رئيس التحريردعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي البحرين إلى التضامن وعدم ترك إيران تفعل ما تشاء لتحقق أغراضاً لا نتماشى معها، موضحاً أن المملكة العربية السعودية كانت مستهدفة ومازالت ولابد أن نكون معها «أحب من أحب وكره من كره».وأضاف السبسي خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف المحلية ومدير وكالة أنباء البحرين «بنا» إن ظروف كل منا تتأثر بظروف المنطقة التي يعيش فيها وخصوصاً أننا من جلدة واحدة موضحاً أن الجميع تأثر بالظروف العالمية ما يتطلب معه التضامن للخروج من تلك الظروف.وفي رده لسؤال رئيس تحرير «الوطن» يوسف البنخليل، عن مدى توافقه أو اختلافه مع دول الخليج بالتهديد الإيراني قال إن إيران حقيقة موجودة في المنطقة، ولسوء الحظ فإن الحرب التي وقعت مع العراق وتلك التي تركت مخلفات أساسية في منطقتنا، فهل يعقل أن دولة عربية مثل العراق تحتل الكويت.ولفت السبسي إلى أن تونس كانت الدولة التي قدمت الكويت للأمم المتحدة إذ لابد أن نعي أننا نعيش في عالم نحن جزء منه، مؤكداً أنه لابد من القبول بالواقع حيث كانت إيران دولة معزولة وأعدتها أمريكا ودول العالم، وهي تعيش في تلك المنطقة مع دول أخرى لا نتدخل فيها ولا تتدخل في شؤوننا كذلك وتلك القضية الكبرى والتي يجب التعامل على أساسها ويجب على العرب التأقلم مع الواقع الجديد. وفي تهنئة لرئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري بالذكرى الخامسة لثورة الياسمين وتولي الرئاسة بتونس، قال السبسي إن الياسمين من الروائح وهي لا تحترم الحدود موضحاً أن ثورة تونس داخلية لم تكن معدة للتصدير وهي بريئة من هذا الانتشار.وأوضح أن «داعش» أصبحت في ليبيا الآن بعد أن بدأت تغادر العراق وسوريا نظراً للضغط العسكري، وبدأت بالسيطرة على مناطق كثيرة مثل درنة وسرت وتتواجد على الشريط الحدودي بطول 70 كيلومتراً، حيث تواجه تونس هذا الخطر بمفردها دون أدنى مساعدة.وقال إن الإسلام السياسي سير البلاد في فترة وتركها في وضع اقتصادي مزر أكثر من هش وكذلك الوضع الأمني، موضحاً أن «الإرهاب الذي نعاني منه اليوم أصله التساهل من قبل السلطة السابقة ممن يستغلون الإسلام للصعود للسلطة». وأوضح أن الأورومتوسطية اختراع أوروبي مثل «الربيع العربي» الذي لا وجود له لأنه اختراع أوروبي أولاً لفائدة أوروبا بهدف أن تكون الأنظمة العربية لدينا على النظام الأوروبي. وإلى نص الحوار..لا لتصدير الثورة* منصورالجمري رئيس تحرير صحيفة الوسط: نهنئكم بالذكرى الخامسة لثورة الياسمين ونهنئكم بتولي الرئاسة بتونس وإنشاء الله يكون هذا النموذج من الحوار والتفاهم وأن تبقى هذه البادرة مستمرة. - الرئيس: الياسمين من الروائح والروائح لا تحترم الحدود ونحن ثورتنا ثورة داخلية لم تكن معدة للتصدير ونحن أبرياء من هذا الانتشار، وحتى في تونس فإن روائح الياسمين خفتت نوعاً ما، ومن يخشى من ذلك فليطمئن وينم هادئاً، وأما عن جائزة نوبل فإن المجتمع الدولي ينظر لنا بنظرة إيجابية أكثر مما ننظر نحن لما أنجزناه بنفس الإيجابية، لكن نحن نحاول أن يلتحق الوضع الداخلي بالوضع الدولي وهنا نكون قد قمنا بواجبنا.