شهد سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، رئيس مجلس الشارقة للإعلام، صباح اليوم الخميس، فعاليات اليوم الثاني من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في دورته الـ 13، والتي ينظمها المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة في مركز إكسبو الشارقة، تحت شعار "حكومات مرنة ... اتصال مبتكر"، وبمشاركة أكثر من 250 متحدثاً من مختلف أنحاء العالم.وانطلقت فعاليات اليوم الثاني للمنتدى بكلمة افتتاحية قدمها طارق سعيد علاي، مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، إلى جانب عدد من الخطابات المُلهمة التي ألقاها مجموعة من المؤثرين والمسؤولين وأصحاب التجارب الفريدة، هم: الدكتور أحمد العوضي، نائب أول للشؤون المجتمعية والحكومية ومدير برنامج الجينوم الإماراتي، ومايا غزال، سفيرة النوايا الحسنة وأول لاجئة سورية تحصل على رخصة لقيادة الطائرات، بالإضافة إلى صانع المحتوى العالمي زاكري ديرينوسكي.وفي كلمته الافتتاحية، أكد طارق سعيد علاي، أن إمارة الشارقة بقيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تعمل وفق استراتيجية واضحة وهي أن الإنسان هو عماد نهضة البلدان وأساس تطويرها، وأن توفير المناخ والبيئة المناسبين، إلى جانب أدوات الاتصال والتواصل الفعّال هما المؤشر الحاسم نحو التطور وتوجيه بوصلة الإنسان نحو المستقبل.وقال مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة متناولاً أهمية شعار المنتدى لهذا العام "انطلاقاً من يقيننا بأن المشاريع الحضارية الناجحة تحتاج إلى مناخ عام وبيئة متكاملة لتجني ثمارها، وترتقي بواقع مجتمعاتها، وهذا لا يتحقق إلا بتبادل التجارب والخبرات، وفتح آفاق التعاون مع المشاريع الرائدة، فإننا نفتح فصلاً جديداً من مشروع متكامل يتطلع لرفع مساهمة الاتصال في خطط التنمية في المنطقة والعالم، وما اختيار شعار (حكومات مرنة ... اتصال مبتكر) إلا استجابة لجملة من المتغيرات التي شهدها العالم خلال السنوات الماضية".وأشار علاي إلى أن ما كان يمثل نموذجاً مثالياً للاتصال قبل أعوام قليلة لم يعد سوى درس وتجربة لشكل جديد من الاتصال، يضع في الاعتبار الكم الهائل من المعلومات التي تتشاركها مجتمعات العالم، كما ويتوقف ملياً عند سلوك الفرد في حياته اليومية، والوقت الذي يمضيه في التواصل وفي متابعة مجريات العالم.واختتم مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة كلمته لافتاً إلى أهمية عمل خبراء الاتصال الحكومي ومسؤوليه ووسائله وأدواته قائلاً "إن مهمتنا المركزية اليوم كعاملين في الاتصال الحكومي ليست صناعة رسالة مرئية أو مسموعة أو مكتوبة، بقدر ما تتمثل في التخلي عن القوالب التي لم تعد مجدية في الاتصال، وابتكار قوالب جديدة تتناسب مع مجتمعات اليوم، ليس ذلك وحسب، وإنما مهمتنا أيضاً أن نكون قادرين على التنبؤ بأثر كل عملية اتصال، كما علينا أن نكون مساهمين في توجيه دفة التغيير في منظومة الاتصال؛ فما يحدث من ثورة في التكنولوجيا أو في علم الاجتماع أو في أسواق المال أو غيرها من القطاعات، له انعكاسات مباشرة على الاتصال واستراتيجياته".ووّجهت مايا غزال، سفيرة النوايا الحسنة، وأول لاجئة سورية تحصل على رخصة لقيادة الطائرات، خلال كلمتها الملهمة التي ألقتها وحملت عنوان: "آمال اللاجئين وإرث ديانا"، شكرها وتقديرها إلى سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة القلب الكبير، على جهودها اللامحدودة في دعم اللاجئين حول العالم والذي يعكس التزاماً حقيقياً من سموها بتحسين حياة اللاجئين وتوفير فرص التعليم لهم، الأمر الذي يُسهم في تمكينهم من تحقيق أحلامهم وتطوير إمكاناتهم، حيث أن الجهود الإنسانية تعزّز الأمل وتفتح آفاقاً جديدة أمام اللاجئين.