول الخليج مؤشراً على وجود تنمية وفرص عمل، وقالت «المشكلة ليست في الأجانب بل في المواطن الخليجي الذي عجز عن منافستهم، لدينا فرص عمل وبأجور مجزية، لكن الأجنبي يتخطفها لأننا عاجزون عن مجاراة كفاءته والتزامه، وفي ثقافة العمل التي يمتلكها». وتابعت «مازلنا عاجزين عن تسويق أنفسنا ومخاطبة المجتمع الدولي، ونحن مازلنا بالنسبة له خياماً وجمالاً ونفطاً وصحراء، توقف الزمن عند شهرزاد وألف ليلة وليلة، وهكذا يرون المنطقة وذلك ليس خطأهم، ولا هم يتحملون مسؤولية جهلهم بنا». وقالت «إذا أضفنا لذلك أن منطقتنا هي شريان الحياة بالنسبة لهم، سندرك حجم الخطأ الذي ارتكبناه بحق أنفسنا حين تركنا أصحاب المصالح في المجتمع الدولي يتحكمون بنا وبمصائرنا». ولفتت إلى أن لأمريكا مصلحة في المنطقة وتخطط لضمانها، وهي على استعداد لتجاوز كل الأخلاقيات وحل كل الارتباطات التاريخية، معتقدة أنها تسرعت هذه المرة وأخطأت حساباتها، إذ اعتقدت أن رسم مصائر الآخرين ممكن على الأرض، مادام ممكناً على الورق. وتمنت الشاعر أن تغير دول الخليج سياستها تجاه إيران، وتلعب سياسية أكثر واقعية مع النظام الإيراني، فتقترب من الشعب الإيراني، وتستخدمه أوراق ضغط على النظام، وما «أكثرها في يدنا لو أردنا»، وقالت «في التنمية نحن نسبق إيران بسنوات ضوئية وهذا هو المهم، والمؤشرات هي معدلات البطالة ودخل الفرد ومعدلات الهجرة، أما في معركة استعداء الشعوب المجاورة فإيران لها السبق».