* مهند سليمان النعيمي مدير وكالة أنباء البحرين: كيف كانت لقاءاتكم أمس مع القيادة البحرينية؟- الرئيس: كالعادة وكما هي دائماً نحن مع البحرين في علاقة ممتدة، وأنا أمس التقيت مع الجالية التونسية ولأول مرة لم أجد أحد منهم يطلب العودة لتونس ولهذا فهمت أن البحرين وتونس في علاقات جيدة وأن كل تونسي يزور البحرين يطيب له العيش فيها ولذلك سأرجع لتونس وأنا مطمئن على العلاقات البينية لأن أفضل دليل عليها هو شعور كل تونسي يعيش في هذا البلد الحبيب والشقيق.دول الخليج وتونس* عيسى الشايجي رئيس تحرير صحيفة الأيام: نشكركم على زيارة البحرين، بعد أحداث 2011 في تونس شاب العلاقات الخليجية التونسية بعض الفتور العابر، ودول الخليج حريصة على إعادة العلاقات التونسية الخليجية إلى مسارها فكيف ترون إمكانية عودة العلاقات إلى قوتها السابقة؟ * الرئيس: أولاً أسأل لماذا حدث الشعور بأن العلاقات كانت في وضع غير مرضٍ، فنحن كانت لدينا ثورة ومعنى الثورة أي التغيير في كل الأوضاع، وتلك الثورة أتت بقيادات ربما ساهمت في الوضع الذي أشرت إليه، لكن الآن تونس لها دستور جديد ورئيس منتخب ولأول مرة في التاريخ وحتى في تاريخ كثير من العرب، ولدينا مجلس منتخب كذلك ولكن تتمثل فيه كل الحساسيات السياسية وقد أسفر هذا الوضع عن حكومة ائتلافية وهذا لأول مرة، وذلك بعد أن عشنا نصف قرن في الحكومة الواحدة والحزب الواحد وحتى الصحيفة الواحدة، وهذا الوضع خلق تغييراً جوهرياً في تسيير الشؤون العامة في تونس، فبعد كل موضوع يقع يتم مناقشته في المجلس وتحاسب الحكومة بينما في السابق كان النظام رئاسياً وحقيقة النظام الرئاسي يعد الأفضل، طالما أن من يتصرف في رئاسة الدولة يكون مساءلاً، وفي الواقع تاريخياً من ترأس تونس لم يكن مساءلاً، وانزلق إلى نظام رئاسوي وأصبح الرئيس يفعل كل شيء ويتدخل في كل شيء ولا يساءل في أي شيء فأصبح النظام الرئاسي في ذاك الوقت يحتاج لتعديل ولذلك أوجدنا في الدستور نظاماً ينقسم ما بين الرئاسي والبرلماني، وكل حل يعتبر سلاحاً ذا حدين لكننا مازلنا في التجربة الأولى فقد مرت علينا سنة واحدة وتلك السنة في حياة الشعوب لا تمثل الكثير، ومازلنا في خطواتنا الأولى، ونسير إلى الأمام ونتدارك بعض نقاط الضعف في هذا النظام المخضرم.وأرجع للسؤال وحتى نضع الأمور في إطارها، فالحكومات التي صعدت إلى سدة الحكم في النظام المؤقت الذي عاشته تونس شابته بعض التصرفات التي جعلت الأصدقاء في الخليج يشعرون بتحفظ، والآن من مصلحة تونس ومصلحة دول الخليج عودة العلاقات الطبيعية، وقد وجدنا التجاوب خلال زيارتنا للسعودية والكويت والأردن واليوم في البحرين كما إن علاقاتنا مع كل من قطر والإمارات طيبة ونحن بصدد إرجاع العلاقات إلى أصلها وأعتقد أن الجميع الآن يبارك مع حدث في تونس وكما قلت في السابق الثورة التونسية لم تكن معدة للتصدير ونحن نسيطر على الأوضاع والعلاقات طيبة على كل حال وهناك تشابه بيننا والبحرين سواء في الكم أو الكيف.مقاومة الإرهاب* عيسى الشايجي رئيس تحرير صحيفة الأيام: الوضع متشابه في تونس والبحرين خصوصاً في التعامل مع الإرهاب الذي عانينا منه كما عانت تونس؟