الرأي

جنود البحرين على الأسفلت

زاوية القبطان



اشتكينا وتضايقنا مثلنا مثل بعض المواطنين من الازدحامات المرورية الخانقة في معظم شوارع البحرين، وجاء فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة إلى مستويات لا تطاق، لتضاعف إرهاقنا أثناء الحركة البطيئة للسيارات بسبب أعمال صيانة الشوارع المنتشرة في كل مكان.

وكلما دخلنا إلى منطقة نجد هناك عمالاً وعلامات وزارة الأشغال تستقبلنا بخطوطها الصفراء والسوداء، وتعتذر عما يحدث، فقلت لنفسي متى سينتهي موعد هذه الاعتذارات، وخاصة مع استمرارية تلك الأعمال وانتقالها من شارع إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى، فلقد شهدت معظم مناطق البحرين مثل تلك الأعمال، حتى أصبح البعض يبحث عن مداخل ترجعه إلى بيته، أو اللجوء إلى طرق داخل المناطق السكنية.

لكن بصراحة أقولها: بعد المعاناة ظهر الحق وأشرقت الشوارع بمسارات واسعة وأسفلت صامت تحت عجلات السيارة، حتى بدأنا نلاحظ الفارق الكبير بين شارع تم تجديد الأسفلت فيه والذي يليه، من حيث الصوت الارتدادي لاحتكاك إطارات السيارة بالأرض، فوجدنا فارقاً كبيراً، وهنا تذكرت استيائي وشكواي من العمل الدؤوب الذي قامت به وزارة الأشغال، واعتذرت إليهم في قرارة نفسي.

حالتي هذه تمثل حالة أناس كثيرين في البحرين، فبعدما كانوا ينظرون إلى إشغالات الطرق والغلق والتضييق المتواصل بمزيد من الضيق والضجر، تبدلت أحوالهم إلى ارتياح وسعادة بما تحظى به طرق البحرين اليوم، ولعل كثيرين منا قد زاروا دولاً في المنطقة، ويعلمون علم اليقين أننا في مستوى راقٍ من أعمال البنية التحتية، رغم الفارق في الإمكانات والدخل الوطني.

أمر آخر قد لا يلتفت إليه البعض في هذه الأعمال، وهو أهم عنصر للبدء في التنفيذ، ألا وهو الموارد المالية التي يتم اعتمادها من موازنة الدولة لمثل هذه المشروعات، ولا يشعر بها أحد، أو يضعها ضمن حساباته حين يفكر في البحث عن زيادة رواتب أو توفير مزيد من الدعومات أو حتى الإسراع في تخصيص المزيد من الوحدات السكنية، فحين تفكر الحكومة في مشروع إسكاني عليها بداية أن تضع خطة للبنية التحتية والطرق والازدحامات المرورية الخاصة بهذا المشروع وعشرات التفاصيل التي لن ترد على ذهن مقدم الطلب المتعجل على طلبه.

هنا، وقبل أن أشكر وزارة الأشغال ومهندسيها وعمالها الذين يتحملون الحر والرطوبة والعمل الشاق، أتوجه بالشكر إلى مهندس الاقتصاد البحريني ومخطط هذه الأفكار صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه، الذي يوجه دائماً بضرورة تعزيز البنية التحتية للمملكة، والتي كنا نظنها تقتصر فقط على الاتصالات وشبكات الكهرباء والماء والصرف الصحي، بينما هي نظرة شمولية لكل ما يخص البنية التحتية، فقد عمل عليها رجالات التخطيط الاستراتيجي في الحكومة الموقرة ومجلس التنمية الاقتصادية، وتمت ترجمتها إلى مشاريع متنوعة تنفذها وزارات الدولة.

قد ننزعج من وقت تنظيف البيت، لكن عند الانتهاء من المهمة نرى البيت في هيئة جميلة، ولو صبرنا قليلاً على إزعاجات الأشغال المرورية بلا شك سنرى ما يبهجنا ويثلج صدور الأجيال القادمة؛ لأن ما يحدث اليوم هو رصيد لأبنائنا، وأحفادنا سيشكروننا عليه، وما نراه اليوم مشكلة هو في المستقبل أمن وحماية وراحة ورحابة، فشكراً لجنود البحرين على الأسفلت.

* القبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية