الرأي

الحياة تطورت.. و«العدادات» زمن أول؟!

الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، عبارة تتردد على مسامعنا كثيراً فهي شائعة تعبر عن قيمة الوقت وبأنه شيء ثمين بالنسبة للإنسان الذي يقدر قيمته طبعاً، وفي وقتنا الحالي الوقت يمر بسرعة البرق 24 ساعة في اليوم تمر دون أن نشعر أو ننجز المطلوب من واجبات وأعمال والتزامات، فنحن نلهث يومياً لتنفيذ جزء من تلك المسائل.
ومن أهم الأوقات يومياً هي ساعات الدوام الرسمي التي تتطلب من الموظف قضاء نحو 8 ساعات لإتمام عمله ومهامه المكلف بها، يتخللها أوقات بسيطة للراحة «بريك»، وبعض الأعمال تتطلب عملاً لساعات تفوق الساعات المقررة لإنجاز أكبر قدر ممكن من الواجبات المهنية المطلوبة خاصة العاجلة منها.
وبحكم أن منطقة المنامة هي مركز الأعمال التجارية والخدماتية ومكان تجمع معظم المؤسسات الحكومية من وزارات وسفارات ومقار البنوك الرئيسة، ومبنى وزارة العدل وبنك الإسكان ومكاتب المحامين وغيرهم من الجهات الحكومية بالإضافة إلى القطاع الخاص موقعها في قلب العاصمة، خاصة بالمنطقة الدبلوماسية النابضة والتي تعج بالحياة في ساعات الصباح والسكون في الفترة المسائية.
ومن أعظم المشاكل التي تعاني منها المنطقة الدبلوماسية شح المواقف «الباركات» وهي مشكلة أزلية، وبالرغم من تخصيص بعض الأراضي كمواقف برسوم تصل إلى 500 فلس في الساعة، وبناء عمارات للمواقف بنظام الإيجارات الشهرية، بالإضافة إلى مواقف العدادات التي تسمح بالوقوف كحد أقصى ساعتين فقط، تطلب تجديد الدفع كل ما انتهت المدة المحددة.
وبالرغم من رقمنة معظم الخدمات الحكومية وإمكانية تقديمها «أونلاين» دون عناء الحضور للجهات الرسمية، وتقديم الطلبات لجلسات المحاكم والنيابة العامة «إلكترونياً»، هذه الخطوة لا يمكن الإنكار بأنها كان لها دور وإن كان بالبسيط في تخفيف حجم المعضلة، لكن المشكلة مازالت قائمة، فمازال الموظفون مطلوب منهم ساعات الدوام الرسمية والحضور الشخصي، وبعض الجلسات تتطلب حضور أطراف الدعوى والمحامين والشهود، وبعض الخدمات في بنك الإسكان وغيرها من الجهات الرسمية تتطلب التواجد شخصياً فالمشكلة وإن قلت نسبتها فهي مازالت قائمة، طالما الحلول في البنية التحتية غير متوفرة ولا ترتقي لحجم الإشكالية.
المنطقة تتطلب زيادة في بناء العمارات المخصصة للطوابق وإن كانت في مناطق تبعد عن أماكن العمل، وتخصيص حافلات لنقل الموظفين لمقر عملهم، وإيجاد حلول مبتكرة فقبل سنوات ظهرت شركة بخدمة «Valet» وهي تستلم السيارة والمفاتيح من سائقها، لتقوم بصفها في مواقف مخصصة وخارج نطاق المنطقة الدبلوماسية بدقائق، وقبل انتهاء عملك يتم تسليمها مع المفاتيح للسائق مجدداً، لكن بسبب حداثة التجربة لم تلقَ نجاحاً حينها لكن في وقتنا الحالي هي من أحد الحلول.
والحل المهم والرئيس تخصيص عدادات متطورة في المنطقة الدبلوماسية تعمل بـ«البنفت» أو بطاقة الصراف ففي وقتنا الحالي من النادر حمل عملات نقدية مما يضطر البعض للتوجه «للبرادة» لأخذ مبالغ بعملة 100 فلس وتحويل المبلغ «بنفت».
والأمر الآخر هل من المعقول موظف يترك عمله ومعاملات الزبائن كل ساعتين للخروج لتجديد رسوم العداد 400 فلس كل ساعتين، أو محامٍ ينتظر في جلسته أو يترافع لموكله يكون على أعصابه في الدقائق الأخيرة من انتهاء المدة خوفاً من تسجيل مخالفة بقيمة 20 ديناراً، هذا ضغط نفسي يومي يمر به الموظفون والمحامون والمراجعون أيضاً، وإن كان هناك من يتعاقد مع عامل «غسيل السيارات» بسداد قيمة الوقوف للعداد لمدة 8 ساعات لكن غفلة دقائق من العامل تكلف الموظف 20 ديناراً، فهل من المستحيل العمل بعدادات متطورة والوقت مفتوح، فالنظام الحالي غير مجدٍ ولا يتناسب مع تطور الحياة في زمننا هذا.