- الرئيس: في تونس ليست لدينا ثقافة الإرهاب ولا ثقافة مقاومة الإرهاب لأنه أمر دخيل على تونس التي تمتلك حضارة تمتد عبر 3 آلاف عام، وهذا الإرهاب شيء جديد أتى لتونس من المنطقة التي تنتمي إليها خاصة وأن الإرهاب أصبح له بعد دولي، وفي البداية استاءت تونس من الإرهاب لكن شيئاً فشيئاً تأقلمت مع ضرورة مقاومة هذا الإرهاب داخلياً وخارجياً وللحقيقة لا توجد دولة بمنأى عن الإرهاب الآن، ولذلك مقاومة الإرهاب يجب أن يكون لها بعد داخلي وخارجي، وللسيطرة على الإرهاب يجب وضع استراتيجية دولية لمقاومته.وضع تونس يجعلها في مواجهة الإرهاب لكونها النقطة الشمالية لأفريقيا القريبة من أوروبا وشئنا أم أبينا نتأثر بالإرهاب خاصة وأن تعاملات تونس مع الاتحاد الأوروبي تمثل 80% من اقتصادها سواء بالتصدير أو الاستيراد، وكما إن تونس دولة مفتوحة على أوروبا وتتأثر بما يحدث فيها فإنها كذلك لديها جذورها العربية والمغاربية التي تتأثر بما يحدث في عالمنا العربي، ولدينا حدود مشتركة مع الشقيقة ليبيا وكانت العلاقات متميزة معها على الصعيدين التجاري والبشري ولدينا اليوم في تونس مليون ليبي لأن حدودنا مفتوحة على اتساع 500 كيلومتر وهو ما يسمح لإرهابيين بالقدوم إلى تونس، ومن سوء الحظ أن هناك إرهابيين تونسيين أيضاً.الآن «داعش» أصبحت في ليبيا بعد أن بدأت تغادر العراق وسوريا نظراً للضغط العسكري، وبدأت بالسيطرة على مناطق كثيرة هناك مثل درنة وسرت وتتواجد على الشريط الحدودي بطول 70 كيلومتراً، وتونس تواجه هذا الخطر بمفردها دون أدنى مساعدة.* أنور عبدالرحمن رئيس تحرير صحيفة أخبار الخليج: هل الليبيون الموجودون في تونس لاجئون، وكيف يعيشون؟- الرئيس: أغلبهم لاجئون غير مقيمين في تونس، ولكن ليس كأوضاع السوريين، ولكنهم يعيشون بتونس وأوضاع أغلبهم المالية أفضل من التوانسة والكثير منهم من بقايا الثورة الليبية حيث استوعبت تونس منهم مثلما فعلت دول عربية أخرى، ورغم أننا بلد صغير إلا أنه خرج خلال الصراع الليبي مليون و 300 ألف مروا بتونس، بعض منهم فضل البقاء في تونس والبعض الآخر خرج منها وقد احتضن الشعب التونسي إخوانه الليبيين نظراً للعلاقات التاريخية بين الشعبين، وكما وصفه مسؤول ليبي بأننا شعب واحد في دولتين.والآن بعد الصراع الحادث وغياب الدولة الليبية نحن نتعامل مع وضع ليس فيه دولة والتعامل مع الدول يختلف عما هو عليه مع الجماعات المتصارعة على السلطة في ليبيا وهذا أثر كثيراً على الأمن والاستقرار في تونس.«نداء تونس»* أنور عبدالرحمن رئيس تحرير صحيفة أخبار الخليج: بعض المراقبين يرون في حركة «نداء تونس» التي أنشأتموها بأنها تجمع فضفاض لمجموعة من أصحاب المصالح المتعارضة وأن الصراعات تهدد بتفكك هذا الحزب، كما يرون أن الصراعات على المناصب في الفترة الأخيرة وإقصاء الأمين العام محسن المرزوقي هدفه توريث القيادة إلى ابنكم حافظ، كيف تنظرون إلى مسألة التوريث ومصير حزب نداء تونس في المستقبل؟