حسن الستري
رأت الحكومة أن مشروع القانون النيابي المتضمن "إلغاء استقطاع التأمين ضد التعطل من المؤمن عليها، وتضمين 1% من إيرادات القيمة المضافة لموارد صندوق التعطل" يتعارض مع جوهر نظام التأمين ضد التعطل وأغراضه ووسائل تمويله، ويحيله إلى نظام الضمان الاجتماعي، كما أنه في غير صالح الميزانية العامة للدولة.وقالت في مذكرتها الإيضاحية: "حرص الدستور دعم وتعزيز دور التأمين الاجتماعي، حيث ناط بالدولة في الحدود التي يبينها القانون كفالة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين بجميع فئاتهم في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو التيتم أو الترمل أو البطالة، بما ينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع وفقاً لما أكده نص المادة (4) من الدستور، بما يعني أن الدولة لا تنفرد وحدها بمتطلبات التأمين الاجتماعي، ولا أن تتحمل وحدها دون غيرها أعباءها، وإلا كان ذلك تقويضاً لركائز التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع، ومن ثم كان منطقياً أن يتضافر معها المستفيدون من خلال مشاركتهم في تمويل تكاليف التأمين الاجتماعي عن طريق الاشتراكات التي يؤدونها، حيث تمثل هذه المشاركة جانباً من الوعاء الذي توجهه الدولة إلى المشمولين بأحكام التأمين".ونظام التأمين ضد التعطل، هو أحد أنظمة التأمين الاجتماعي، ولذلك يتكافل بموجبه المستفيدون جميعهم من النظام، بهدف وجود دخل دوري يفي بمتطلبات الحياة الكريمة للمستفيدين من أحكامه عند حدوث الخطر المؤمن ضده، من خلال توفير دخل بديل للعاطلين عن العمل، أو الفئات المعرضة للبطالة، فهو نظام تأميني وقانوني متكامل وطبقاً لنص المادة (1) من المرسوم بقانون رقم (78) لسنة 2006 سالف الذكر؛ فإن "المستفيد" هو: "المؤمن عليه أو الباحث عن العمل لأول مرة - بحسب الأحوال - والذي يستحق التعويض أو الإعانة في حالة التعطل بموجب أحكام هذا القانون"، وبينت المادة (5) موارد الحساب، ومن بينها:الاشتراكات الشهرية المنصوص عليها في المادة (6) من القانون والمبالغ الإضافية والفوائد المستحقة في حالات التأخير، وما تخصصه الدولة للحساب من اعتمادات، وتسدد اشتراكات التأمين ضد التعطل بنسبة 1% من الأجر يدفعها المؤمن عليه شهرياً، و1% من أجور المؤمن عليهم يدفعها صاحب العمل شهرياً، ويتحمل صندوق العمل سداد حصة أصحاب العمل عن المؤمن عليهم العاملين في القطاع الأهلي، و 1% من أجور المؤمن عليهم تدفعها الحكومة شهرياً، إعمالاً للمادة (6) من القانون، وبذلك يفرض المرسوم بقانون رقم (78) لسنة 2006 سالف الذكر على أطراف العلاقة التأمينية المساهمة في تمويل الصندوق المنشأ بموجبه والمخصص للصرف على أوجه الإنفاق المحددة فيه، إلا أنه قد تراءى عند وضع هذا النظام أن يشمل فئة الباحثين عن عمل لأول مرة، برغم من عدم دفعهم أية اشتراكات، تكريساً لمبدأ التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.ولذلك؛ فإن الأصل في حساب التأمين ضد التعطل، شأن أي نظام تأميني أنه يقوم على فكرة التمويل من اشتراكات المؤمن عليهم، وعلى اعتبار اجتماعي، مؤداه فكرة التضامن بين من تجمعهم ظروف متشابهة، ومن ثم فإن وقف استقطاع نسبة 1% من رواتب الموظفين والعاملين في القطاعين العام والخاص لحساب التأمين ضد التعطل، وهي النسبة التي تمثل اشتراكهم في حساب التأمين ضد التعطل، وسداد تلك النسبة من خلال الاقتطاع من إيراد ضريبة القيمة المضافة يتعارض مع مفهوم نظام التأمين ضد التعطل كنظام تأميني، ويحيله إلى نظام الضمان الاجتماعي الذي تموله الدولة كاملاً لمساعدة بعض الفئات الاجتماعية، سيما وأن صندوق العمل (تمكين) يتحمل سداد حصة أصحاب العمل عن المؤمن عليهم العاملين في القطاع الأهلي.وأوضحت الحكومة أن ضريبة القيمة المضافة هي أحد مصادر الإيرادات غير النفطية التي تمول الميزانية العامة للدولة دون تخصيص إيراداتها لمصروف معين طبقًا لنص المادة (13) من قانون الميزانية العامة الصادر بالمرسوم بقانون رقم (39) لسنة 2002 وتعديلاته، والتي تقضي بتخصيص إيرادات الدولة بمجموعها لتغطية المصروفات العامة بمجموعها، وعدم جواز تخصيص أي إيراد من الإيرادات العامة لتغطية مصروف معين من المصروفات العامة إلا بقانون، وتخصيص نسبة من عوائد ضريبة القيمة المضافة لحساب التأمين ضد التعطل، بالإضافة إلى النسبة التي تدفعها الحكومة شهرياً، فضلاً عما يخصص لهذا الحساب من اعتمادات في الميزانية العامة في ضوء الدراسات الاكتوارية طبقًا لأحكام القانون، يعد ازدواجًا في تخصيص هذا التمويل بشكل مباشر من عوائد القيمة المضافة، وبشكل غير مباشر من الميزانية العامة للدولة التي تدخل القيمة المضافة ضمن مصادر تمويلها. وهو ما يترتب عليه التأثير سلبًا على الإيرادات المحصلة من تلك الضريبة باعتبارها من الأموال العامة، وأحد المصادر الرئيسية الهامة للإيرادات غير النفطية للميزانية العامة للدولة، ورافداً أساسياً من روافدها التي تمكن الدولة من القيام بمهامها، بما يؤدي حتماً إلى زيادة عجز الميزانية التي تخضع لبرنامج التوازن المالي الذي يستهدف بصفة أساسية الحد من العجز الكلي في الميزانية العامة، بما يؤثر على المركز الاقتصادي للمملكة.