البحرين

د.الشويخ لـ«الوطن»: 33 بلاغَ اتجارٍ بالأشخاص منذ بداية العام وإحالة 12 منهم للقضاء

أيمن شكل
البحرين أول دولة تفتتح مركز خبرة وتدريب إقليمي لمكافحة الاتجار بالبشر
الاتجار بالبشر يتطلب إلماماً دقيقاً بالوقائع كونه يتداخل مع جرائم أخرى
تنسيق زيارات ميدانية بين النيابة والآداب وسوق العمل للفنادق وأماكن العمل
الاستغلال الجنسي والدعارة أكثر صور أشكال الاستغلال المرتكبة بالبحرين
تدريب أعضاء النيابة ومأموري الضبط القضائي لرفع قدراتهم على اكتشاف الجرائم
منذ صدور القانون المختص لم تعرض أي قضايا اتجار بالأطفال بالفضاء الإلكتروني
توقيع مذكرات تفاهم مع بلدان عدة لتوثيق التعاون بمكافحة جرائم الاتجار بالبشر
"النيابة العامة تلقت 33 بلاغاً منذ بداية العام الجاري تتعلق بجرائم الاتجار بالبشر، بينها العمل القسري والاستغلال الجنسي"، هذا ما كشفه رئيس نيابة الاتجار بالأشخاص د. علي الشويخ في حوار لـ"الوطن"، مشيرا إلى إحالة 12 قضية للمحكمة الكبرى الجنائية، من بينهم 10 قضايا تتعلق بالاستغلال الجنسي وقضيتان بشأن العمل القسري، فيما تم استبعاد شبهة جريمة الاتجار بالأشخاص لـ 6 قضايا وإحالتها للنيابة المختصة وثماني قضايا تم حفظها إداريا، ويجري التحقيق حاليا في 7 قضايا.

وأشار رئيس نيابة الاتجار بالأشخاص إلى أن البحرين تعد أول دولة عربية تنشئ نيابة متخصصة في هذه القضايا، وافتتحت أول مركز خبرة وتدريب إقليمي في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، كما أنشأت مركز إيواء تابع للجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص.

وقال إن تلك الجرائم تتطلب إلماماً بها على نحو دقيق كونها تتداخل مع بعض الجرائم الأخرى، حيث يتم التنسيق مع إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية الآداب العامة وهيئة تنظيم سوق العمل، للقيام بالزيارات الميدانية والكشف الدوري على أماكن العمل والسياحة، وإعداد البحوث والدراسات اللازمة للوقوف على الطرق المستحدثة في ارتكاب تلك الجرائم.

وفيما يلي نص الحوار مع رئيس نيابة الاتجار بالأشخاص د.علي الشويخ:

- هل لك أن تعطينا فكرة عن ماهية الاتجار بالأشخاص؟

يقصد بالاتجار بالأشخاص، تجنيد شخص أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله بغرض إساءة الاستغلال، وذلك عن طريق الإكراه أو التهديد أو الحيلة أو باستغلال الوظيفة أو النفوذ أو بإساءة استعمال سلطة ما على ذلك الشخص أو بأية وسيلة أخرى غير مشروعة، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة. وتشمل إساءة الاستغلال، استغلال ذلك الشخص في الدعارة، أو في أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاعتداء الجنسي، أو العمل أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء.

كما يعتبر اتجاراً بالأشخاص تجنيد أو نقل أو تنقيل أو إيواء أو استقبال من هم دون الثامنة عشرة أو من هم في حالة ظرفية أو شخصية لا يمكن معها الاعتداد برضائهم أو حرية اختيارهم، متى كان ذلك بغرض إساءة استغلالهم ولو لم يقترن الفعل بأي من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة السابقة.

- ماهي العناصر أو المرتكزات الرئيسية التي اعتمدتها التقارير السابقة لوزارة الخارجية الأمريكية المعنية بمكافحة الاتجار بالأشخاص؟

في الحقيقة أن مبادئ حقوق الإنسان بمختلف صورها تحظى باهتمام بالغ من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، والدعم المستمر من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.

