احتفل العالم باليوم العالمي للمعلم، هذه المهنة التي تأتي على رأس سائر المهن، فالمدارس هي المصانع التي تُعدّ لنا خرجين محترفين لشغل باقي الوظائف؛ فالمعلم هو الركيزة الأساسية في بناء المجتمع وتطويره، دوره لا يقتصر فقط على نقل المعرفة، بل يمتد ليشمل تشكيل القيم والأخلاق لدى الأجيال الناشئة، من خلال تفاعله اليومي مع الطلاب، كما يسهم المعلم في بناء شخصياتهم وتوجيههم نحو مستقبل مشرق، وهو الذي يزرع بذور المعرفة وينميهـــا لتصبــح أشجـــاراً مثمرة. ويتجاوز تأثير المعلم حدود الفصل الدراسي ليصل إلى المجتمع بأسره، فهو القدوة والموجّه، الذي يساهم في تشكيل عقول الشباب وتوجيههم نحو الطريق الصحيح.وفي هذا اليوم نتقدّم بالشكر الجزيل لكل المعلمين الأجلاّء الذين أشرفوا على تعليمنا، ولجميع المعلمين الذين يواصلون سعيهم لتعليم أبنائنا، فدوركم مقدّر جداً.كتبت مراراً وتكراراً عن مكانة المعلم، ومازلت أتطلّع إلى تغيير الهياكل التعليمية، وزيادة الأجور والمزايا الوظيفية للمعلم تحديداً لأنه أساس «بناء العقول»، وها هي تجربة ماليزيا شاهدة أمام العالم أجمع، فعندما تمّ تعزيز مكانة المعلم في المجتمع الماليزي واتخاذ خطوات جادّة لتحسين ظروف المعلمين المهنية والمعيشية وزيادة رواتبهم وتوفير برامج تدريبية مستمرة لتطوير مهاراتهم، لم تتحسّن العملية التعليمية وحسب، ولم تتحسّن مخرجاتها، بل تغيّرت الدولة بأسرها وأصبحت دولة متقدّمة رغم شحّ مواردها الطبيعية.ومن وجهة نظري المتواضعة، أنه من الضروري جداً أن نتبنّى سياسات تهدف إلى تحسين ظروف المعلمين، من حيث زيادة الرواتب وتوفير بيئة عمل محفّزة تُتيح للمعلمين تطوير مهاراتهم باستمرار. كما يجب تقديم حوافز مادية ومعنوية للمعلمين المتميزين، وتشجيعهم على الابتكار في طرق التدريس، حيث من شأن هذه الإجراءات أن تُساهم في جذب الكفاءات إلى مهنة التعليم، وتحسين جودة التعليم بشكل عام.رأيي المتواضعمن أنجح المشاريع الاستثمارية في العنصر البشري البحريني هو «كلية المعلمين»، حيث تلعب هذه الكلية دوراً محورياً في إعداد المعلمين وتأهيلهم، وتقديم برامج تعليمية متطوّرة تهدف إلى تزويد المعلمين بالمعرفة والمهارات اللازمة لمواجهة تحديات التعليم الحديثة. بالإضافة إلى ذلك، توفر الكلية فرصاً للتدريب المستمر، مما يُساهم في تطوير قدرات المعلمين وتحسين أدائهم. هذا الدور الحيوي للكلية يعزّز من جودة التعليم في المملكة، ويساهم في بناء مجتمع متعلم ومثقف.هذا المشروع الوطني أرفد القطاع التعليمي بمعلمين متسلحين بأحدث الخبرات في المجال التربوي، معلمين مؤمنين برسالة التعليم، فالتعليم من وجهة نظري المتواضعة ليس وظيفة، بل هو «رسالة». وكم أتمنّى أن أرى الجامعة الأُمّ وباقي الجامعات في مملكة البحريني تحتضن الأستاذ الجامعي البحريني، وتجعله خياراً مفضّلاً في التوظيف، لاسيما مع ارتفاع أعداد حَمَلة الشهادات العليا في المملكة.إن مقابلة صاحب الجلالة المعظم مؤخراً لأبنائه الطلبة المتفوقين والطواقم التعليمية، لهي خير شاهد على ما توليه المملكة وقيادتها من اهتمام ورعية بالتعليم والمعلمين، وكل عام وكل «معلم» بخير.