واستعرضت غزال تجربتها مع سنوات اللجوء وعدم الالتحاق بالتعليم موضحةً أن اللاجئ هو إنسان عادي يملك الطموح ويحتاج إلى من يأخذ بيده ويساعده على تحقيق أحلامه، حيث أنها خلال رحلاتها المتعددة إلى مخيمات اللاجئين التقت بالعديد من اللاجئات من ذوات الطموح العالي، مؤكدةً أن التعليم يحوّل الطلبة إلى قادة ومبتكرين لصالح كل المجتمعات في العالم.واختتمت سفيرة النوايا الحسنة خطابها مشيرةً إلى أهم الدروس والنتائج من تجربتها الشخصية قائلةً "لن يكون المجتمع الدولي قادراً على تحقيق أهداف التنمية المستدامة ما لم يتم ردم الفجوة بين الحكومات والمؤسسات الخاصة والعامة وتسهيل الوصول إلى اللاجئين ومساعدتهم، وأنا من خلال قصتي ووجودي في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي أريد أن أُبيّن أن قوة التعليم يمكن أن تغير حياة الناس".وتناول الدكتور أحمد العوضي، في خطاب مُلهم بعنوان "الجينوم الإماراتي... رحلة لاكتشاف مستقبل صحي أفضل"، أهمية مشروع برنامج الجينوم الإماراتي الرائد عالمياً، مشيراً إلى أنه مشروع بحثي وطني طموح يهدف إلى وضع خارطة جينية شاملة لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة بهدف تسريع وتيرة تطوير حلول الرعاية الصحية والوقائية والمخصصة، وذلك باستخدام أحدث تقنيات التسلسل الجيني والذكاء الاصطناعي.وتحدث العوضي عن ماهية الجينوم وتعريفه، مُوضحاً أنه يمثل كامل المادة الوراثية الموجودة في خلايا الكائن الحي، والمعروفة بالحمض النووي "دي إن إيه"، وقال "عملت دولة الإمارات العربية المتحدة على نشر التوعية ببرنامج الجينوم من خلال التواصل مع أكثر من 700 جهة حكومية وخاصة، وعقد أكثر من 725 ورشة تعريفية بالبرنامج، بالإضافة إلى زيارة أكثر من 1000 مؤسسة ومكان عمل".وأكد مدير برنامج الجينوم الإماراتي على أهمية الاتصال في نجاح المشروع من حيث تفاعل المشاركين وتوعيتهم بأهمية البرنامج إلى جانب التحديات التي واجهت فريق عمله المنتشر في كافة أنحاء الدولة، حيث أن البرنامج يهدف إلى البحث عن مسببات الأمراض الوراثية، مما يتيح للباحثين والأطباء دراسة هذه المسببات بشكل متعمق لوضع خطط علاجية فعالة، بهدف بناء مجتمع إماراتي أكثر صحة.واختتم صانع المحتوى العالمي زاكري ديرينوسكي الكلمات المُلهمة بخطاب بعنوان: "صورة الإنسانية تتجلى بالاتصال العاطفي"، مؤكداً أن التواصل بين الشخص والآخرين يمكن أن يكون له تأثير عميق على حياتنا ويعمل على تغيير الحياة إلى درجة كبيرة، مشيراً إلى ضرورة أن تعمل وسائل التواصل الاجتماعي لبناء مجتمعاتٍ تدعو للخير والتعاطف بين الناس.وشارك ديرينوسكي تجربته الشخصية عندما بدأ دراسته في كلية الطب، حيث كان يعيش مع أحد زملائه من أستراليا. في إحدى الأيام، كان في حالة نفسية سيئة وكانت الأمطار غزيرة، فجلست سيدتان رأتاه يبكي وتواصلتا معه بكل عطف وإنسانية. وقال"هذا التواصل البسيط غير حياتي للأبد، حيث شعرت بالراحة عند التحدث مع هؤلاء الغرباء".وأوضح ديرينوسكي فكرة التواصل العاطفي والتعاطف مع الآخرين والتي أصبحت مؤثرة بشكلٍ كبير قائلاً "التواصل مع شخص غير معروف يمنح الإنسان شعوراً مختلفاً تماماً عن التواصل مع الأشخاص المعروفين لنا، لأننا نحدثهم بأشياء قد لا نستطيع أن نحدث بها من نعرفه، هذا الاتصال العاطفي مع الغرباء ألهمني لتغيير مسار حياتي، حيث قررت أن أترك دراسة الطب واتجه إلى صناعة المحتوى الذي يمكنني من التواصل مع الغرباء ومشاركة قصصهم وتجاربهم ومساعدتهم".واختتم ديرينوسكي حديثه باستعراض عددٍ من القصص الحقيقية التي برزت فيها الإنسانية ودور وأهمية التواصل في تعزيز حياتنا الإنسانية والشعور بأننا جزء من مجتمع أكبر.