وإن مملكة البحرين قامت بعدة مبادرات وإنجازات في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص سواء على مستوى البنية التشريعية، أو من خلال تفعيل النصوص القانونية، والتي بناءً عليها تم إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وما تقوم به من دور فعال وكبير في هذا المجال سواء من خلال التوعية بمخاطر هذه الجريمة أو التنسيق بين الجهات المختصة، كذلك قامت مملكة البحرين بإنشاء مركز إيواء تابع للجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وافتتاح أول مركز خبرة وتدريب إقليمي في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص في مملكة البحرين، وتعد البحرين أول دولة عربية تنشئ نيابة متخصصة في هذه القضايا، وهو قرار يدعم الجهود الوطنية المختصة والمعنية بمكافحة الاتجار بالأشخاص، ويعزز من مكانة مملكة البحرين المتقدمة التي تحظى بها على المستوى الدولي في مكافحة هذا النوع من الجرائم، حيث تأسست نيابة الاتجار بالأشخاص بموجب قرار النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين رقم ( 34 ) لسنة 2020، بهدف توفير بيئة متخصصة ومتدربة من أعضاء النيابة العامة للتحقيق في مثل هذه الجرائم، والذي يتطلب إلماماً بها على نحو دقيق كونها تتداخل مع بعض الجرائم الأخرى؛ مما تنطوي على صورة الاستغلال التي تقوم بها جريمة الاتجار، بالإضافة إلى تعزيز الحماية الجنائية لضحايا الاتجار بالأشخاص على نحو يكفل للمجني عليه حقوقه المقررة بالقانون، فضلاً عن إطلاق مملكة البحرين برنامج حماية الأجور، ونظام الإحالة الوطني الذي يهدف إلى تعزيز إجراءات مكافحة الاتجار بالأشخاص، وتوضيح وتنظيم دور مختلف الجهات وآليات تعاملها مع أي حالة اتجار، أو يشتبه في إمكانية تحولها إلى حالة اتجار.

وفيما يتعلق بالتنسيق بين النيابة العامة والجهات ذات الصلة فهناك تعاون ودور فعال بين الجهات الوطنية المعنية بمكافحة الاتجار بالأشخاص، ويتم التنسيق مع إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية الآداب العامة وهيئة تنظيم سوق العمل، للقيام بالزيارات الميدانية والكشف الدوري على أماكن العمل والسياحة للتأكد من وجود أية مخالفة لقانون الاتجار بالأشخاص أو القوانين الأخرى ذات الصلة.

- وما هي اختصاصات نيابة الاتجار بالأشخاص؟

تختص نيابة الاتجار بالأشخاص بالتحقيق والتصرف في كافة الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص وما يرتبط بها من جرائم أخرى، وينبسط اختصاصها على سائر إقليم المملكة، وأنه وبخلاف الدور القضائي الذي تضطلع به فإنه أنيط بها التفتيش على مراكز الإيواء وزيارتها وإعداد البحوث والدراسات اللازمة للوقوف على الطرق المستحدثة في ارتكاب تلك الجرائم، والتنسيق فيما بينها وبين اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، لإعداد التقارير والمقترحات القانونية عند وضع برامج منع ومكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية ضحايا الاتجار بالأشخاص من معاودة إيذائهم.

- وكيف كان يتم التعامل مع قضايا الاتجار بالأشخاص قبل إنشاء نيابة متخصصة لمثل هذه الجرائم؟

التحقيق في هذه القضايا كانت من اختصاص نيابة العاصمة وذلك منذ صدور القانون سنة 2008م، حيث تم تخصيص عدد من أعضاء النيابة للتحقيق في مثل هذه الجرائم بعد إخضاعهم للتدريب المطلوب.

- تتنوع أشكال الاستغلال والاتجار بالأشخاص في مختلف المجتمعات، فما هي تلك الأشكال؟

أشكال الاستغلال تتنوع سواء كانت بغرض الاستغلال الجنسي، أو الدعارة، أو العمل القسري، أو نزع الأعضاء، أو الاتجار بالأطفال، أو استغلال عقود العمل، وإن كان الاستغلال الجنسي والدعارة هو أكثر صور أشكال الاستغلال التي يرتكبها الجناة في مملكة البحرين.

