أيمن همام
المواجهة الجديدة التي يخوضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية، في الخامس من نوفمبر المقبل، ستكون نادرة في تاريخ الانتخابات الأمريكية، التي شهدت 4 جولات إعادة متكررة، ولكن في مرة واحدة فقط، في 1892، فاز رئيس سابق بفترة ولاية ثانية غير متتالية. ومع ذلك، فإن احتمالات تولي ترامب إدارة ثانية مستمرة في النمو.وفيما يبدو العالم منقسماً إلى كتل جيوسياسية متنافسة، تتجه الأنظار إلى الكيفية التي قد تؤثر بها الانتخابات على الاقتصاد العالمي، ولكن ما يهمنا هو استكشاف تأثيراتها المحتملة على منطقة الشرق الأوسط.بعد 3 سنوات من الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن تأثيرات «كوفيد 19» وحرب أوكرانيا، بدأت سلاسل التوريد ومعدلات التضخم العالمية تعود إلى طبيعتها تدريجياً، حيث أصبح تأثير التوترات الجيوسياسية الحالية على النشاط الاقتصادي العالمي وحركة التجارة العالمية أقل حدة.في حال فوز ترامب من السهل توقع أن يواصل السياسات التي بدأها قبل 8 سنوات؛ ليبتعد بأمريكا أكثر عن العولمة وحرية التجارة والالتزامات البيئية الحيوية، فهو الذي قرر في 2017 انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ وتعهداتها، قبل أن يوقع بايدن، الذي أعلن تنحيه عن خوض الانتخابات الرئاسية وقت كتابة هذا المقال، أمراً تنفيذياً للانضمام إلى الاتفاقية بمجرد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير 2021.ترامب من المتوقع أن يفرض رسوماً جمركية أعلى على الواردات، إذ اقترحت حملته فرض ضريبة واسعة النطاق بنسبة 10% على واردات السلع الأجنبية، و60% إضافية على الواردات الصينية، وهذا يحمل في طياته إمكانية تعطيل التجارة العالمية بشكل أكبر وتقويض القدرة التنافسية للولايات المتحدة.فرض الرسوم الإضافية على الواردات الصينية سيدفع بكين إلى خفض قيمة اليوان للحفاظ على قدرتها التنافسية في سوق التصدير، ما يرجّح ارتفاع قيمة الدولار في حال فوز الجمهوريين، كما حدث بعد انتخابات عام 2016.وسيكون التأثير أكبر إذا اكتسح الجمهوريون الكونغرس؛ لأنه في هذه الحالة سيتم تمديد التعريفات الجمركية والتخفيضات الضريبية، ما يؤدي إلى زيادة العجز الأمريكي ويفاقم الدّيْن الوطني البالغ 34 تريليون دولار، وبالتالي ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل.ومع استئناف تشديد السياسة النقدية خلال ولاية ترامب الثانية، من المتوقع أن تتجدد الأزمات المالية في الدول الأكثر مديونية، التي ستجد صعوبة في الوفاء بالتزاماتها الخارجية نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، واكتساب الدولار مزيداً من القوة على حساب العملات الأخرى.أما إذا فاز مرشح الحزب الديمقراطي، فمن المرجّح أن يؤدي برنامجه الاقتصادي إلى انخفاض معدلات التضخم، وبالتالي خفض أسعار الفائدة، ما يخفّف العبء عن سداد الديون الخارجية، ويضع الاقتصاد الأمريكي كمحرك أساسي للنمو العالمي، مع الأخذ في الحسبان تأثير التحولات الإقليمية، ومسارات تغير المناخ، والصراعات الجارية في أوكرانيا وغزة على الاقتصاد الإقليمي والعالمي.الديمقراطيون يعتبرون دعم قطاع التكنولوجيا الأمريكي مسألة تتعلق بالأمن القومي، وتقوم الخطط والبرامج الاقتصادية للحزب الأزرق على ثلاث ركائز: ضخ استثمارات عامة كبيرة في الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا، وتنمية الطبقة المتوسطة، وتحدي الدمج الاحتكاري.وسواء احتفظ الديمقراطيون بسيطرتهم على البيت الأبيض، أو استعاد ترامب سدّة الرئاسة من جديد، ففي كلتا الحالتين لا مفر من التعامل مع العم سام، لكن على أصحاب القرار الاقتصادي والمستثمرين في دول المنطقة التركيز على النمو المستقبلي طويل الأجل، والتفكير في جميع البدائل الاستثمارية الاستراتيجية، فلم يعد الرّهان على الولايات المتحدة والغرب فقط خياراً مجدياً.
