الرأي

أرخبيل ونستورد سمكاً؟!!

نبحث عن جهة محددة نحملها مسؤولية حماية بحرنا؟
يباع في الأسواق هذه الأيام سمك صافي صغير يسمى (سحيل) بعضهم يقول إنه مخالف؛ فهو أصغر بـ10 سنتميترات من الطول المصرح به من قبل وزارة الأشغال والبلديات، والبعض الآخر يقول لا ليس مخالفاً، وسعره يتراوح بين أربعة دنانير وخمسة ويصل إلى ستة وسبعة يومي الخميس والجمعة (رحمة الله عليك يا بوفهد عبدالرحمن رفيع)!!
من المسؤول عما يحدث في البحر؟
رضينا أن نستزرع السمك كحل بديل عن الأصل الذي يبيض ويكبر وينمو في البحر كوضع طبيعي، لكن لأن هناك استهانة غير مسبوقة في دول أخرى يتربص بالسمك المستزرع صيادون أول ما يلقى ما في البحر صادوه وباعوه دون رادع!
أيام الحظر حجم المصادرات المخالفة من الأسماك والروبيان يدلك على حجم ما لم يصادر. إننا نتحدث عن أطنان.
طراريد الآسيويين مازالت تعيث في البحر فساداً، وتراخيص الصيد أصبح لها سوق سوداء، وتهريب الأسماك على قدم وساق، والصيد بالشباك الممنوعة مستمر، والجراف مستمر، بل صناعة الشباك الممنوعة محلياً أصبح شائعاً ومعروفاً من يبيعها ومستمرة، ماذا تريدون بعد من صور الفوضى؟ ماذا بقي في البحر؟
جريمة تلك التي تحدث في بحرنا وتخص أمننا الغذائي، لا يقل أثرها وخطرها عن تأثير الجرائم الأخرى التي تخص الأمن والسلام، نحن أرخبيل جزر وأصبحنا نستورد الأسماك ونربيها في مزارع، هل نحن مستوعبون؟ هل هناك تهاون وفوضى أكثر من هذا المشهد؟ كيف لدولة صغيرة بهذا الحجم ألا تستطيع أن تسيطر على أمنها الغذائي وتضبطه وتؤمنه؟ أصبحت خياراتنا التي نلجأ إليها دليلاً على أننا عاجزون عن حماية البيئة الأصلية، حبانا الله البحر مصدراً لرزقنا وغذائنا فدمرناه تدميراً حتى خلت مياهه من الحياة، لم نر في حياتنا في البحرين أسماكاً مستوردة كما نراها اليوم (سبريم، سيباس.. إلخ حتى الصافي استوردناه).
لم نستزرع سمكاً من قبل في مزارع سمكية كما هو الحال الآن (سبيطي حتى الميد استزرعناه) وكل هذا لأننا سمحنا ومازلنا نسمح بتدمير بيئته الأصلية التي تحيط بنا، ألا وهي البحر كمصدر من مصادر الأمن الغذائي، مرة أخرى نحن أرخبيل دار ما دارنا بحر، إنها صورة لا نتمناها عن الدولة، دولة عاجزة عن حماية أكثر مواردها ومصادر رزقها وأمنها.
تهنا حتى لم نعرف أي الجهات هي التي تلم هذه البعثرة من المسؤوليات؟
ونشعر بالحسرة إلى أجراس الإنذار التي أطلقت أكثر من مرة من جلالة الملك المعظم حفظه الله الذي دعا أكثر من مرة الجهات المتعددة المسؤولة عن هذا الملف إلى أن تلم شتاتها، إنما مازالت الفوضى والبعثرة سيدة الموقف، ومازالت الأسعار في ارتفاع، ومازال المواطن هو الضحية، ومازالت أكبر المفارقات تحدث أمام أعيننا، أرخبيل من الجزر ويستورد الأسماك!