ايمن همام
من الطبيعي والمتوقع أن يستحوذ الجانب السياسي على القدر الأكبر من اهتمام القادة العرب عندما يجتمعون في البحرين لعقد قمتهم الثالثة والثلاثين، حيث سيناقشون جدول أعمال مثقلاً بجملة من الملفات المعقدة، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي الآثم والغاشم على غزة.المعضلة التي يواجهها الزعماء العرب تكمن في التصدي للتحديات الأمنية الجسام التي تشهدها المنطقة حالياً، وفي الوقت ذاته العمل على تأمين نمو وازدهار الأجيال القادمة مستقبلاً.وفي مشهد التنمية المعقد، يبرز الاستقرار السياسي كعامل محوري للنمو الطويل الأجل، فهو ليس ترفاً، بل هو ضرورة أساسية للمضي قدماً على طريق التقدم الاقتصادي المستدام، إذ يُمَكّن التنفيذ الفعال للسياسات، ويجذب الاستثمارات، ويعزز استقرار المجتمعات.وليتخذ القادة العرب من مملكة البحرين دراسة حالة. فمن اللحظة التي تطأ فيها أقدامهم أرض مطار البحرين، وفي أثناء ذهابهم إلى مقار إقاماتهم، وانتقالهم إلى قاعات الاجتماع، سيرون بكل وضوح ما جلبه الاستقرار السياسي من عمران وتطوير وبناء.زيارات القادة العرب للبحرين لم تنقطع أبداً، لكن الجديد هذه المرة هو أنهم يجتمعون تحت مظلة الجامعة العربية في البحرين، التي تستضيف أول قمة عربية في تاريخها، وهي تقدم نفسها للعالم بأبهى حلة كواحة للاستقرار في منطقة ارتبط اسمها في أذهان العالم بالصراعات والتوترات.البحرين، بحكمة قيادتها ووعي شعبها، وفرت بيئة من الثقة والاطمئنان للمستثمرين المحليين والأجانب، حيث كان الاستقرار السياسي عاملاً رئيساً في النمو الملحوظ لاقتصاد المملكة، الذي اجتذب، بفضل السياسات الداعمة للأعمال التجارية والحوكمة المتسقة، استثمارات أجنبية كبيرة، إذ شهدت المملكة استثمارات تزيد قيمتها على 1.7 مليار دولار في عام 2023، من مستثمرين محليين ودوليين.الاستقرار السياسي هو حجر الزاوية في مسيرة البحرين نحو التنمية، وبترسيخه باتت المملكة مركزاً مالياً إقليمياً، وانطلاقاً منه تمكنت الحكومة من تنفيذ سياسات تدعم النمو القائم على القطاعات غير النفطية، وتعززت قدرة المملكة على المشاركة الفاعلة في الدبلوماسية الدولية، وعقد الاتفاقيات التجارية، والدخول في شراكات استراتيجية مع دول العالم المختلفة.عندما زار خبراء صندوق النقد الدولي البحرين العام الماضي لجمع المعلومات الاقتصادية والمالية، بموجب المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس الصندوق، وبعد عودتهم إلى مقر عملهم في واشنطن، كتبوا في تقريرهم ما يلي:«شهدت البحرين نمواً قوياً في عام 2022، إذ حقق اقتصادها نمواً بنسبة 4.9%. ولايزال الجهاز المصرفي محتفظاً بصلابته مع وفرة الاحتياطيات الوقائية، وتواصل السلطات التزامها القوي بخطة الإصلاحات المالية والهيكلية الموضحة في برنامج التوازن المالي، وخطة التعافي الاقتصادي، ودفع جهود التنويع الاقتصادي في الوقت نفسه، بما في ذلك من خلال تعزيز مرونة سوق العمل، وتمكين المرأة، وتطوير البنية التحتية الرقمية الاقتصادية، والتصدي لتحديات تغير المناخ".ولم يتفق المديرون التنفيذيون للصندوق مع تقييم الخبراء فحسب، بل وأشادوا بقوة النمو وأداء المالية العامة في البحرين في أعقاب «كوفيد»، بفضل الاستجابة الناجحة في مواجهة الجائحة، واستمرار زخم الإصلاحات والأسعار المواتية للسلع الأولية.كما أشادوا بالتزام السلطات المستمر بتنفيذ الإصلاحات في إطار «برنامج التوازن المالي»، بما في ذلك التقدم المحرز حتى الآن نحو تعبئة المزيد من الإيرادات غير الهيدروكربونية ومواصلة تقييد الإنفاق. وكذلك رحبّوا بالإصلاحات الهيكلية الطموحة للبحرين، وبدور المملكة في قيادة جدول أعمال التكنولوجيا المالية.بمشاهدة ما حققته البحرين من إنجازات، خلال فترة زمنية قصيرة بمقياس أعمار الأمم، تتولد صورة ذهنية حية لقيمة وأهمية الاستقرار السياسي. ونأمل أن يعود قادة الدول الشقيقة، التي تشهد كثير من مناطقها أوضاعاً إنسانية صعبة وفي بعض الأحيان مأساوية، برؤية سياسية واضحة بشأن تعزيز الأمن والاستقرار في بلدانهم.
من الطبيعي والمتوقع أن يستحوذ الجانب السياسي على القدر الأكبر من اهتمام القادة العرب عندما يجتمعون في البحرين لعقد قمتهم الثالثة والثلاثين، حيث سيناقشون جدول أعمال مثقلاً بجملة من الملفات المعقدة، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي الآثم والغاشم على غزة.المعضلة التي يواجهها الزعماء العرب تكمن في التصدي للتحديات الأمنية الجسام التي تشهدها المنطقة حالياً، وفي الوقت ذاته العمل على تأمين نمو وازدهار الأجيال القادمة مستقبلاً.وفي مشهد التنمية المعقد، يبرز الاستقرار السياسي كعامل محوري للنمو الطويل الأجل، فهو ليس ترفاً، بل هو ضرورة أساسية للمضي قدماً على طريق التقدم الاقتصادي المستدام، إذ يُمَكّن التنفيذ الفعال للسياسات، ويجذب الاستثمارات، ويعزز استقرار المجتمعات.وليتخذ القادة العرب من مملكة البحرين دراسة حالة. فمن اللحظة التي تطأ فيها أقدامهم أرض مطار البحرين، وفي أثناء ذهابهم إلى مقار إقاماتهم، وانتقالهم إلى قاعات الاجتماع، سيرون بكل وضوح ما جلبه الاستقرار السياسي من عمران وتطوير وبناء.زيارات القادة العرب للبحرين لم تنقطع أبداً، لكن الجديد هذه المرة هو أنهم يجتمعون تحت مظلة الجامعة العربية في البحرين، التي تستضيف أول قمة عربية في تاريخها، وهي تقدم نفسها للعالم بأبهى حلة كواحة للاستقرار في منطقة ارتبط اسمها في أذهان العالم بالصراعات والتوترات.البحرين، بحكمة قيادتها ووعي شعبها، وفرت بيئة من الثقة والاطمئنان للمستثمرين المحليين والأجانب، حيث كان الاستقرار السياسي عاملاً رئيساً في النمو الملحوظ لاقتصاد المملكة، الذي اجتذب، بفضل السياسات الداعمة للأعمال التجارية والحوكمة المتسقة، استثمارات أجنبية كبيرة، إذ شهدت المملكة استثمارات تزيد قيمتها على 1.7 مليار دولار في عام 2023، من مستثمرين محليين ودوليين.الاستقرار السياسي هو حجر الزاوية في مسيرة البحرين نحو التنمية، وبترسيخه باتت المملكة مركزاً مالياً إقليمياً، وانطلاقاً منه تمكنت الحكومة من تنفيذ سياسات تدعم النمو القائم على القطاعات غير النفطية، وتعززت قدرة المملكة على المشاركة الفاعلة في الدبلوماسية الدولية، وعقد الاتفاقيات التجارية، والدخول في شراكات استراتيجية مع دول العالم المختلفة.عندما زار خبراء صندوق النقد الدولي البحرين العام الماضي لجمع المعلومات الاقتصادية والمالية، بموجب المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس الصندوق، وبعد عودتهم إلى مقر عملهم في واشنطن، كتبوا في تقريرهم ما يلي:«شهدت البحرين نمواً قوياً في عام 2022، إذ حقق اقتصادها نمواً بنسبة 4.9%. ولايزال الجهاز المصرفي محتفظاً بصلابته مع وفرة الاحتياطيات الوقائية، وتواصل السلطات التزامها القوي بخطة الإصلاحات المالية والهيكلية الموضحة في برنامج التوازن المالي، وخطة التعافي الاقتصادي، ودفع جهود التنويع الاقتصادي في الوقت نفسه، بما في ذلك من خلال تعزيز مرونة سوق العمل، وتمكين المرأة، وتطوير البنية التحتية الرقمية الاقتصادية، والتصدي لتحديات تغير المناخ".ولم يتفق المديرون التنفيذيون للصندوق مع تقييم الخبراء فحسب، بل وأشادوا بقوة النمو وأداء المالية العامة في البحرين في أعقاب «كوفيد»، بفضل الاستجابة الناجحة في مواجهة الجائحة، واستمرار زخم الإصلاحات والأسعار المواتية للسلع الأولية.كما أشادوا بالتزام السلطات المستمر بتنفيذ الإصلاحات في إطار «برنامج التوازن المالي»، بما في ذلك التقدم المحرز حتى الآن نحو تعبئة المزيد من الإيرادات غير الهيدروكربونية ومواصلة تقييد الإنفاق. وكذلك رحبّوا بالإصلاحات الهيكلية الطموحة للبحرين، وبدور المملكة في قيادة جدول أعمال التكنولوجيا المالية.بمشاهدة ما حققته البحرين من إنجازات، خلال فترة زمنية قصيرة بمقياس أعمار الأمم، تتولد صورة ذهنية حية لقيمة وأهمية الاستقرار السياسي. ونأمل أن يعود قادة الدول الشقيقة، التي تشهد كثير من مناطقها أوضاعاً إنسانية صعبة وفي بعض الأحيان مأساوية، برؤية سياسية واضحة بشأن تعزيز الأمن والاستقرار في بلدانهم.