كثير من الناس من يشكّك في قدرة الدولة على حلّ ملف التجنيس المخالف للقانون، وذلك لأن الفترة الزمنية التي أعلن عنها معالي وزير الداخلية تتحدث عما يقارب الخمسة عشر عاماً من 2010 إلى اليوم، أي أننا نتحدث عن ملف مُتخَم أعداده قد تتجاوز عشرات الآلاف؛ لهذا فنحن أمام امتحان صعب على الدولة، إنما نجاحه يؤكد قوتها وحزمها وجرأتها للحزم، ولأن الإعلان والتصريح على لسان مكانة كمكانة وزير الداخلية فإن ذلك وحده يُعدّ مؤشراً على الجدية، لذلك نحن مستبشرون بأن البحرين قادرة على حلّ هذا الملف.إذ لو كان الأمر مجرّد حالات استثنائية كما يردّد البعض محبطاً للتوقعات، لكانت المسألة حُلَّت بهدوء دون إعلان عنها، ولما استدعى الأمر تصريحاً مهمّاً كما قام به معالي الوزير، خاصة أن الأمر لم يكن استجابة لتحقيق من لجنة برلمانية مثلاً حتى نقول إن التصريح خرج لتهدئة الأمور فقط، بل هي مبادرة ذاتية من الوزارة ولا يمكن أن يُتَّخذ إجراء حازم وكبير التبعات كهذا دون قرار سيادي يدعمها بالتأكيد.الأمر الثاني أنه صَاحَبَ هذا القرار مرسومان عن سحب أي امتياز حصل عليه أي شخص مع بطلان جنسيته إن كان حصل عليها عن طريق التزوير أو ارتكاب جرائم أو مخالفات قانونية حتى وإن كان نائباً منتخباً أو كان ينتمي لأي جهاز أمني أو عسكري، فتلك مؤشرات بالغة الوضوح على أن الأمر جدّيّ أكثر من سقف التوقعات.مما يجعلنا نستبشر أن ملفات أخرى لطالما طالبنا بها وانتظرنا أن تُعالَج بقرارات تناسب حجمها وتمّت معالجتها بشكل لا يتسق مع حجمها؛ قضية ترحيل المقيمين الذين دخلوا البلاد بـ"فيز" سياحية ثم ساحوا في البحرين بحثاً عن عمل، أو الذين مُنِحوا "فيز" عمل غير مطابقة لمؤهلاتهم وتُرِكوا في الشوارع يبحثون عن عمل، أو مَنْ أُجِّروا السّجلات بالباطن وزاحموا البحرينيين في تجارتهم، أو مَنْ جَلَبَهم وقال إنهم في البحرين "ترانزيت" للحصول على تأشيرة لدول أخرى!!.. إلخ، من الأجانب الذين يهيمون في الشوارع وهم أيضاً بعشرات الآلاف، نتمنى أن يُعالَج ملفهم بذات الجدية والحزم الذي أُعلِن فيه عن ملف التجنيس وبما يتناسب مع أعدادهم الكبيرة التي لا تقلّ عن عشرات الآلاف أيضاً وما يتناسب مع الأضرار التي ألحقوها باقتصادنا ومواردنا.نريد أن نستبشر أن البحرين لا يستعصي عليها تصحيح وتقويم ومراجعة أي قرار ثبت أنه أضرَّ بالمصلحة العامة بعد تنفيذه، هذه جرأة تليق بنا.وأخيراً؛ نستبشر بأن مَنْ ارتكب تلك الجرائم الخطيرة وأغرق البلد بهذا الفيض من البشر مُعرِّضاً أمن البلد لخطر وذلك بجلبه هذه الآلاف المؤلّفة من البشر سواء جنَّسهم أو مَنَحَهم "فيزا" واستلم منهم مبالغ وقدْرُها ثم تَرَكَهم يضربون في الأرض وفي البحر يستنزفون مواردنا، أن يَدَ القانون ستطاله حتماً.الأمر يبدو وكأن هناك قرارات سنُثني عليها في قادم الأيام، سَمِّها تطويراً، سَمِّها تصحيحاً، سَمِّها صحوة، سَمِّها انتفاضة، سَمِّها ما شئت، إنما أشاعت أجواء من التفاؤل والتفافاً شعبياً مع القيادة تدعم تلك القرارات التي تصبّ في الصالح العام.
الرأي
هل نستبشر؟
23 يونيو 2024