وشهد سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي الجلسة الحوارية التي حملت عنوان "عندما تتحول المغامرة إلى قوة ناعمة" تحدث فيها كل من: الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة، وأحمد الهنداوي، مبعوث الأمم المتحدة السابق للشباب، والأمين العام للمنظمة العالمية للحركة الكشفية، وأنيلي بومبي، الُمغامِرة والرياضية السويدية.وأشار الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي إلى أنّ اقتصاد المغامرة يتمتع بالعديد من الفرص الواعدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي إمارة الشارقة على وجه التحديد، حيث أن هناك إمكانات كبيرة للُمغامرة بفضل ما تتميّز به الدولة من بيئة مستقرّة وأمن وظيفي وغيرها، وقال // المغامرة في ريادة الأعمال تتطلب توفّر عناصر مهمة على رأسها الفرص، وقد نجحت إمارة الشارقة في الاستثمار في التعليم والثقافة وريادة الأعمال، كما لدينا مشروع تحت مسمى "شراع" يعمل على تمكين الشباب لتأسيس أعمالهم الخاصة والناشئة.ولفت رئيس دائرة العلاقات الحكومية إلى دور المغامرة في رفع الوعي والتعلّم، قائلاً "المغامرة تمنح الأشخاص مجالاً لتطوير تجاربهم وخبراتهم، ورفع الوعي لدى الأفراد، وقد تابعنا ذلك من خلال سياحة المغامرة هنا في إمارة الشارقة، حيث أن الجيل الجديد يركّز بشكل أساسي على الحصول على تجارب جديدة تُسهم في صقل شخصياتهم بشكل أكبر".وتناول أحمد الهنداوي في مشاركته، أهمية التعليم القائم على المغامرة في دعم اقتصاد المستقبل وتوفير بيئة محفزة للإبداع، إلى جانب العلاقة التفاعلية بين اقتصاد المغامرة والقوة الناعمة، وكيف يمكن للدول أن تستخدم هذه المجالات لتعزيز جودة الحياة والرفاهية.وقال المبعوث السابق للأمم المتحدة للشباب "لابد من توفير بيئة تفاعلية تُحفز على تبادل الأفكار والخبرات خارج إطار التعليم التقليدي، وهذا لا يتحقق إلا من خلال التواصل المستمر والدعم المؤسساتي لكافة مكونات المجتمع. والحركة الكشفية اليوم باتت تمثّل امتداداً وتاريخاً كبيراً وحضوراً واسعاً حول العالم، وهي تعتمد برامج تقوم بشكل أساسي على المغامرة عبر دمج الأنشطة البدنية مع العمل وروح الفريق والقدرة على معالجة التحديات. ومن هنا أدعو الشباب إلى عدم الاكتفاء بالتعليم التقليدي بل لا بدّ من الخروج عن هذا النمط لأنّ معظم الخبرات التي تكتسبها أجيال اليوم مصدرها يكمن في النشاطات الخارجية والكشفية".من جانبها قالت أنيلي بومبي أن القوة الناعمة عبر المغامرة تكمن في إيصال رسالة الإلهام إلى الآخرين، وتشجيع الآخرين على التواصل المستمر مع الطبيعة ومع الآخرين، وقالت "حُظيت بفرصة السفر لـ 7 قارات وتسلّق أعلى القمم الجبلية في كلّ قارة، وهذا الأمر مرتبط ارتباطاً وثيقاً باقتصاد المغامرة من خلال دعم السياحة والترويج بقوة لتلك البلدان، وبالتأكيد فإنّ المغامرة بحدّ ذاتها تشكّل اليوم مصدر دخل أيضاً من خلال منصات التواصل الاجتماعي، وباعتقادي لا بدّ أن يكون هناك شكل مستدام من أنشطة سياحة المغامرة والأنشطة الكشفية لنشر ثقافتنا وطبيعة بلداننا".وتمثل الدورة الـ 13 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي منصة معرفية تهدف إلى مناقشة وتحليل مستقبل الاتصال المبتكر وأثره على الحكومات في تحقيق الأهداف التنموية، ويتضمن مجموعة متنوعة من الجلسات والخطابات والحوارات وورش العمل، التي تناقش أهمية الاتصال المبتكر في ظل توجه حكومات العالم نحو تبني مفهوم الحكومات المرنة لتعزيز الابتكار وتطوير الفرص المستقبلية، للمساهمة في تعزيز الجهود العالمية لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة.