محمد الرشيدات
كاستجابة منها لقرار جمعية الصحة العالمية رقم 40 -38 والذي اعتمدته الجمعية في دورتها الأربعين في شهر مايو من العام 1987، شرعت منظمة الصحة العالمية في الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التبغ بعد سنة من اعتماد القرار أي سنة 1988، ليتم تحديد يوم الـ31 مايو من كل عام يوما عالمياً دون تدخين، بهدف إقناع المدخنين ومستهلكي التبغ بالإقلاع عنه، عبْر تشجيع الحكومات، والمجتمعات، والمجموعات، والأفراد على إدراك حجم المشكلة والأضرار التي يمكن أن تترتّب على صحة البشرية جميعها.«لنزرع الغذاء وليس التبغ، التبغ يهددنا جميعاً، وقف الاتجار غير المشروع لمنتجات التبغ، لنعمل معاً لمنع الإعلان عن منتجات التبغ والترويج لها ورعايتها، أوقفوا التدخل في صناعة التبغ، التبغ: قاتل بكل صوره وأشكاله، تحرر: اختر أن تتنفس لا أن تدخن»، كلها شعارات عنونت نفسها لتؤطر الذكرى الدورية لمكافحة التبغ على مدار سنوات خلت، وفي ذلك تركيز على قدرة الإعلان والرسائل المباشرة في التأثير على الأفراد والجماعات من المدخنين، للتوقّف عن هذه الممارسة التي تضرّ بصحة غير المدخنين حتى، تحت ما يُسمى بالتدخين السلبي، مع إبراز المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي التبغ والدعوة إلى وضع سياسات فعالة للحد من استهلاكه، إذ يُعد تعاطي التبغ أهم سبب من الأسباب الحقيقية المؤدّية للوفيات حول العالم، لتثبت الدراسات أنه سبب في إزهاق روح واحد من كل عشرة بالغين في شتى أنحاء العالم، ليأتي ذلك كحقيقة مخيفة يمكن تفاديها إذا حوربت بشتّى السبل والوسائل العلمية المدروسة، فضلا عن تنظيم عدد من الفعاليات والأنشطة الهادفة لتسليط الضوء على استهلاك التبغ وأضراره على صحة الإنسان والبيئة، بما يكفل حماية الأجيال الحالية والمقبلة من هذه العواقب الصحية المدمرة، بل وأيضاً من المصائب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية لتعاطي التبغ والتعرض لدخانه.في العام الماضي، احتفل العالم بيوم مكافحة التبغ تحت شعار «لنزرع الغذاء وليس التبغ»، في الوقت الذي جاءت منظمة الصحة العالمية على ذكر العواقب الوخيمة المترتّبة على زراعة التبغ، ويده الطويلة التي تفتك بصحة المزارعين وسلامة الكوكب، وهو ما تداعت له بعض الدول من خلال دعم المزارعين في الانتقال إلى محاصيل أكثر استدامة تُحسّن الأمن الغذائي والتغذية، بعيداً عن زراعة أيّة موادّ ضارّة.هذه السنة وجنباً إلى جنب مع دول العالم، تحتفي مملكة البحرين باليوم العالمي لمكافحة التبغ، للتوعية ولفت النظر بمخاطر استهلاك التبغ، من نافذة تزويد المجتمع بالمعرفة اللازمة، وتمكينه من الوقوف على مضار التدخين، والسيطرة بشكل واسع على استخدام التبغ وما يصاحب ذلك من تأثيرات صحية سلبية على الجميع.وبحسب إحصاءات معتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، أظهرت أن 90% من الوفيات في المعمورة ككل يقف خلفها سرطان الرئة، و75% بسبب التهاب القصبات المزمن، و25% بانسداد الشريان التاجي، ليقف التبغ كمتّهم ثبتت إدانته قبل محاكمته وراء تلك النسب المؤلمة، لذلك تقاضيه الدول جميعها من خلال تبنّي إجراءات فعّالة هدفها منع انتشار هذه العادة السيئة وتحفيز المدخنين لتركها.والبحرين على سبيل الحصر، لا تدّخر أي جهد في محاربة التبغ وتطوير السياسات الموجّهة نحو الحد منه كممارسة غير محمودة تستهدف صحة المجتمع، إذ قامت المملكة ومن خلال اللجنة الوطنية لمكافحة التدخين والتبغ بأنواعه ومنتجاته بجهود كبيرة للتوعية بأضرار التدخين بين أفراد المجتمع ومؤسساته الحكومية والأهلية والخاصة، واضعة جملة من الاشتراطات الصحية اللازمة لتقليل الخطر الناجم عن استخدام التبغ، وإعداد الدراسات والبحوث المتعلقة بمعدلات استهلاك التبغ في البحرين، إلى جانب تقديم التوصيات التي تُساهم في خفض هذه المعدلات، وصولا إلى وضع القواعد التي تضمن حماية الجمهور من دخان منتجات التبغ، وسعيها الدؤوب إلى الحد من استهلاك التبغ، ومساعدة المدخنين على الإقلاع عنه للحفاظ على أرواحهم، وحمايتهم من الأمراض التي يسببها، وتأمين حياة صحية خالية من الأمراض لجميع أفراد المجتمع.