- الرئيس: هذا الكلام لا واقع له من تونس، ونحن نشكو من انفلاتات صحافية وسياسية ولما تطلع على صحافة وأنتم العارفون حول موضوع لابد أن يكون من مصادرنا، وهذا الموضوع فيه شيء من الحقيقة، لكن هناك من يضخم الأمور، و»نداء تونس» أنا من أسسته، وذلك لأن المشهد السياسي بعد الثورة أصبح غير متوازن وكان يسيطر عليه الإسلام السياسي وأنتم تعرفون ما معنى الإسلام السياسي الذي سير البلاد في فترة وتركها في وضع اقتصادي مزر أكثر من هش وكذلك الوضع الأمني، فالإرهاب الذي نعاني منه اليوم أصله التساهل من قبل السلطة في ذلك الوقت مع السلفيين وغيرهم ممن يستغلون الإسلام للصعود للسلطة وهو إسلام مغشوش، فنحن كلنا مسلمون ونجتمع في هذا، لكن المرجعية الأساسية لنا القرآن الكريم «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين». وهؤلاء ممن يسمون «الإخوان»، وأنتم أعلم بهم، فنحن نقول عليهم الآن الأصدقاء قد أنزلناهم من سدة الحكم بعد 3 سنوات سيطروا فيها بطريقة سلسة وأعتقد أنهم لم يشعروا بأنهم سائرون للخروج.أنتم لديكم الثقافة العربية وابن خلدون المنظر العربي الأهم، التونسي المولد والمصري المدفن، كان يقول إن هؤلاء من البشر يصعدون لسدة الحكم ولا ينزلون إلا بسفك الدماء لكننا في تونس ولأول مرة خالفنا ما قاله ابن خلدون فأنزلناهم بدون عنف أو دماء وهي سابقة عند العرب جميعاً ولذلك أنشأنا «نداء تونس» لنخلق توازناً في المشهد السياسي بين ما كان وما هو الآن وقد نجحنا في ذلك على أساس الانتخابات وما أسفرت عنه بأن رئيس حزب «نداء تونس» هو رئيس الجمهورية منتخب بمليون و 737 ألف صوت وعملنا بصيغة أوروبية لكننا مازلنا في نظام هش فلا تتصورون أنه بعد عشرات السنين من ممارسة الحكم على الطريقة التقليدية أن نمر للطريقة العصرية بدون حاجز، هذا الأمر يحتاج إلى وقت خاصة وأننا مازلنا في السنة الأولى. فكيف تتصورون أننا سندخل في نظام التوريث مع وجود نظام ديمقراطي، فلا يوجد حجر على أي شخص أن يعمل في السياسة ولا يمكن تصور أنه يعمل تحت غطاء والده الذي غادر الحزب بعد أن تم انتخابه رئيساً لكل التونسيين بحسب ما نص عليه دستورياً، فهل تتصورون أنني صاحب إنشاء هذا النظام السياسي أن أقوم بخرقه، هذا غير صحيح.كنا نقاوم التطرف الإسلامي ونجحنا في ذلك لكن التطرف ليس خاصية قاصرة على الإسلاميين فقط، فهناك أيضاً يسار متطرف وهو أشرس من نظيره الإسلامي ونحن كذلك نقاومه. * مؤنس المردي رئيس تحرير صحيفة البلاد ورئيس مجلس إدارة جمعية الصحافيين: اتهمتم أيادي خارجية بالتدخل في الأحداث التي شهدتها تونس مؤخراً فمن تقصدون بتلك الأيادي الخارجية؟- الرئيس: أنا قلت أياد خبيثة ولم أقل خارجية والخبث ليس اختصاص أجنبي فربما يكون تونسياً، وقد تم استجواب أحد اليساريين المتطرفين وهو عضو بمجلس الشعب فقال: أنا أتحدى الرئيس أن يقول من.. وأنا كرئيس دولة لم أذكر أحداً لأني أحترم الأصول، وبالفعل هي أيادٍ تونسية لكن ليست أيادي الأشخاص الذين كان يحق لهم التظاهر بسبب البطالة فتصوروا إنسان جائع ويشكو من الفقر وليس له مورد رزق، ونحن أسمينا ثورتنا ثورة الكرامة والإنسانية، فلا يمكن أن يحصل الإنسان على كرامته دون مورد رزق ولذلك قلنا إن تلك التحركات مشروعة لكن تدخلت أياد أخرى لأسباب سياسية وضخمت الأمور وهو ما اتضح وأشرت إليه، وأنا أعرف الأشخاص ولدينا تحقيقات لكن ليس من الحكمة كرئيس دولة أن أذكر الأشخاص وندخل في تصفيات أخرى، وهذه الشخصيات المعروفة لدى رجال الأمن وسيقول القضاء بعد ذلك كلمته. السياحة في تونس* منصور الجمري رئيس تحرير صحيفة الوسط: القطاع السياحي تعرض لضرر كبير جداً بسبب العمليات الإرهابية ما هي خططكم لاستعادة الحيوية للقطاع، والعملية الأورومتوسطية التي كان عمادها فرنسا وتونس هل ستعود، والدستور جاء بتوافقات نوعية ربما ستفيد المجتمع العربي يوماً ما خصوصاً التوافق بين الحالة التونسية والقانون الدولي واحترام حقوق الإنسان والخصوصية العربية الإسلامية؟- الرئيس: السياحة في تونس هي صناعة أساسية عندنا نظراً لوضعية شعبنا خاصة مع مواردنا القليلة، وركزنا على الصناعة السياحية باعتبار موقعنا القريب من أوروبا، لكن السياحة رهينة الأمن واستتبابه دولياً، السائح يريد ألا تبقى حياته في خطر، وقد نجحت تونس في هذا الأمر، وعندما خرجت الحكومة السابقة خلفت لنا موضوع الإرهاب حيث تم استهداف تونس في 3 عمليات نوعية أرادت ضرب السياحة في الصميم، وقد بدأنا في مداركة ما حدث ولم ننجح تماماً حتى الآن لأن الأمر يحتاج لزمن.الأورومتوسطية اختراع أوروبي مثل الربيع العربي الذي لا وجود له لأنه اختراع أوروبي أولاً لفائدة أوروبا بهدف أن تكون الأنظمة العربية لدينا على النظام الأوروبي لكن هذا الشيء غير موجود أو طبيعي، وربما فيما بعد زمن طويل، وتونس لكونها الأقرب لأوروبا ربما تكون تونس الأولى في هذا الشأن لطبيعتها كدولة عربية مسلمة أفريقية متوسطية وأقرب نقطة لأوروبا التي احتلت تونس لثلاثة أرباع القرن وخرجنا من هذا الاستعمار دون التحصل على أي إعانة فالشعب التونسي استطاع الخروج من الاحتلال بأسلوب حضاري وبنينا دولة عصرية وشيئاً فشيئاً بعد تعميم التعليم وتحرير المرأة وأود الإشارة إلى أننا الدولة الوحيدة وكذلك البحرين التي حصلت فيها المرأة على حقوقها وكان سر نجاحنا في تونس هو تعميم التعليم وتحرير المرأة، فقد صوتت المرأة بقوة لي في الانتخابات الرئاسية وحصلت على مليون و 200 ألف صوت لامرأة من بين مليون و 737 ألف صوت ولذلك أنا مدين للمرأة التونسية وأنا من الرجال الذين يوفون بديونهم، وبالنسبة للأورومتوسطي لم نشارك فيه المشاركة الفعالة.الدستور التونسي أول دستور لا مرجعية دينية له، دستور لدولة مدنية ومرجعيته مصلحة تونس ولا يتعارض مع القانون الدولي ولم نفعل ذلك لإرضاء الدول الخارجية، ولكن لإرضاء الشعب التونسي وهو دستور توافقي التقت فيه كل الأطراف عند نقطة منتصف مع تنازلات من كل جانب، وقد يأتي اليوم لتغيير شيء ما فيه، وإلى اليوم أنا الضامن لتطبيق هذا الدستور وعلى علته سيطبق في تونس. تونس لديها تعهدات دولية ومن الدول القلائل التي من اختياراتها الأساسية الشرعية الدولية، وكان ذلك لأننا دولة صغيرة ومسيطرة علينا دولة عظمى لكن بعد الحرب العالمية الثانية جاءت منظمة الأمم المتحدة لتخلق توازناً في المشهد، ومن أهم ما جاء في هذه الوثيقة هو حق الشعوب في تقرير مصيرها، وإذا كان لدول أفريقية بصفة خاصة قد حصلت على الاستقلال عندما تم تطبيق هذا المبدأ الذي جاء على لسان الولايات المتحدة الأمريكية التي فرضت تطبيقه على كل البلاد إلا لشعب واحد أعزل وهو الشعب الفلسطيني والذي لم يتمتع بهذا المبدأ، وفي الواقع يبدو وكأن الولايات المتحدة تشجع الإنسانية ولكنها في الحقيقة كل القوانين لا تطبق عندما يأتي الشأن الإسرائيلي.نحن مع هذا التماشي الدولي، لكننا نحاول أن نكون على انسجام مع هذا بدون فرضه علينا وأخبركم أن تونس هذا البلد الصغير سيدة نفسها في قراراتها.عروبة تونس* يوسف البنخليل رئيس تحرير صحيفة الوطن: حالياً تواجه دول مجلس التعاون تحدياً كبيراً من قبل إيران وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، فإلى أي مدى تتفقون أو تختلفون مع دول المجلس فيما يتعلق بالتهديد الإيراني؟ - الرئيس: نحن لا نختلف مع أي كان ونحاول أن تكون سياستنا تنسجم مع الأصول التي ننتمي إليها، وسواء أبى من أبى وكره من كره فإن أصولنا عربية وقد خلف لنا الحبيب بورقيبة الكثير من الأمور الإيجابية وعندما تسأله من أنتم يقول نحن تونسيون ومعناه أننا بلد عربي إسلامي متوسطي أفريقي بيزنطي بحسب تاريخنا الممتد لثلاثة آلاف سنة، ولابد أن تشاهدون أن الأنظمة تضمحل وأن الرجال تمر لكن الدولة تبقى واقفة ولذلك عندما وقع التغيير في 2011 فإن النظام الذي كان قائماً هو الذي انهار والرجل الذي كان مسيره هرب، لكن الدولة في أقل من 24 ساعة وقفت الدولة على أرجلها وكانت لنا حكومة ورئيس جمهورية، بدون انقطاع ثم تطورنا ومشينا في نظام جديد ديمقراطي شبيه بالديمقراطية لأن الديمقراطية لا تنزل من السماء ولابد أن تمارس على الأرض ويلزمها وقت، والدول الديمقراطية بعد 200 سنة أو 300 سنة ارتكزت بينما نحن لم نكمل سوى سنة، فلا تحكموا علينا كما تحكموا على الديمقراطية في فرنسا أو أمريكا أو بريطانيا، الأرض مازالت هشة والنظام مازال أخضر ونحن سائرون في هذا الاتجاه ولسنا معصومين من الخطأ. نحن عرقنا عربي وإسلامي ومن يرى تاريخ تونس يرى أن العرب جاؤوا إليها في زحفين، الأول لبني هلال وقضوا على اليابس والأخضر، ولكن أيضاً جاؤوا أيضاً مع الإسلام وبنوا دولة المغاربة في القيروان وأصبح هناك ازدهار وعم هذا الازدهار على كل شمال أفريقيا والمغرب العربي وصولاً لإسبانيا وبقي الإسلام فيها 8 قرون وخرج منها لسوء الحظ لعدة أسباب يجب دراستها. لكن نحن في تونس عروبتنا ثابتة ودائماً نقول إننا الشجرة المباركة التي فروعها في السماء وعروقها في الأرض التي أحببنا أم لم نحب هي عربية، ولرجل مثلي لم يبدأ السياسة بالأمس بل من يوم الاستقلال وحوالي 60 سنة ولهذا نحن نرجع للأصول والعالم العربي بوجود 25 دولة من ضمنها دول الخليج وهي الأقرب لنا فقد كنت في الكويت أمس ومنذ أسبوع في السعودية ومنذ شهرين في الأردن، لم نأت لنستجدي ونقول ساعدونا، لكن لا لنثبت أصولنا وإذا كان تضامناً وتعاوناً فذلك شيء طبيعي، وإذا لم يكن هناك تعاوناً فأهلاً وسهلاً، يبقى ما تفضلتم به حول إيران فهي حقيقة