- هل دور النيابة العامة مباشرة التحقيق في جرائم الاتجار بالأشخاص أم لها دور توعوي لمنع ارتكاب الجريمة؟

بدايةً أشير إلى أن هناك تعليمات من سعادة الدكتور علي بن فضل البوعينين النائب العام بضرورة مشاركة النيابة العامة في دعم استراتيجية المكافحة من خلال ما نقف عليه أثناء التحقيق من طرق مستحدثة في ارتكاب الجريمة، بحيث يتم إخطار اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص من أجل وضعها ضمن خطة المكافحة، كما تولي النيابة العامة أولوية قصوى نحو تثقيف وتوعية كافة فئات المجتمع بتلك الجرائم، للحد من وقوعها وعدم تعرض أي من فئات المجتمع لإساءة الاستغلال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي أو القسري أو الممارسات الشبيهة، وذلك من خلال عقد الندوات وورش العمل للجهات الحقوقية المعنية والبيانات الصحفية والتثقيفية الصادرة عن النيابة العامة، فضلاً عن التنسيق المستمر مع معهد الدراسات القضائية والقانونية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات للتدريب المستمر لتدريب أعضاء النيابة ومأموري الضبط القضائي ورفع القدرات في مجال اكتشاف الجريمة والتحقيق فيها ومواكبة التطور لهذه الجريمة والخروج من النمطية وتطوير أساليبهم في التحقيق، فضلاً عما تقوم به نيابة الاتجار بالأشخاص من نشر دوري للقضايا المحالة للمحاكمة، أو التي صدرت بشأنها أحكام.

- من واقع عملكم هل عرضت عليكم قضايا متعلقة بالاتجار بالأطفال باستخدام الوسائل الإلكترونية؟

منذ صدور القانون وحتى تاريخه لم تعرض علينا قضايا متعلقة بالاتجار بالأطفال من خلال الفضاء الإلكتروني، وعلى الرغم من ذلك فالتنسيق بين النيابة العامة والجهات الأخرى المختصة مستمر فيما يتعلق بالتوعية لمنع وقوع جريمة الاتجار بالأشخاص بمختلف صورها وبغض النظر عن سن المجني عليه أو جنسه أو جنسيته.

- بتقديركم، هل ساهمت التشريعات في مواجهة مرتكبي هذه الجريمة وتشديد العقوبة؟

بالتأكيد، حيث يمثل قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص الإطار القانوني للتعامل مع القضايا المتعلقة بالجريمة والتحقيق ومقاضاة ومعاقبة المتهمين في قضايا الاتجار بالأشخاص، وقد جعل المشرع البحريني جريمة الاتجار بالأشخاص من ضمن فئات الجنايات التي تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد فضلاً عن الغرامة المالية الإلزامية التي لا تقل عن ألفي دينار ولا تجاوز عشرة آلاف دينار، فضلاً عن إلزام الجاني بدفع مصاريف إعادة المجني عليه إلى دولته إذا كان أجنبياً.

- ما عدد القضايا التي باشرتها النيابة منذ بداية العام الجاري؟

ورد للنيابة العامة 33 بلاغ تنوعت الجرائم فيها ما بين العمل القسري والاستغلال الجنسي، وتم مباشرة إجراءات التحقيق في جميع البلاغات، وقد أمرت نيابة الاتجار بالأشخاص بإحالة 12 قضية - 10 منهم استغلال جنسي، واثنتان عمل قسري - إلى المحكمة الكبرى الجنائية، و 6 قضايا تم استبعاد شبهة جريمة الاتجار بالأشخاص وإحالتها إلى النيابة المختصة بناء على جرائم أخرى منها التحريض أو الإجبار على الدعارة، أو الاعتداء على سلامة جسم الغير، أو حجز الأجور، أو مزاولة عمل دون ترخيص، و8 قضايا تم استبعاد شبهة الجريمة وحفظها إدارياً، و7 قضايا قيد التحقيق. وأود الإضافة بأنه يتم مباشرة التحقيق في مثل هذه القضايا على نحو يكفل معه سرعة التصرف في القضية بإحالته إلى المحكمة وفقاً لما يتوافر للنيابة العامة من أدلة.

- وما هي الآليات المتبعة للتعامل مع المجني عليهم عن جرائم الاتجار بالأشخاص؟

تبادر النيابة العامة فور تلقيها البلاغات الخاصة بالاتجار بالأشخاص بالتحقيق في الواقعة على الفور وتجميع الأدلة قبل المتهمين، والتنسيق مع الجهات المعنية لتقديم كافة أوجه الدعم والرعاية الصحية والنفسية للضحايا، وعلى سبيل المثال إيداع المجني عليهم لمركز الإيواء التابع للجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، علاوة على التنسيق مع «صندوق دعم الضحايا»، وذلك بهدف توفير الحماية والمساعدة لضحية جريمة الاتجار بالأشخاص، وعند رغبة المجني عليه البقاء في مملكة البحرين والحصول على فرصة عمل يتم اتخاذ الإجراءات التي نص عليها قانون الاتجار بالأشخاص فيما يتعلق بتوفير له عمل مناسب وتصحيح وضعه القانوني، فضلاً عن اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق من استغل المجني عليهم، وتقديمه للعدالة.

- هل يوجد تنسيق دولي لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص وغسل الأموال وتمويل الإرهاب؟

قامت النيابة العامة بتوقيع عدة مذكرات تفاهم مع بلدان مختلفة بغية توثيق أواصر التعاون بينهما وتعزيز الجهود الثنائية ودعم فعالية إنفاذ القانون والملاحقة القضائية الفعالة في كافة الجرائم وخاصة فيما يتعلق بجرائم الاتجار بالأشخاص، نظراً للطبيعة الدولية لهذه الجرائم والتي تعتبر من الجرائم العابرة للحدود، وما قد يتكشف من خلالها من جرائم غسل تستوجب اتخاذ الإجراءات القانونية وإجراء تحقيق موازٍ بالتنسيق مع نيابة الجرائم المالية وغسل الأموال من أجل الوصول إلى الجناة وضبطهم وضبط الأموال سواء على النطاق الداخلي أو الدولي.

- أمام هذا التقدم الكبير الذي وصلت إليه المملكة في مجال مكافحة هذه الجريمة النكراء، هل هناك دول إقليمية استفادت من الخبرات البحرينية في هذا المجال؟

دائمًا نؤكد على أن مواجهة التحديات في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص يتطلب تكثيف التعاون والتنسيق في مجال تبادل الخبرات بين دول المنطقة، وذلك لضمان التصدي الجاد لهذه الجريمة، لذلك دائمًا ترحب البحرين بالدول الراغبة بالاستفادة من تجربة المملكة، كما نحرص على المشاركة في جميع اللقاءات والمنتديات الخارجية سواء الخليجية أو العربية أو الإقليمية أو الدولية للاطلاع على أحدث التجارب الدولية في هذا المجال بهدف خلق رؤية موحدة، ووضع حلول مبتكرة لضمان التصدي الجاد والفاعل لجريمة الاتجار بالأشخاص العابرة للحدود، إذا أخذنا في الاعتبار تنامي الحاجة لتعزيز الجهود، والتوسع في أدوات مكافحتها، والتركيز على أكثر صور الجريمة ممارسة، مثل الاستغلال الجنسي، والعمل القسري وهو باب لا يمكن غض الطرف عنه في ظل موجبات هذا العصر وما فيه من تقدم تقني.

كذلك لا ننسى أن التحديات القائمة والمتغيرة، وتطور الجريمة وتنوع أدواتها وتباين مؤشراتها، يستدعي استدامة وفعالية أي منظومة في مجال مكافحتها. لذا دائماً نمد يد العون للتنسيق مع كافة الدول الراغبة في الاطلاع على تجربة البحرين الرائدة في هذا المجال، وتبادل الخبرات.

- وختاماً، ما الرسالة التي توجّهونها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص ؟

تؤكد النيابة العامة حرصها على تصديها بكل حسم في إطار القانون لكافة صور جرائم الاتجار بالأشخاص، ولن تتوانى فيما تتخذه من إجراءات لتحقيق العدلة الناجزة تحقيقاً للسلم والأمن الاجتماعي بما خولها القانون من إجراءات واختصاصات وبما تحمله من أمانة تمثيل المجتمع والمحافظة على حقوقه وسلامته، إيماناً منها برسالتها في تحقيق العدالة والإنصاف اللذين يقتضيان ملاحقة الجناة لتقديمهم إلى المحاكمة.

**media[3093879]**