يعتبر ابتعاث الطلبة للدراسة في الخارج من الأمور التي تتسابق لها الدول الساعية لبناء المستقبل، ليس فقط بسبب دراسة تخصصات نادرة أو متميزة أو الحصول على تعليم عالي المستوى؛ بل أيضاً لأن الطلبة في الخارج يعتبرون سفراء لوطنهم، وأحد القوى الناعمة والفاعلة التي تسعى للتعريف بالثقافة الوطنية وقيم المواطنة والمجتمع.ولا شك أن كثيراً منكم سمع قصصاً أو شاهد مقاطع فيديو لأشخاص غيروا مفاهيم مجتمعات بأكملها عن أوطانهم أو ثقافاتهم، بل وكانوا أكثر تأثيراً من برامج إعلامية وبعثات دبلوماسية أو وفود رسمية.ولكن؛ ولأن هؤلاء الطلبة في الأغلب صغار السن، حيث تتراوح أعمارهم ما بين الـ 18 إلى 20 عاماً، فقد كان من الضروري أن تتبنى الدولة أو الجهات المعنية تقديم برامج متخصصة لهم، تمدهم بالمعلومات الأساسية وتعزز قيم المجتمع لديهم، إلى جانب تعريفهم بما يمكن أن يواجههم من تحديات في بلدان الاغتراب، مع اختلاف الثقافة واللغة والقيم المجتمعية.في البحرين؛ هناك برنامج متميز، انطلق منذ حوالي 10 سنوات عمل على تزويد الطلبة الراغبين بالدراسة في الخارج بهذه المعلومات والمهارات، والتي تساعدهم أن يعكسوا الصورة الحقيقية لمجتمع البحرين، إلى جانب التعريف بما تشهده البلاد من تطور في مختلف الجوانب والقطاعات، السياسية والثقافية والاجتماعية والإنسانية.البرنامج الذي ينفذه معهد البحرين للتنمية السياسية يحمل اسم «سفراء الوطن»، وهو في ذات الوقت توصيف دقيق لما يمكن أن يقوم به الطلبة أثناء فترة دراستهم في الخارج، حيث يقدم البرنامج العديد من المحاضرات وورش العمل تتناول التعريف بالوضع السياسي في البحرين، إلى جانب ما شهدته المملكة من تطور في مختلف الجوانب التشريعية والقانونية، وتلك المرتبطة بالحرية وحقوق الإنسان، كما يشمل البرنامج تعريف المشاركين بدور السفارات والقنصليات وأهمية اللجوء لها في حال تعرض الطالب لمشاكل أو احتاج أي نوع من المساعدة.جهود كبيرة ومقدرة لمعهد البحرين للتنمية السياسية، تساهم في العمل على ربط الطالب بالوطن، عبر تعزيز معارفه وثقافته الوطنية، وحثه على استغلال تواجده في بلد الاغتراب لعكس الصورة الحقيقية للمجتمع والمواطن البحريني، والقائمة على التسامح والتعايش وقبول الآخر، والتعريف بالثقافة البحرينية العريقة.ولكن، ولأن أعداد الطلبة الدارسين في الخارج تتزايد عاماً بعد عام، لماذا لا تقوم شراكات بين المعهد والجهات المعنية، مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة الشباب ووزارة الخارجية والجمعيات الشبابية..، لتكثيف هذه الجهود في برنامج موحد وموسع يتناول مختلف الجوانب ويقدم بطريقة شيقة ومحببة لهذه الفئة.وكذلك أتمنى من المعهد والجهات المعنية أن تكون لهم متابعات، سنوية أو نصف سنوية، للطلبة المشاركين في البحرين، لتقييم مدى الاستفادة التي حققوها فعلياً من البرنامج، وكيف استغلوا ما تلقوه من معلومات في التعريف بالبحرين وثقافتها وحضارتها وبرامجها التنموية.لا شك أن الجهود كبيرة.. وكذلك أبناءنا وشبابنا يستحقون.