استيقظنا على خبر محزن، حريق هائل اندلع في سوق المنامة القديم، المكان الذي نشأت فيه وترعرعت، والمكان الذي يحمل ذكريات لا تنسى للبحرينيين والخليجيين على حد سواء، هذا السوق الذي كان وجهة سياحية عريقة، شهد العديد من الأحداث التاريخية واحتفظ بذكريات أجيال متعاقبة.كانت النيران تلتهم المحلات التجارية التي مرّ عليها الزمن، تحمل بين جدرانها ذكريات أبناء هذا الوطن، لم يكن الحريق مجرد تدمير لممتلكات مادية، بل كان تدميراً لجزء من تراثنا وموروثنا الثقافي، كان الناس يقفون مذهولين، يشاهدون ذكرياتهم تحترق أمام أعينهم، محلات كانت تحكي قصص الأجداد والأبناء، ذهبت في لمح البصر.البحرينيون الذين مازالوا في السوق تحدثوا عن الأسباب التي أدت إلى هذا الحريق المدمر، فكانت تجمعات الآسيويين وعبثهم في الكهرباء، وعدم التزامهم بالقوانين، هي أهم الأسباب التي أدت إلى اندلاع النيران، حسب قولهم، وليس هذا هو الحريق الأول الذي يحدث بسبب الإهمال والتهاون في اتباع قواعد السلامة، كما أن تكرار هذه الحرائق يشير إلى مشكلة أكبر تتعلق بعدم الوعي الكافي بأهمية الالتزام بإجراءات الأمان والسلامة.مع حلول فصل الصيف، تتجدد المخاوف من اندلاع حرائق جديدة، فالصيف بحرارته الشديدة يعتبر موسماً لحرائق تتسبب في خسائر كبيرة، سواء أكانت في الأرواح أو الممتلكات، وبطبيعة الحال تختلف الأسباب، ولكن غالباً ما يكون الإهمال هو العامل المشترك، فالإهمال في الصيانة الدورية للأجهزة الكهربائية، وعدم وجود فتحات تهوية كافية، ومخالفة قواعد السلامة، كلها أمور تساهم في زيادة مخاطر اندلاع الحرائق.لابد أن يتحمل كل من يخالف قوانين السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، المسؤولية الكاملة، ويجب أن تتخذ السلطات إجراءات صارمة لضمان التزام الجميع بقواعد الأمان، كما علينا أن نتعلم من هذه الحوادث المؤلمة ونتخذ التدابير اللازمة لتجنبها في المستقبل.يبقى سوق المنامة القديم رمزاً لتاريخنا وثقافتنا، وعلينا أن نحافظ عليه ونحميه من كل ما قد يهدد وجوده، ستظل ذكرياتنا فيه خالدة، لكنها تحتاج إلى حماية واهتمام أكبر لضمان بقائها للأجيال القادمة، من خلال تشديد الرقابة على التجمعات وحملات التفتيش الخاصة بالأمن والسلامة على مباني المناطق الحيوية والمحلات، كما يجب مراقبة محاولات الغش في إيجاد "قوابس" مشتركة للحصول على الدعم أو لمشاركة خطوط الإنترنت!!
الرأي
حريق الذكريات في سوق المنامة القديم
23 يونيو 2024