الرأي

ما أشبه الليلة بنهاية عصر المصريين القدماء

سيسجل التاريخ الحديث، ما قبل السابع عشر من سبتمبر الجاري مرحلة، وما بعدها مرحلة جديدة تماماً في مصائر الشعوب والحروب والاقتصاد والأمن على مستوى العالم.
فما إن بدأت تتوالى انفجارات أجهزة «البيجر» في لبنان وسقوط مصابين وقتلى، حتى بدأ العالم ينتفض رعباً من كل الأجهزة الحديثة التي تحيط به من كل جانب، وركضت الصحف العالمية خلف خبراء الأمن السيبراني والمحللين العسكريين لمحاولة معرفة كيفية حدوث هذه الانفجارات، وطرحت أسئلة مخيفة مثل: هل ستكون أجهزتنا الإلكترونية قنابل موقوتة يمكن أن تقتلنا، سواء كان التلفون أو اللابتوب أو حتى السيارة الكهربائية أو أي أجهزة لها صلة بالإنترنت؟
ولقد كتبت قبل فترة عن مشكلة اختراق حسابات عملاء في البنوك، وبيّنت أن الخطأ يحدث من العميل، لكن اليوم أودّ إضافة شيء جديد، لكي نحاول حماية أنفسنا وأموالنا ومجتمعاتنا بل وبلداننا في مرحلة ما بعد 17 سبتمبر، لأن الأمر بات خطراً وجودياً ويهدد المجتمع وليس الفرد، فبالنظر إلى عدد الضحايا الكبير، لا يمكن أن نعتبر الأمر يسيراً وممكن اتخاذ بعض الإجراءات الأمنية أو التحديثات التي تلقيها إلينا شركات الهواتف لتنتهي المشكلة.
وهنا أطرح سؤالاً عريضاً بشأن الثقة العمياء التي نعيشها اليوم جميعاً، مع الإنترنت بشكل عام، وشركات مثل غوغل وأبل وأندرويد وتطبيقات أخرى لا يمكن حصرها، فلقد وثقنا في تلك الشركات وأعطيناها مفاتيح خزائننا بأريحية غير طبيعية.. من منا يحفظ اليوم كلمات السر الخاصة بحساباته البنكية، والتي تم تسجيلها على سحابيات أبل وغوغل ومايكروسوفت؟ وكيف نثق بأن ما نكتبه من كلمات سر -غير محفوظة على الهواتف- هي أيضاً غير مكشوفة لصانعي الأجهزة والتطبيقات؟
أعزائي العملاء ومستخدمي الهواتف الذكية، يؤسفني أن أبلغكم أن ذكاء تلك الهواتف، قد تطور وأصبحت شاشات الهواتف عبارة عن فوهات بنادق مصوبة نحو وجوهنا، كما أن سياراتنا في المستقبل ستكون توابيت متحركة ومؤقتة -بحسب صانعها- الذي قد يفكر يقتلنا لو رفضنا الانصياع لما يريده.
هناك نظرية حديثة حول الآثار المصرية القديمة، تشير إلى وجود تقدّم تقني غير طبيعي في صناعة تلك الآثار، لا يتوافق مع الأزمنة التي صنعت فيها، ويقول أصحاب تلك النظرية أن البشر في ذلك العصر كانوا متطورين أكثر من عصرنا نحن اليوم، لكن حدث شيء مجهول، ليبدأ بعده عصر جديد لبشر لم يشهدوا ذاك التطور الكبير، وبدأت الخليقة الحبو في العلم حتى وصلنا لما نحن عليه اليوم.
وأظن أننا اليوم في مرحلة مماثلة لنهايات عصر المصريين القدماء الذين اختفوا دون ترك أثر لكيفية بناء تلك المعجزات الإنشائية، فما أشبه الليلة بعصر المصريين القدماء.