انتهى العام الماضي بشائعات قوية طالت اللحوم الإيرانية المستوردة إلى سوريا، وتحديدا في المناطق الموالية، في مدينة حلب الشمالية السورية. وعادت الشائعات ذاتها، في الساعات الأخيرة، لتتحدث عن ما يتعرض له بعض السوريين من تلك اللحوم، بأنها تسببت بوفيات مختلفة.فقد أجرت شبكة شام FM الموالية حوارا مع الدكتور هاني اللحام وبصفته الرسمية حول الأخبار المتداولة عن حقيقة الإصابات بمرض انفلونزا الخنازير، وللكشف عن حالات الوفيات التي بدأت بالازدياد، أخيراً، في حلب السورية، وراح أغلبها ضحية للإصابة بهذا المرض الذي بدأ ينتشر بقوة، في بعض أحياء مدينة حلب.موقف النظام السوري كان متناقضاً ومتكتماً حول مسألة الإصابة بمرض انفلونزا الخنازير. خصوصا أنه أنكر، بداية، وجود تلك الظاهرة في صفوف جنوده، أو في المناطق التي تسيطر عليها قواته. إلا أن الدكتور اللحام، وبعدما تزايدت شكوى السوريين من عدم اعتراف النظام بالمرض، أقر بأن مدينة حلب شهدت حالات وفيات مسجلة، بعدما تجنبت وسائل إعلام النظام الحديث عن الإصابات، خصوصا أن أغلبها منتشر في أمكنة يسيطر عليها جيش الأسد، كما في مدينة حلب، ومدن أخرى بطبيعة الحال.تكتّم النظام عن عرض هذه الحالات المصابة بالمرض، أو الحالات التي أعلن رسميا أنها فارقت الحياة بسببه، فتح في المجال واسعاً للتكهنات والشائعات، عندما تم الربط ما بين مرض انفلونزا الخنازير واللحوم المستوردة من إيران.فقد ذكرت مواقع سورية معارضة وموالية، وفي الثلاثين من الشهر الماضي، ومنها صفحة اقتصادية سورية معارضة تهتم لأخبار الاقتصاد السوري والاقتصاديين السوريين اسمها (اقتصاد.نت) أن ثمة دعوات أطلقت، في مناطق موالية، ومن جهات موالية، من أجل الامتناع عن "تناول اللحوم والدجاج والمعلبات المستوردة من إيران، للاشتباه بأنها المتسبب بتلك الأمراض".كما نقلت الصفحة ادعاء النظام السوري في البداية، وعلى لسان رئيس حكومته، بأن لا إصابات في هذا المرض. إلا أن قيام موالين بنشر أخبار وصور وبالأسماء لمصابين توفي بعضهم في المستشفيات، أرغمت نظام الأسد على الاعتراف بها. وهذا ما حدا بالموقع السوري المعارض "زمان الوصل" أن يعيد نشر تلك الأخبار، ونقل التحذيرات من تناول اللحوم والطيور والمعلبات المستوردة من إيران.ويشار إلى أن هناك سببين رئيسيين لرواج شائعات لم يتم التحقق العلمي والمخبري منها، بأن اللحوم والمعلبات الإيرانية تسببت بتلك الوفيات، السبب الأول هو أن إيران كانت قد أعلنت هي نفسها، وكما نقلت وسائل إعلام أجنبية وعربية، عن وفاة 33 شخصا أصيبوا بانفلونزا الخنازير، وذلك بتاريخ 7 – 12- 2015، وهي الفترة نفسها التي شهدت إصابات في المناطق الموالية التي يسيطر عليها نظام الأسد في حلب، وهي المنطقة التي يأتيها جنودٌ إيرانيون أو "مستشارون" أو متطوعون من تلك البلاد التي اعترفت بتعرضها للإصابة وموت عدد كبير من المصابين.أما السبب الثاني للشائعة، فهو تكتم النظام السوري وحرصه على عدم إذاعة الخبر، خصوصا أن أغلب الإصابات وبعض الوفيات كانت في المناطق التي يسيطر عليها هو في حلب، ويدخلها إيرانيون بأعداد كبيرة أرسلتهم حكومتهم للقتال لصالح الأسد. وتعتبر المصادر أن هذين السببين أجّجا الشائعة التي ربطت بين المستوردات الغذائية الإيرانية وحالات الإصابة بالمرض في سوريا.إلا أن الدكتور أحمد الأسعد، وهو مدير مستشفى بريف ادلب، نفى أن يكون للحوم الإيرانية المستوردة أي دور بانتشار هذا المرض، قائلا إنه ينتقل فقط من طريق الهواء والمجاري التنفسية، كما صرح "لوكالة الأنباء التركية-طه" وكما يجمع عليه الرأي العلمي، بطبيعة الحال.يشار إلى أن صفحات من داخل مدينة حلب، كانت قد أشارت أكثر من مرة إلى وجود حالات الإصابة بالمرض، على الرغم من النفي الرسمي. كصفحة "شبكة أخبار حي الزهراء بحلب" التي تولت نشر أخبار المصابين والمتوفين جراء تعرضهم للعدوى. وهي الآن تعمل على حث أهالي المدينة لتناول اللقاح، وبسبب شدة التكتم الرسمي، اضطرت الصفحة للقول لزوارها: "المرض ليس شائعة. هناك 14 حالة وفاة"!يذكر أن الحوار الذي أجري مع الدكتور هاني اللحام، وهو معاون لوزير صحة النظام السوري، في الساعات الأخيرة، لم يقلل من شكوك السوريين من دور اللحوم الإيرانية والمعلّبات الإيرانية، في نقل المرض، أو نقل مرض آخر تسبب بالوفاة دون أن يتم التحقق منه.فقد وردت تعليقات وآراء، وعلى صفحة شامFM التي حاورت الدكتور السالف، وقال بعضها: "نريد أن نعلم: لماذا لم ينتشر المرض إلا في المناطق التي يسيطر عليها الجيش؟" وانتهى إلى سؤال وجهه إلى الدكتور: "أقول لك، قل لناً رداً أفضل من ذلك، وانظروا إلى اللحوم الفاسدة التي تستوردونها".إلى هذا، فإن النظام السوري الذي يحيط الجنود الإيرانيين الذين يقاتلون معه، بحماية خاصة، عبر عزلهم عن مناطق المعارضة السورية وتأمين كل مستلزماتهم على مختلف الصعد، لا يسمح بإجراء فحوص طبية للتحقق ما إذا كان الإيرانيون الذين يقاتلون معه قد جاؤوا من بلادهم حاملين للعدوى، أو مصابين بها، خصوصا أن هذه النوعية من الأمراض يمكن أن يتم تناقلها من خلال أشخاص حاملين لها إنما لم تبد عليهم عوارض الإصابة. خصوصا أن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية كانت نقلت عن وزارة الصحة أن "إيران مهددة بانتشار فيروس H1N1". بل إن الوكالة نقلت تحذيراً في إحدى المحافظات الإيرانية للإقلال من تحركات المواطنين "للحد من انتشار المرض".