وكالات
رغم الإقالات التي طرقت بابها خلال الأسابيع الماضية، فإن وزارة الدفاع الروسية لا تزال مستمرة في تحقيق التقدم وإن كان طفيفا على الأراضي الأوكرانية على ما يبدو.فقد أعلنت، اليوم الأحد، السيطرة على بلدة أومانسكي الواقعة على مسافة نحو 25 كلم شمال غرب دونيتسك الخاضعة للسيطرة الروسية.في حين أشاد وزير الدفاع الروسي الجديد أندري بيلوسوف بـ"التقدم" الذي أحرزه جيشه في أوكرانيا، إذ أكد أن قوات بلاده احتلت 880 كيلومترا مربعا من الأراضي الأوكرانية منذ الأول من يناير 2024.ومنذ أشهر تعلن موسكو السيطرة على قرى وبلدات خصوصا في شرق أوكرانيا وشمالها الشرقي حيث بدأت في 10 مايو هجوماً برياً في خاركيف.فيما دفع هذا الهجوم القوات الأوكرانية لإرسال تعزيزات إلى المنطقة، ما هدّد بخسارتها مناطق أخرى على الجبهة.إقالات عصفت بالوزارةلكن أمام هذا التقدم، أثيرت العديد من التساؤلات حول أسباب الإقالة الصادمة قبل أسبوعين لوزير الدفاع سيرغي شويغو، والتي لحقتها موجة من الاعتقالات التي طالت كبار الضباط تحت ستار مكافحة الفساد. فلماذا تقيل أي سلطة وزراء ومسؤولين إن كانوا حققوا بالفعل تقدماً أو نجاحاً في عملهم؟!بينما أعاد بعض المراقبين التذكير بالحملة الشرسة التي شنها زعيم فاغنر يفغيني بريغوجين على شويغو والجنرال الشهير فاليري غيراسيموف، اللذين اتهمهما بالفساد وعدم الكفاءة قبل وفاته بحادث مريب العام الماضي، معتبرين أن الإقالات أثبتت صحة الاتهامات التي كالها لهما.كما اعتبروا أنها حملت ما يشبه "الرسالة من قبره"!تمرد الطباخفقد قاد بريغوزين، الذي كان يعرف بطباخ بوتين (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) العام الماضي، تمردًا كان من المفترض أن ينتهي بالإطاحة بشويغو وغيراسيموف على السواء.لكنه بدلاً من ذلك، وضع سيد الكرملين في موقف حرج وتحدى سلطته.فرد بوتين الصاع، واصفاً صديقه السابق بالخائن وجرده من أصوله، قبل أن يتوفى بريغوجين في حادث تحطم طائرة مشبوه، إلى جانب كبار مستشاريه.ومنذ ذلك الحين، أبقى بوتين تفاصيل القصور في شفافية مشتريات وعقود وزارة الدفاع من الأسلحة، فضلاً عن مزاعم الفساد التي فجرها زعيم فاغنر القتيل بعيداً عن أعين الناس.أجل يوم الحسابكما حرص على ألا يقوم بأي رد فعل غير محسوب في أعقاب التمرد مباشرة، وأجل يوم الحساب وقراره بإقالة شويغو ومحاسبة مستشاريه في الوزارة حتى الشهر الماضي، لكيلا يشكك في سلطته وقوته أمام الشعب الروسي.في حين وصف محللون، وزارة الدفاع الروسية بأنها واحدة من أكثر الوزارات فساداً في البلاد، حسب ما نقلت شبكة CNN.إذ كشفت التحقيقات والتوقيفات الأخيرة التي طالت ضباطاً كباراً، فساداً كبيراً في عقود عسكرية بمبالغ طائلة.كما فضحت علانية كبار المسؤولين في الوزارة وأسلوب حياتهم الفخم.الأهم لبوتينوفي السياق، اعتبرت تاتيانا ستانوفايا، زميلة بارزة في مركز كارنيجي أوراسيا، أنه لا يهم إن كان بريغوجين على حق بشأن فساد المسؤولين في الوزارة، مضيفة أن "مصلحة بوتين تتلخص في الحفاظ على النظام داخل بيته".كما أضافت أن الأمر الأكثر إلحاحاً وأهمية بالنسبة لسيد الكرملين هو تحقيق النصر في أوكرانيا، والذي تلعب فيه وزارة الدفاع دورا محوريا.فمع تعيين الرئيس الروسي للخبير الاقتصادي المدني أندريه بيلوسوف، الشهر الماضي وزيراً جديداً للدفاع، شدد على أنه يريد من الوزارة، بميزانيتها الضخمة، شراء الأسلحة بسرعة أكبر وبشكل اقتصادي، في علامة واضحة على انتقال البلاد إلى اقتصاد زمن الحرب.يشار إلى أن أحدث حلقة في سلسلة التوقيفات طالت يوم الجمعة الماضي، فاديم شامارين، رئيس مديرية الاتصالات الرئيسية في القوات المسلحة الروسية، إذ اتهم بـ"تلقي رشوة بقيمة 36 مليون روبل (حوالي 393 ألف دولار) من مصنع يزود الوزارة بالمعدات الحربية والصناعية اللازمة، كما اتهم بأنه منح الشركة عقودًا حكومية مربحة.في حين ذكرت وكالة ريا نوفوستي التي تديرها الدولة أن زوجته اشترت سيارة مرسيدس-بنز GLE في عام 2018 مقابل 20 مليون روبل (حوالي 218 ألف دولار) في وقت لم يكن دخله أعلى من 34 ألف دولار.بينما أثبت تقرير منفصل أن دخلها في ذلك العام بلغ 872 ألف روبل فقط (9740 دولارًا).أبرز المسؤولين الخمسةأما أبرز المسؤولين الخمسة الذين تم اعتقالهم خلال الأسابيع الماضية، فكان تيمور إيفانوف نائب شويغو، بعد أن وضع قيد الإقامة الجبرية في أواخر أبريل الماضي، للاشتباه في تلقيه رشاوى.وكان إيفانوف أصبح محور اهتمام مؤسسة مكافحة الفساد التي أسسها المعارض الروسي أليكسي نافالني، الذي قُتل في أحد السجون الروسية في فبراير الماضي، إذ كشفت عن أسلوب الحياة الفخم الذي تعيشه زوجته من شراء المجوهرات الفخمة، وارتداء الملابس الراقية، فضلا عن امتلاك شاليه في منتجع كورشوفيل الأنيق للتزلج في فرنسا. وتساءلت كيف يمكنها عيش نمط الحياة هذا فيما راتب زوجها رسميًا 175 ألف دولار فقط سنويًا.وواجه الجيش الروسي على مدى العقود الماضية، فضائح فساد عدة خصوصا في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، صدرت في إطارها أحكام مشددة بالسجن.إلا أن قضايا الفساد التي طفت مؤخراً، ارتدت طابعاً حساساً، كونها تفجرت في ظل استمرار الحرب التي تخوضها موسكو منذ سنتين في أوكرانيا، والتي كبدتها خسائر عدة مادياً وبشرياً.