يشهد العالم ارتفاعات متزايدة في درجات الحرارة بسبب تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية وبشكل رئيسي بسبب الاستخدام الكبير للوقود الأحفوري - الفحم والنفط والغاز - في المنازل والمصانع ووسائل النقل مما أدى إلى زيادة متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.2 درجة مئوية عن العقد الماضي. وإن كانت هذه الزيادة لا تبدو كبيرة فقد كانت لها تأثيرات واضحة على البيئة مثل الطقس الحار جداً وما يرافقه من أمطار غزيرة وفيضانات، والذوبان السريع للأنهار الجليدية والصفائح الجليدية، مما يساهم في ارتفاع مستوى سطح البحر وتشكيل ما يُعرف بالجزر الحرارية الحضرية (UHI) هي مناطق حضرية أو مدن كبرى أكثر دفئاً من المناطق الريفية المحيطة بها بسبب الأنشطة البشرية المتمركزة فيها، الأمر الذي يحمل معه تأثيرات اقتصادية وبيئية وصحية لا يمكن تجاهلها مثل ارتفاع درجات الحرارة، زيادة استهلاك الطاقة الكهربائية والبترولية، زيادة حالات الإصابة بضربات الشمس والجفاف بالإضافة إلى زيادة الاحتباس الحراري في المنطقة.وتنشأ ظاهرة الجزر الحرارية الحضرية نتيجةً لامتصاص الأسطح المظلمة للإشعاع الشمسي بشكل كبير، كذلك نقص النتح التبخري الناتج عن نقص الغطاء النباتي، وأيضاً تأثير المواد المستخدمة في البناء وتوزيع المباني ذات الارتفاعات الشاهقة والتغيرات المناخية وغيرها، وعليه فقد سعت الكثير من الدول لتبني العديد من الاستراتيجيات والموجّهات الرامية إلى مجابهة مخاطر ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة الجزر الحرارية الحضرية Urban Heat Islands (UHI) وتحقيق الراحة الحرارية في الهواء الطلق Outdoor Thermal Comfort (OTC)، لعل من أبرزها جمهورية سنغافورة التي أطلقت مشروع الدراسة البحثية تبريد سنغافورة Cooling Singapore التي ترتكز على سبع مجموعات تشتمل على حوالي (86) استراتيجية / موجّهة توضح كل منها التأثير على تقليل الحرارة في جزيرة الحرارة الحضرية والراحة الحرارية في الهواء الطلق وقابليتها للتطبيق في المناخ الاستوائي وكيفية دمجها في التخطيط الحضري.إن المشروع المذكور يستحق أن يُبادر المعنيون في مملكتنا الحبيبة للاطلاع عليه ودراسته للاستفادة منه لإطلاق مبادرة تبريد البحرين Cooling Bahrain لتقديم رؤية بحرينية شاملة ومتكاملة تتبنى الاستراتيجيات وتنفذ خطط العمل الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة في تعزيز جودة الحياة للمواطنين والمقيمين الكرام على أرض مملكة البحرين الطيبة واستدامة التنمية البشرية والنمو الاقتصادي والمحافظة على الموارد الطبيعية والتصدي للتحديات البيئية والتغيرات المناخية التي يواجهها العالم، وذلك من خلال التنسيق والتكامل بين الجهات الحكومية المختلفة وفق شعار فريق البحرين في حب التحدي وعشق الإنجاز لتمكين ريادة مملكة البحرين على دول المنطقة في تطبيق أهداف التنمية المستدامة ووضع خارطة طريق قابلة للتطبيق للحد من ظاهرة الجزر الحرارية الحضرية وما تسببه من ارتفاع في درجات الحرارة، بالإضافة إلى تحسين الراحة الحرارية في الهواء الطلق على المدى الطويل وفقاً للمجموعات السبع المذكورة في الدراسة على النحو التالي:- أولاً الغطاء النباتي «البنية التحتية الخضراء» Vegetation:وتشمل الأسطح الخضراء والجدران والواجهات والزراعة الانتقائية والحدائق والمساحات المفتوحة وممرات النقل الخضراء ونصائح حول أنواع الأشجار التي يمكن زراعتها. - ثانياً الهندسة الحضرية Urban geometry:وتشمل التدابير التي تستخدم الهندسة الحضرية لتقليل الحرارة، مثل استخدام الأسطح الزجاجية والاختلاف بين ارتفاعات المباني، بالإضافة إلى الممرات بين الأبنية والتغطية السطحية.- ثالثاً المسطحات المائية Water features and bodies:وتشمل إنشاء البرك والبحيرات التي تعمل بمثابة «أحواض باردة»، والاستخدام الأمثل للمياه والنباتات، والأراضي الرطبة والنوافير.- رابعاً المواد والأسطح Materials and surfaces:تقدم هذه المجموعة خيارات المواد التي تعمل على تبريد وتحسين النفاذية للأرصفة والطرقات وتبريد المباني وغيرها- خامساً التظليل Shading:تشمل خيارات التظليل اتجاه المبنى، وهياكل التظليل الدائمة والمتحركة، والمساحات المظللة ذات الأولوية للمشاة وراكبي الدراجات.- سادساً النقل Transport:تنتج محركات المركبات التي تعمل بالوقود الكثير من الحرارة الانبعاثات الكربونية، لذا فإن هذه التدابير تهدف للحد من عدد المركبات على الطرق، مثل التحول إلى وسائل النقل العام والانتقال إلى استخدام المركبات الكهربائية وغيرها من وسائل النقل الحديثة.- سابعاً الطاقة Energy:عند ارتفاع درجات الحرارة يزيد الطلب على الطاقة للتبريد. في الوقت نفسه، تطلق أنظمة التبريد غير الفعّالة في المباني الحرارة في أجواء المدينة. تبحث هذه المجموعة في تدابير للحد من استهلاك الطاقة للتبريد، وذلك عن طريق تركيب أنظمة التبريد المناطقي وتشييد الأحياء متعددة الاستخدامات (سكني وتجاري) بحيث تقلل من استخدام المركبات للحركة.