إستقر معدل البطالة في السعودية عند مستوى 7.7% خلال الربع الأخير من عام 2023، متجاوزا بذلك نسبة 7%، وهي الهدف الذي حددته رؤية 2030، مع توقع بتحقيق نمو في الناتج الوطني الإجمالي بنسبة 4.4% خلال العام الحالي، مدعوما بإستثمارات هائلة في القطاعات غير النفطية وإتجاه المملكة بصورة أكبر نحو تنويع القاعدة الإقتصادية انسجاما مع ما نصت عليه رؤية 2030، ومما يعزز من هذا الإتجاه هو استمرار الإقتصاد السعودي نحو مزيد من الإزدهار بدعم من الإنفاق الإستهلاكي الكبير واستقرار أسعار النفط العالمية وتدني مستوى التضخم وتطور البنية الرقمية في كل من القطاعين الخاص والعام.ونظرا لتطور المملكة على الصعيد الرقمي، فإن مثل هذا التطور انعكس على مجمل الحياة الإقتصادية، والذي أخذ شكل الاستخدام الواسع النطاق للتكنولوجيا والمنصات الرقمية المختلفة، سواء من جانب الأفراد أو الحكومة، ومن أشهر تلك المنصات، منصة " أبشر " الحكومية، والتي انتشر استخدامها في جميع أجهزة جوال المواطنين والمقيمين بهدف الحصول على الخدمات الصحية والمالية والحكومية والتأمين وغيرها من الخدمات الأخرى، مما جعل المملكة في المركز الثالث عالميا بحسب مؤشر GovTech Maturity الصادر عن البنك الدولي حول التحول الرقمي الحكومي، هذا إلى جانب تصدرها للمركز الأول عربيا فيما يتعلق بالتنافسية الرقمية. وعلى الرغم من هذا التطور الرقمي الواسع النطاق، فقد ترافق مع الحاجة لوجود بنية مرنة على صعيد أمن المعلومات للحفاظ عليها واستدامة تقديم الخدمات الرقمية بكافة أشكالها للمستفيدين.. من العوامل التي ساعدت على تحقيق مثل هذا التقدم الرقمي الهائل هو تطبيق التقنيات المتطورة كالذكاء الإصطناعي وإنترنت الأشياء والإنترنت الصناعي للأشياء والتقنيات السحابية المهجنة، وذلك في القطاعين العام والخاص. وبالترافق مع هذا الزخم الرقمي الهائل، فقد شهد سوق أمن المعلومات زخما واتساعا كبيرا هو أيضا وبصورة غير مسبوقة، والذي تمثل بنسبة نمو سنوي مركب وصلت إلى 13.78%، وحصة سوقية بلغت 21 بليون ريال سعودي في نهاية عام 2023.جدير بالذكر أن تحول المملكة بقوة نحو البيئة الرقمية وسرعة تنوع القاعدة الإقتصادية بحسب ما جاء في رؤية 2030 قد زاد من احتمال تعرض البنية التحتية الرقمية كمراكز البيانات والقطاعات الإقتصادية الحيوية للمزيد من المخاطر، الأمر الذي رفع متوسط التكلفة المترتبة على أمن البيانات في المملكة بصورة فاقت المعدل العالمي، وخلق بالتالي حاجة لاتخاذ إجراءات محكمة على صعيد أمن البيانات، والاستثمار الحكومي في البنية التحتية الرقمية، والذي تكلل بإنشاء الهيئة الوطنية لأمن البيانات وإقامة أربع مناطق إقتصادية خاصة جديدة في نهاية العام الماضي، بما في ذلك إطلاق Cloud SEZ بهدف استقطاب شركات التقنيات السحابية العالمية لبدء عملياتها من خلال بناء وتشغيل مراكز بيانات في جميع مناطق المملكة.أيضا، وبالتزامن مع كل ذلك، شهدت المملكة قدوم شركات عالمية مرموقة مثل أوراكل الأمريكية إلى المملكة، والتي أعلنت عن استثمار بقيمة 6 بليون ريال سعودي لتطوير مراكز الحوسبة السحابية المحلية، وكذلك شركة AWS، والتي أطلقت هي الأخرى استثمارات بقيمة 20 بليون ريال سعودي لإقامة مراكز بيانات وبنية سحابية متكاملة في المملكة. ومن بين الشركات التي تصدرت المشهد الرقمي في المملكة أيضا شركة قوقل، والتي أعلنت هي الأخرى عن إقامة بنية سحابية جديدة في مدينة الدمام، والمقرر لها أن تضيف ما قيمته 409 بليون ريال سعودي للناتج الوطني الإجمالي السعودي مابين عامي 2024 و 2030.ولضمان المرونة والسرعة في مواجهة التهديدات الرقمية، سوف تكون هناك حاجة ماسة لعقد شراكات قوية مابين الجهات الحكومية والشركات الخاصة والشركاء الدوليين، وذلك لتعزيز نقاط القوة والقدرات لدى جميع الأطراف المعنية لخلق إطار شامل لأمن المعلومات على مستوى المملكة ككل.. ولتحقيق جميع الأهداف السابقة، فقد تنادى قادة الفكر والمطورين والخبراء من مختلف دول العالم للإجتماع في " مؤتمر أمن المعلومات لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2024 " في دورته الثانية عشر، والذي يعد من أقدم وأهم المؤتمرات التي تضم صناع قرار وخبراء عاملين في مجال تقنية وأمن المعلومات من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمناقشة آخر المستجدات والتحديات والحلول المتصلة بتقنية وأمن المعلومات... وتحت شعار " أمن بيانات مرن: التصدي للتحديات المتغيرة: بيئة تجمع مابين تقنية المعلومات والتكنولوجيا العملياتية وإنترنت الأشياء والإنترنت الصناعي للأشياء والسحابية المهجنة، سوف يعقد المؤتمر في دورته لهذا العام لمجابهة التحديات المتصلة بالبنية الرقمية وتأثيراتها على قطاع الأعمال والبنية التحتية، للاستمرار في اتخاذ المؤتمر ملتقى يتم فيه تبادل الخبرات والتعاون في قطاع اقتصادي حيوي ودائم التغير وهو قطاع أمن المعلومات.