الرأي

هل مات «حسن نصرالله»؟!

الحدث يفرض نفسه ويجعل الحديث فيه بديهياً، لكن أغرب الأسئلة التي تواردت بشأن مقتل أمين عام حزب الله الذراع العسكري لإيران، هو «هل بالفعل مات حسن نصرالله»؟!
رغم الأنباء عن انتشال جثته وقرب إقامة جنازته، إلا أن التساؤل يذكرنا بآخر؛ حينما أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، لكن الغريب إعلانهم عدم نشر صوره، وسحب الخبر المتضمن صورة له على اعتبارها مزيفة، ومن ثم الإعلان عن رمي الجيش الأمريكي لجثة بن لادن في البحر!
أيعقل زعيم تنظيم إرهابي تطارده أمريكا لسنوات، وبعد أن تقتله ترمي جثته بسهولة؟! حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له، ولا تستغربوا إن عاد بن لادن للظهور، فالصفقات الأمريكية في الخفاء وتحت الكواليس أكثر من تلكم التي على السطح.
لكن اليوم الثابت بأن حسن نصرالله قتل، وهو أمر اعتبرته إسرائيل انتصاراً مثلما اعتبرت أمريكا قتل بن لادن انتصاراً.
كبحرينيين إن كنا سنتحدث عن ممثل الخامنئي ومحتل جنوب لبنان والموجه لفيلق القدس الذي لم يزحف باتجاه القدس يوماً، بل زحف ليقتل العرب في سوريا وأشاع في الدول الخليجية والعربية أجواء الإرهاب وتجنيد المرتزقة لضرب العرب والمسلمين، إن كنا سنتحدث عن حسن نصرالله، فإن لنا في البحرين ذكريات عديدة وثوابت وشواهد ومعنا أهل الخليج العربي على استهدافه لدولنا ورموزنا، وعلى تحريضه ضد أمن بلادنا، وعلى استغلال الدين والمذهب ليقلب بعض ضعاف الانتماء الوطني ضد أوطانهم.
لا يهمنا ما حصل، والمعادلة هنا تصدق «الظالم يضرب الظالم»، فالأهم لدينا أولاً وأخيراً هي «البحرين» بلادنا، وقيادتنا الرشيدة حفظها الله، وشعب هذه الأرض الطيبة الذي عليه إدراك حجم نعمة الأمن والأمان والاستقرار، وأن يرى حواليه الأمثلة على الفوضى والدمار والضياع، حينما تسود الأجندات وتضيع الأوطان بضياع الأمن والاستقرار، وحينما تغلب الأطماع الشخصية والأهداف الثيوقراطية على هدف حماية الناس ومنحهم الحياة الكريمة، وعلى فرص النماء والتطوير وصناعة المستقبل.
كلام العقل يوزن بالذهب، والأوطان لا يُرخص بها، والأمن لا تتم المقامرة به، بالتالي ترفع القبعة لصاحب الكلام المسؤول الموجه للعقول، والذي يشدد على إدراك أكبر نعمة حبانا الله بها في هذه الأرض، ألا وهي نعمة الأمن والأمان.
الرجل الوطني القوي المخلص معالي الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية وجه رسائل صريحة وواضحة لأصحاب العقول الراجحة، وأصحاب الحصافة في إدراك المهم بالنسبة لنا في بلادنا التي ندعو الله أن يحفظها ويبعد عنها الشرور، ويحفظ أهلها بجميع تلاوينهم من كل كيد وفتنة.
مثلما قال معالي الشيخ راشد، اليقظة والوعي والثبات والتماسك الوطني والانتماء للبحرين، هي الركائز المطلوبة اليوم في مجتمعنا في ظل الأوضاع الراهنة، والتصعيد في المنطقة، وحفظ الآباء لأبنائهم منها، والمعنى واضح ومعروف تماماً؛ فأمن بلادنا واستقرارها ورفض إقلاق السلم الأهلي والمحافظة على النظام العام هي مسؤولية الجميع، فالبحرين ومصلحتها أَولى من أية اعتبارات، ومن لديه أية حسابات ثانية فليبعدها عن أرضنا، أو ليذهب حيث يكون ولاؤه للأسف.
في البحرين، انتماؤنا لهذا التراب الطاهر، والذي كان وسيظل بإذن الله دوماً عصياً على من طمع به، أياً كان، وولاؤنا لقائد واحد هو حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملكنا المعظم، الرجل الذي بقيادته وثباته واجهت البحرين منعطفات صعبة، لكن الله كتب لها الأمن والسلامة والخير، وما دون ذلك لا يقارن بأمن بلادنا وسلامة أهلها.
لا أحد يريد التوتر والحروب، لكننا اليوم نعيش وسط مماحكات صريحة وواضحة، فالصراع في الشرق الأوسط يتمدد بشكل يخلخل موازين القوى، وعمليات تصفية اللاعبين الرئيسيين تتم بشكل فيه «نمط» يقود لتحليلات عدة، إذ هناك لاعبون أكبر، وهم مازالوا على الساحة، ووسط ضياع حقوق شعوب هنا، وانتهاك أمن دول هناك، من الطبيعي أن يكون حرص الدول على أمنها واستقرارها ومنع أية تأثيرات تطالها هي أهم الأولويات.