الرأي

المنامة - موسكو - بكين.. دبلوماسية ملكية لاستقرار المنطقة

مثلت الزيارة التي قام بها جلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، الأسبوع الماضي إلى العاصمة الروسية، ولقاؤه بالرئيس فلاديمير بوتين؛ أولى محطات جلالته الدبلوماسية لعواصم صناعة القرار العالمي من أجل حشد الدعم الدولي لمبادرة البحرين، خلال القمة العربية، الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام في المنامة.
الزيارة الملكية إلى موسكو حملت في طياتها أبعاداً سياسية وأمنية إقليمية، إلى جانب كونها جاءت مواصلة لتعزيز جهود المملكة في بناء جسور التعاون وإقامة الشراكات مع مختلف دول العالم على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
الدبلوماسية الهادئة لجلالة الملك المعظم، كما أحب أن أطلق عليها، تمثل نموذجاً رائداً في العلاقات الدولية، وتعكس مدى الحكمة والرؤية السديدة لجلالته في التعاطي مع مختلف القضايا والملفات، المحلية والإقليمية والدولية، كما أنها تمثل رؤية البحرين التاريخية وقيمها الأصيلة الداعية دوماً إلى إحلال السلام ونشر ثقافة التعايش بين شعوب الأرض من أجل مستقبل أكثر أماناً للأجيال المقبلة.
جلالته، خلال الزيارة أعاد التأكيد على ضرورة التهدئة ووقف التصعيد في قطاع غزة وإتاحة المجال لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل القطاع، إلى جانب ضرورة سرعة العمل على تسوية الصراع بشكل عادل وشامل ومستدام، وبما يحقق للشعب الفلسطيني حلمه التاريخي بإقامة دولته المستقلة والقابلة للحياة، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، إلى جانب دعم جهود الاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبولها عضواً دائم العضوية في الأمم المتحدة.
جلالة الملك المعظم، رئيس الدورة الثالثة والثلاثين للقمة العربية، حمل إلى العاصمة الروسية رؤية عربية واحدة حول ضرورة إيجاد تحرك دولي داعم لجهود السلام والاستقرار في الإقليم والعالم، وهو ما تبنته «قمة البحرين» بإجماع القادة العرب. التقدير والاهتمام بالزيارة الملكية إلى العاصمة الروسية؛ كان موضع متابعة على مختلف الأصعدة، وهو ما عكس ما يكنه الرئيس الروسي شخصياً ولمملكة البحرين بشكل عام، كما يعكس ثقة العالم بحكمة وحنكة جلالة الملك السياسية وقدرة جلالته على قيادة العمل العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة التي تمر به المنطقة.
ودون شك؛ فإن لقاءات جلالته في موسكو مثلت أيضاً النموذج الراقي للدبلوماسية البحرينية وقوتها الناعمة، فقد مثلت لقاءات جلالته في البرلمان الروسي ومع رجال الدين الروس، مسلمين ومسيحيين، التعبير الأصدق لطبيعة الثقافة والتاريخ البحريني، والذي يساهم في تعزيز التقارب بين جميع الشعوب من مختلف الأديان والثقافات والأعراق.
زيارة تعكس أهمية وثقل مملكة البحرين، الإقليمي والدولي، وتمثل بداية لمرحلة دبلوماسية قادمة تحمل في طياتها الكثير من مبشرات السلام والتقدم والازدهار للمنطقة والعالم.
موسكو؛ هي المحطة الأولى لجلالة الملك، وستتبعها زيارات أخرى إلى أهم عواصم صناعة القرار العالمي، حيث ستكون بكين هي المحطة التالية، والتي من المتوقع أن تشكل انطلاقة مهمة وجديدة في مسيرة العلاقات بين البلدين، إلى جانب تأكيد التوافق على الملفات الإقليمية الدولية.