عند قراءة تاريخ الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان نجد العديد من المفاتيح والقليل من الأقفال، فهو – حتى الآن – يعتبر البشير الذي ينتظره الشعب الإيراني، والشخصية التي يمكن أن تمثل مدخلاً جيداً للعلاقات البحرينية الإيرانية.بداية نرى بزشكيان الطبيب والأستاذ الجامعي الذي يقدر مدى أهمية العلم في التعامل مع الآخرين، ويظهر ذلك أيضاً في مواقفه من إصلاح التعليم والصحة حيث شغل منصب وزير الصحة والتعليم الطبي في حكومة محمد خاتمي، وركز في برنامجه الانتخابي على التنمية والعدالة الاجتماعية والشفافية ومكافحة الفساد وتعزيز النمو الاقتصادي، وهنا نلاحظ أنه يتكلم نفس لغة المنطقة ويستخدم نفس المصطلحات.ويمكن أن نقرأ من خلال وعوده في السياسة الخارجية سعيه لـ»خفض التوترات الدولية واستعادة الدبلوماسية التشاركية مع العالم»، وهنا نسجل له نقطة تلاقي إيجابية تفتح مدخلاً لاستعادة علاقات طيبة وحسن جوار افتقدناه مع طهران منذ سنوات طويلة.ويبدو من تصريحات بزشكيان السابقة ما يوحي بالقدرة على الموازنة بين إرضاء النظام الديني وتنفيذ سياسته الإصلاحية، حيث تحدث عن نفسه قائلاً: «أنا محافظ وهذه من المبادئ التي نريد الإصلاح من أجلها»، وهنا أرى في هذه الجملة من الذكاء والخبرة السياسية ما يؤهله لأن ينجح في تمرير أجندته دون معارضة المتشددين.لقد كان بزشكيان من الرافضين للتعاطي مع المعارضة بأساليب عنيفة، ويرجع ذلك لتاريخه العلمي والأكاديمي، وظهر بقوة حين انتقد أسلوب تعامل السلطات مع قضية مهسا أميني ووفاتها وهي رهن الاعتقال، حين طالب بتشكيل فريق تحقيق لكشف ملابسات وفاتها.والذي يميز الرئيس الإيراني الجديد، الخبرة التي لديه من العمل البرلماني والحكومي والتي من المؤكد ستنتج شخصية متوازنة تتمتع بمزيج متجانس بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما أن نجاحه في البقاء على مقعد البرلمان الإيراني لأربع دورات ما يؤشر لشعبيته في الشارع وقدرته على حشد التأييد وتجاوز العقبات التي توضع أمامه.وأعتقد أن بزشكيان لم يكن ليحظى بموافقة مجلس صيانة الدستور –كما حدث في انتخابات عام 2013– إلا بعد استبعاد الإصلاحيين عباس أخوندي وإسحاق جهانغيري، حيث وجد المجلس فيه الشخصية الأنسب بالنظر لتاريخه السياسي المتوازن.يبقى أن نرى انعكاسات انتخابه رئيساً في دولة تسعى مؤخراً للتقارب مع دول الخليج، وهنا أرى في تاريخ بزشكيان وطريقة تفكيره وقدراته السياسية ما يؤهله لتسريع إنهاء نقاط الخلاف مع مملكة البحرين، وتعزيز الاستقرار الذي سيحقق له أهداف برنامجه الانتخابي من إنشاء نظام اقتصادي قائم على التنمية المستدامة والخروج من سجن العقوبات.البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، تمد لمثل هذا الرئيس يدها لترحب به شريكاً فاعلاً في تعزيز مستقبل المنطقة، وسنرى في الأيام القادمة أموراً مبشرة، فما أن أعلن عن فوزه، كانت البحرين من أول المهنئين لتبعث رسالة مفادها أننا الأقرب لكم.* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية
الرأي
بزشكيان ومستقبل العلاقات البحرينية الإيرانية
08 يوليو 2024