لعل من أكبر أسباب النجاح في أي مؤسسة هو مراجعة وتطوير الآليات والإجراءات بين فترة وأخرى، وقياس الأداء ومدى فاعلية الاستراتيجيات المتبعة، وتحليل النتائج والبيانات لمعرفة مواطن القصور أو الخلل، ومن ثم أعمال التصحيح، بما يسهم في رفع الكفاءة.هذا ما حدث في بعض قطاعات الحكومة الموقرة، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الموقر، حفظه الله ورعاه، ويحدث على فترات ليست بالبعيدة، ولعل آخرها وأبرزها ما حققه المرسوم بقانون رقم (12) لسنة 2024 بتعديل المادة (40) من القانون رقم (19) لسنة 2006 بشأن تنظيم سوق العمل، والمتعلق بإجراءات وضوابط التصالح في الجرائم المتعلقة بتصاريح العمل، والذي يجيز التصالح في جريمة استخدام عامل أجنبي دون صدور تصريح عمل له، وتفعيل التدرج في العقوبة بما يسمح لمن ارتكب الجريمة عن غير عمد أو لظروف مادية، أن يسارع في تصحيح الخطأ.الفقرة (ب) من المادة (23) من قانون تنظيم سوق العمل، تحظر على صاحب العمل استخدام عامل أجنبي دون صدور تصريح عمل، وكانت عقوبتها فورية وضربة قاضية على جيب المواطن فجأة دون أي تسامح، وهو ما أرهق عشرات الشركات البحرينية التي قد تحدث لديها تلك الجريمة بسبب مشكلات متمثلة في الإمكانات المادية والسيولة، حيث كانت الغرامة تبلغ 1000 دينار، ولا يمكن لأي مواطن صاحب عمل أن يفلت منها عند الضبط، وتكون المصيبة أكبر على من لديه عمالة أجنبية كبيرة مثل شركات المقاولات والأيدي العاملة.واليوم بعد هذا المرسوم، فقد انخفضت تلك الغرامة إلى 500 دينار فقط، وهو ما يسمح لاستمرارية الشركات التي كان أحد أسباب غلقها هو السيولة وعدم القدرة على تجديد تراخيص عمالها، وتأتي الغرامة في صيغة «التصالح» بحيث تعتبر في هذا السياق جرس إنذار، لأنه في حالة العودة سيتم سداد مبلغ 1000 دينار.أما بالنسبة للتدرج الخاص باستخدام العامل الأجنبي، الذي كان مصرحاً له باستخدامه، بعد انتهاء تصريح العمل، فيبدأ من مبلغ 100 دينار للتصالح في حال ضبط المخالفة خلال العشرة أيام الأولى بعد انتهاء التصريح، و200 دينار بعد انقضاء عشرة أيام، وقبل انقضاء عشرين يوماً، وفي حال ضبط المخالفة بعد انقضاء عشرين يوماً، وقبل انقضاء الثلاثين يوماً، يسدد مبلغ 300 دينار، أما في حال انقضاء الثلاثين يوماً، فيتم التصالح بسداد الحد الأدنى للغرامة المقررة للجريمة.هذه الأمور التي قد يراها البعض أنها بسيطة، هي في الحقيقة تعتبر من أكثر القرارات المؤثرة في انتعاش سوق العمل البحريني الذي يعاني أصلاً من تحديات كبيرة تواجهه، ولذلك عندما تنظر الحكومة نظرة أقرب للشارع، فإنها بذلك تشارك هؤلاء في تعزيز قدراتهم، وتستمع لمقترحاتهم وشكاواهم وتنفذها بعد دراسة وتمحيص، فشكراً لحكومتنا المستجيبة.* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية