الرأي

بحرنا ضحية تخبّطنا

عوداً على موضوع المواطن أولاً وأمنه الغذائي أولاً، واسمحوا لنا أن نصرّ ونتمسّك بهذا الموضوع إلى أن نرى أن بحرنا قد استعاد عافيته ونزل سعر الأسماك إلى القدر الذي يكون في متناول يد المواطن من ذوي الدخل المحدود ويغنينا عن الاستيراد، لأن المخالفات مازالت موجودة رغم الملاحقات الأمنية لأن منابع الخلل مازالت تعمل بلا كلل حتى وصلنا إلى أن نستورد السمك ونحن الأرخبيل!!
الحمد لله أن لدينا ملكاً يحرص على أن يكون المواطن أولاً، ففي أبريل من هذا العام نذكر بأنه إنفاذاً لتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، لعمل ضوابط لتنمية الثروة السمكية وحمايتها والاستمرار في عملية الاستزراع السمكي بما يفي متطلبات واحتياجات السوق المحلي، بالإضافة إلى وضع الإجراءات التي من شأنها المحافظة على الثروة السمكية باعتبارها من الموارد المهمة للمواطنين، وبمتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، لكل ما من شأنه أن يسهم في الحفاظ على الثروة البحرية، ورفد الأمن الغذائي في المملكة، أصدر سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة الممثل الشخصي لجلالة الملك المعظم رئيس المجلس الأعلى للبيئة، القرار رقم (1) لسنة 2024 بشأن حظر تصدير الأسماك والربيان والأحياء البحرية الأخرى.
وذلك لأنه قبل شهر من هذا التوجيه صرّح رئيس نيابة الوزارات والجهات العامة بإحالة النيابة العامة عدداً من المسؤولين بسبع وعشرين شركة إلى المحاكمة الجنائية بتهمة تصدير الأسماك وأصناف الثروة البحرية دون الحصول على موافقة الإدارة المختصة بالمخالفة لأحكام القانون (انظروا حجم المخالفات).
ثم في 17 أبريل صرّح رئيس نيابة الوزارات والجهات العامة بأن المحكمة الصغرى الجنائية أصدرت حكمها بإدانة عدد عشرة من مسؤولي عدد من الشركات لقيامهم بتصدير الأسماك وأصناف الثروة البحرية دون الحصول على موافقة الإدارة المختصة، وذلك بالمخالفة لأحكام القانون، وذلك بأن قضت بتغريمهم مبلغ ألف دينار.
مؤشرات جديّة على الملاحقات، ولكن من يكسب مئات الآلاف وربما الملايين من عمله لا يهمه غرامة الألف دينار التي سيدفعها ويواصل ما كان يقوم به، لذلك مازلنا نرى عشرات إن لم تكن مئات من قوارب صيد الروبيان والقباقب تسرح في البحر بشباكها المحظورة التي -على فكرة- لا سبيل لصيد القشريات إلا بها، وذلك لأننا نشرّع القوانين التي بها المخالفة محظورة ونقيضها مسموح!!
فكيف نمنع استخدام شباك الكرف ثم نجيز صيد الروبيان والقباقب من جهة أخرى ستة أشهر، وكيف نمنع التصدير كما جاء في التوجيه الملكي ثم توجد لدينا شركات تصدير مموّلة من بنك التنمية تُعلن وبكل فخر أن 86% من منتجاتها للتصدير وثلاثة أرباع منتجاتها روبيان!! ولا ينزل السوق إلا 14% فقط منه، فأين المواطن أولاً؟ وأين توجيه جلالة الملك؟
لذلك صيد الروبيان والقشريات واحد من أهم أسباب موت بحرنا سريرياً، والتصدير أمعن في كرف الأرض وجرفها جرفاً، والربح يأتي من هذه التجارة التي تخالف التوجيهات وتخالف المصلحة العامة وتعتاش على تناقضات قوانيننا.
فرخص الصيد تؤجَّر لأصحاب القوارب، وهؤلاء برخص وبدون رخص يستخدمون الشباك المحظورة، وهؤلاء يخرجون بقوافل أمام مرأى العين يتمّ تصويرهم وتصوير مكان خروجهم وعودتهم ثم يبيعونه على شركات التصدير، وشركات التصدير تشتري الصيد كله منهم وتصدّر غالبيته للخارج، وفي صيده دمار للبحر فيموت صغار السمك، وفي تصديره ارتفاع للسعر.