بعد تأكيدها مرارا وتكرارا أن مواصلة العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة، ينطوي على مخاطر أمنية جسيمة ويهدد استقرار المنطقة، وانضمامها رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، يبدو أن مصر تبحث في وسائل جديدة لردع إسرائيل عن اجتياح المدينة الفلسطينية المحاذية لحدودها.فقد ألمح مسؤولون مصريون إلى أن القاهرة تدرس الآن خفض علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، عن طريق سحب سفير البلاد في تل أبيب، وفق ما نقلت "وول ستريت جورنال"وأوضحوا أن المواجهة الحالية بدأت عندما أعطت إسرائيل مصر إشعارا قبل ساعات فقط من سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي الأسبوع الماضي، بعدما طمأنتها سابقا بأن المعبر الذي يشكل نقطة دخول رئيسية للمساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، لن يتأثر وأن الفلسطينيين هناك سيمنحون أسابيع لإخلاء المنطقة بأمان.وقال مسؤول مصري مطلع على الأحداث: "لم يتحقق أي من هذه التأكيدات، حيث أعطتنا إسرائيل إشعارا قصيرا جدا حول دخول المعبر".في حين أشار مسؤول مصري آخر إلى أنه "لا توجد حالياً خطط لتعليق العلاقات أو التخلص من كامب ديفيد، لكن طالما بقيت القوات الإسرائيلية عند معبر رفح، فإن مصر لن ترسل شاحنة واحدة إلى رفح"، في إشارة إلى اتفاقات كامب ديفيد التي أدت إلى معاهدة السلام عام 1979.أسوأ أزمةبينما قال محمد أنور السادات، ابن شقيق الرئيس المصري الذي تفاوض على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية سنة1979، إن النزاع الحالي أسوأ أزمة ثنائية بين البلدين منذ ذلك الحين.كما أضاف السادات، العضو السابق في البرلمان المصري: "هناك الآن نقص في الثقة.. و نوع من الشك من كلا الجانبين".دبابات إلى سيناء؟!من جهته، اعتبر يزيد صايغ، الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط من بيروت أن "المخاطر على مصر عالية جدا" مضيفا "أعتقد أنهم مستاؤون بشكل كبير من أن الإسرائيليين لا يولون أي اهتمام على الإطلاق للمصالح أو المشورة المصرية".كما أردف أنه "يمكن للمصريين أن يقولوا للجانب الإسرائيلي هل تفضل أن نرسل كتيبة دبابات إلى سيناء؟".بدوره، رأى عوفير وينتر، الخبير في العلاقات الإسرائيلية المصرية في معهد دراسات الأمن القومي بتل أبيب، أنه بدون تفاهم بين البلدين حول كيفية تطور الحرب، ستستمر العلاقات في التدهور.وقال: "تحتاج إسرائيل إلى مصر كوسيط في صفقة تبادل الرهائن، وستحتاج إليها لتحقيق استقرار الوضع في غزة في أي سيناريو مستقبلي بعد الحرب".وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شدد سابقا على أن السيطرة على معبر رفح كانت ضرورية لقطع تهريب حماس.يذكر أن إسرائيل ومصر تعاونتا أمنياً في السابق على ضوء اتفاقية 1979، كما تبادلتا المعلومات الاستخباراتية لهزيمة تنظيم داعش في منطقة شمال سيناء، لكن عملية رفح زادت من الضغط على العلاقة المتوترة بشدة.تحديات جديدة أمام بايدنوتضاف الانقسامات المصرية الإسرائيلية الحالية إلى التحديات التي تواجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي كافحت للمساعدة في التوسط في اتفاق وقف إطلاق النار وقررت الأسبوع الماضي وقف تسليم بعض القنابل المستخدمة في الحرب في غزة إلى إسرائيل للضغط عليها للتراجع عن اجتياح رفح.فيما أشادت الولايات المتحدة، التي توسطت في معاهدة عام 1979 بين البلدين، بدور مصر كوسيط في الصراع.لكن القاهرة احتجت بقوة خلال الفترة الماضية على غزو رفح، قائلة إن العملية تعرض معاهدة السلام للخطر.وأعلنت وزارة الخارجية المصرية يوم الأحد الماضي أيضا أنها ستنضم إلى قضية جنوب إفريقيا التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، في علامة أخرى على تدهور العلاقات بين البلدين.كما رفضت مصر أيضا خلال الفترة الماضية التعاون مع إسرائيل لتشغيل معبر رفح، الذي كان حتى الأسبوع الماضي آخر نقطة دخول متبقية للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر.في المقابل، نفت إسرائيل أن تكون عمليتها الحالية في رفح غزوا بريا كاملا للمدينة، على الرغم من أن الهجوم شرد بالفعل أكثر من 360 ألف فلسطيني، وفقا للأمم المتحدة.