باريس التي ألهمت الفنانين والشعراء بجمالها والتي جعلها قباني مسرحاً لمغامراته في إحدى قصائده وقال فيها: «هل تذكرين بباريس تسكعنا؟ تمشين أنت.. فيمشي خلفك الشجر خـُطاك في ساحة (الفاندوم) أغنية وكحل عينيك في «المادلين» ينتشر» تتحول إليها الأنظار لمدة أسبوعين لمتابعة أكبر البطولات الرياضية في العالم.فبعد العام ١٩٠٠ مطلع القرن العشرين والعام ١٩٢٤ تعود الأولمبياد لمدينة النور باريس لثالث مرة وبعد مرور قرن على آخر استضافة لها للألعاب التي يشارك فيه كافة دول العالم.وقد شهدنا جميعاً حفل الافتتاح الذي جاء تحت زخات المطر وفي وسط نهر السين ليكون أول افتتاح للأولمبياد يقام خارج الملعب الرياضي.باريس تستضيف الحدث الرياضي وهي ترفع شعارات الحفاظ على البيئة والاستدامة في محاولة لجعل (باريس ٢٠٢٤) أكثر البطولات العالمية قرباً من الأهداف البيئية «الخضراء». فالقرية الأولمبية مثلاً بنيت من مخلفات البناء التي تم إعادة تدويرها واستخدامها مرة أخرى أما نظام التبريد فيعمل بطاقة الحرارة الأرضية بدلاً من نظام التكييف التقليدي.أولمبياد باريس ستضم ٣٢ لعبة وستقام خلالها ٣٢٩ فعالية لتوزيع الميداليات وأكثر رياضة ستحصل على الميداليات هي الرياضة المائية.وتبلغ قيمة الميدالية الذهبية الفعلية ٨٦٣ يورو أي ما يعادل ٤٣٢ ديناراً بحرينياً ويدخل فيها ١٨ جراماً من الحديد الذي تم استخدامه في ترميم وتجديد برج إيفل الشهير ليعطي بصمة فرنسية خاصة للميدالية.وتحتضن ٣٥ منشأة ألعاب الأولمبياد تم تشييد بعضها في مواقع بارزة في باريس مثل بطولة كرة الطائرة الشاطئية والتي ستقام في ساحة برج إيفل. وبعض الألعاب ستقام خارج باريس مثل كرة القدم والتي ستستضيفها مدن أخرى كمارسيليا ونيس وليون.ولأول مرة ستقام مسابقة خارج حدود البلد المستضيف وهي مسابقة ركوب الأمواج التي ستقام في تاهيتي وهي مستعمرة فرنسية تقع في المحيط الهادي.وتأتي هذه البطولة بعد أسابيع فقط من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي أفرزت برلماناً معلقاً من غير أغلبية لأي من الأحزاب مما يجعل مستقبل فرنسا غامضاً وشبه مجمد.ولا تخلو هذه البطولة كمثيلاتها من تعليقات سياسية لها علاقة بالصراع على السلطة، فقبل حفل الافتتاح أبدت ماريون لو بان حفيدة مؤسس حزب الجبهة الوطنية اليميني عدم رضاها من غناء (آيا ناكامورا) المغنية الفرنسية السمراء ذات الأصول الأفريقية في حفل الافتتاح مؤكدة أنها لا تمثل الفرنسيين ومتهمة الرئيس ماكرون بفرض التعددية على المجتمع الفرنسي وإلغاء جذور فرنسا المسيحية والأوروبية.زرت باريس قبل بضع سنوات في زيارة خاطفة وفوجئت أن الشانزيليزيه وهو أحد أشهر وأكبر شوارع العاصمة الفرنسية والذي يؤدي إلى قوس النصر المعروف قد تحول إلى ملجأ للمهاجرين والمتسولين وأذكر أن محطات المترو كانت تعاني من تراكم القاذورات بشكل مقزز وقد كان وضعاً مستجداً لم أشهده سابقاً. لا أعلم حال باريس اليوم، لكن أتمنى لهذه المدينة العودة إلى جمالها ونظافتها خاصة وأنها طالما كانت محطة مهمة للمسافر الخليجي يستمتع بأجوائها اللطيفة ومقاهيها الشهيرة وفنونها المتعددة.