موجودة في هذه المنطقة، ولسوء الحظ هذه الحرب التي وقعت مع العراق وتلك التي تركت مخلفات أساسية في منطقتنا ولم نكن على استقامة تامة.. هل يعقل أن دولة عربية مثل العراق أن تحتل الكويت. تونس كانت الدولة التي قدمت الكويت للأمم المتحدة. لابد عندما نتكلم عن الواقع أن نعي أننا نعيش في عالم نحن جزء منه ولابد أن نكون واعين للتطورات المتسارعة التي يشهدها العالم لكن أيضاً لابد بالقبول بالواقع فإيران كانت دولة معزولة وأرجعتها أمريكا ودول العالم، ولابد أن تعرف أنها تعيش في تلك المنطقة مع دول أخرى لا نتدخل فيها ولا تتدخل في شؤوننا كذلك وتلك القضية الكبرى والتي يجب التعامل على أساسها ويجب على العرب التأقلم مع الواقع الجديد. * أنور عبدالرحمن رئيس تحرير صحيفة أخبار الخليج: إيران لديها برنامج أيديولوجي وهو غزو الدول العربية السنية، وهنا لا أريد التفرقة بين السنة والشيعة؟- الرئيس: وزير الخارجية الإيراني أتى لنا، وقلنا له لن نرجع لحرب البسوس ولن نرجع لسنة وشيعة، ونعرف أنه لم يكونوا بعيدين عن تلك الأمور لكن لن نتركهم في تلك الأمور ونحن ضد ذلك، ونعلم أن السعودية كانت مستهدفة ومازالت مستهدفة ولابد أن نكون معها أحب من أحب وكره من كره، وكذلك أحببنا أم لم نحب، فإيران موجودة في المشهد السياسي. والدول العظمى واعية لم تكن معك لسواد عينيك وإن كانت تبدو وأنها معها لمصالحها ولاتزال، ولكن لابد أن نكون واعين بأن إيران رجعت لهذه المنطقة بفعل فاعل، ولابد أن نتضامن مع بعضنا بدون أن نتنكر لوجود إيران في المنطقة ولا نتركها تفعل ما تشاء أو تحقق أغراضاً لا نتماشى معها وهذا هو موقف تونس نحن عرب ونثبت وجودنا بتكاتفنا مع بعضنا البعض ونقف حجر عثرة لكل محاولة لتهديد المنطقة.* مهند سليمان النعيمي مدير وكالة أنباء البحرين: أمس في كلمتكم ذكرتم كثيراً عن مناقب المغفور الشيخ عيسى بن سلمان أمير البحرين الراحل رحمه الله كيف تقيمون العلاقات التاريخية بين البلدين، وفي الشق الثاني أثر الاتفاقات التي تم توقيعها أمس؟ - الرئيس: أولاً يجب أن يكون لدينا مفهوم الدولة والدولة تواصل لا يتنكر لها وقد أعلنا تونس جمهورية أيام الحبيب بورقيبة الذي كان ضد النظام الملكي في تونس وكما تفضلتم بزيارة القصر الرئاسي، ويضم صور كل الملوك الذين مروا على تونس، وهذا مفهوم الدولة أن تونس لم تنشأ من عدم ولا من يوم الاستقلال ولابد أن يعرف كل تونسي من ساس بلاده من مئات السنين، زرنا جلالة الملك والذي نعتبره أخاً وصديقاً، ونحن مع الرجوع إلى الأصول مثل الشجرة الثابتة جذورها، ونحن مع البحرين وملك البحرين الذي هو صديق ولا ننكر أن البحرين لديها تسلسل وتاريخ وخدمات للإنسانية والوضع في البحرين مثل تونس في المنطقة ومثلما قلت أمس إننا قلة تعيرنا أننا قليل عبيد، فقلت لها إن الكرام قليل، حتى قيل إحنا البحرين هي تونس على الخليج وهذا شرف لنا أن نسمع ذلك، ولأن إشعاعنا الخارجي أكثر بكثير من الداخلي.الاتفاقات تؤكد ارتباطنا ببعضنا والمهم تفعيلها وشكراً.
Bahrain
الرئيس التونسي لرؤساء التحرير: لنتضامن ولا نترك إيران تفعل ما تشاء
29 يناير 2016