المواجهة الجديدة التي يخوضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية، في الخامس من نوفمبر المقبل، ستكون نادرة في تاريخ الانتخابات الأمريكية، التي شهدت 4 جولات إعادة متكررة، ولكن في مرة واحدة فقط، في 1892، فاز رئيس سابق بفترة ولاية ثانية غير متتالية. ومع ذلك، فإن احتمالات تولي ترامب إدارة ثانية مستمرة في النمو.وفيما يبدو العالم منقسماً إلى كتل جيوسياسية متنافسة، تتجه الأنظار إلى الكيفية التي قد تؤثر بها الانتخابات على الاقتصاد العالمي، ولكن ما يهمنا هو استكشاف تأثيراتها المحتملة على منطقة الشرق الأوسط.بعد 3 سنوات من الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن تأثيرات «كوفيد 19» وحرب أوكرانيا، بدأت سلاسل التوريد ومعدلات التضخم العالمية تعود إلى طبيعتها تدريجياً، حيث أصبح تأثير التوترات الجيوسياسية الحالية على النشاط الاقتصادي العالمي وحركة التجارة العالمية أقل حدة.في حال فوز ترامب من السهل توقع أن يواصل السياسات التي بدأها قبل 8 سنوات؛ ليبتعد بأمريكا أكثر عن العولمة وحرية التجارة والالتزامات البيئية الحيوية، فهو الذي قرر في 2017 انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ وتعهداتها، قبل أن يوقع بايدن، الذي أعلن تنحيه عن خوض الانتخابات الرئاسية وقت كتابة هذا المقال، أمراً تنفيذياً للانضمام إلى الاتفاقية بمجرد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير 2021.ترامب من المتوقع أن يفرض رسوماً جمركية أعلى على الواردات، إذ اقترحت حملته فرض ضريبة واسعة النطاق بنسبة 10% على واردات السلع الأجنبية، و60% إضافية على الواردات الصينية، وهذا يحمل في طياته إمكانية تعطيل التجارة العالمية بشكل أكبر وتقويض القدرة التنافسية للولايات المتحدة.فرض الرسوم الإضافية على الواردات الصينية سيدفع بكين إلى خفض قيمة اليوان للحفاظ على قدرتها التنافسية في سوق التصدير، ما يرجّح ارتفاع قيمة الدولار في حال فوز الجمهوريين، كما حدث بعد انتخابات عام 2016.وسيكون التأثير أكبر إذا اكتسح الجمهوريون الكونغرس؛ لأنه في هذه الحالة سيتم تمديد التعريفات الجمركية والتخفيضات الضريبية، ما يؤدي إلى زيادة العجز الأمريكي ويفاقم الدّيْن الوطني البالغ 34 تريليون دولار، وبالتالي ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل.ومع استئناف تشديد السياسة النقدية خلال ولاية ترامب الثانية، من المتوقع أن تتجدد الأزمات المالية في الدول الأكثر مديونية، التي ستجد صعوبة في الوفاء بالتزاماتها الخارجية نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، واكتساب الدولار مزيداً من القوة على حساب العملات الأخرى.أما إذا فاز مرشح الحزب الديمقراطي، فمن المرجّح أن يؤدي برنامجه الاقتصادي إلى انخفاض معدلات التضخم، وبالتالي خفض أسعار الفائدة، ما يخفّف العبء عن سداد الديون الخارجية، ويضع الاقتصاد الأمريكي كمحرك أساسي للنمو العالمي، مع الأخذ في الحسبان تأثير التحولات الإقليمية، ومسارات تغير المناخ، والصراعات الجارية في أوكرانيا وغزة على الاقتصاد الإقليمي والعالمي.الديمقراطيون يعتبرون دعم قطاع التكنولوجيا الأمريكي مسألة تتعلق بالأمن القومي، وتقوم الخطط والبرامج الاقتصادية للحزب الأزرق على ثلاث ركائز: ضخ استثمارات عامة كبيرة في الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا، وتنمية الطبقة المتوسطة، وتحدي الدمج الاحتكاري.وسواء احتفظ الديمقراطيون بسيطرتهم على البيت الأبيض، أو استعاد ترامب سدّة الرئاسة من جديد، ففي كلتا الحالتين لا مفر من التعامل مع العم سام، لكن على أصحاب القرار الاقتصادي والمستثمرين في دول المنطقة التركيز على النمو المستقبلي طويل الأجل، والتفكير في جميع البدائل الاستثمارية الاستراتيجية، فلم يعد الرّهان على الولايات المتحدة والغرب فقط خياراً مجدياً.